البنك المركزي التركي يثبت سعر الفائدة عند 50% للشهر التاسع مع تراجع الليرة وغلاء الأسعار

21 نوفمبر 2024
البنك المركزي التركي في أنقرة، 8 فبراير 2024 (آدم ألتان/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السياسة النقدية والتضخم: البنك المركزي التركي يثبت سعر الفائدة عند 50% للشهر التاسع، ضمن سياسة التشديد النقدي لمواجهة التضخم الذي بلغ 48.58% في أكتوبر، بهدف جذب فائض السيولة من الأسواق.

- التضخم والأجور: تركيا تواجه صعوبة في خفض التضخم إلى خانة الآحاد بحلول 2026، مع ارتفاع الأجور بنسبة 107% في 2023 و49% في 2024، مما يزيد الضغوط التضخمية، وتسعى الحكومة لتحقيق توازن بين الأجور والقوة الشرائية.

- التوقعات الاقتصادية: تحسن الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي مع توقعات بزيادتها إلى 165 مليار دولار بنهاية 2025، وتوقعات بتخفيض سعر الفائدة تدريجياً اعتباراً من العام المقبل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

ثبّتت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي التركي، اليوم الخميس، سعر الفائدة عند 50% ضمن سياسة التشديد النقدي التي تعلنها، منذ تشكيل الحكومة في مايو/أيار العام الماضي واعتماد رفع سعر الفائدة، من 8.5% إلى 50%. وأعلن البنك تثبيت معدلات الفائدة دون تغيير، للشهر التاسع على التوالي، متماشياً مع التوقعات، مشيراً خلال بيان اليوم إلى أنه قرر الإبقاء على معدلات الفائدة عند 50%.

ووفقاً لنتائج استطلاع قامت بها قناة "إن تي في" (ntv) التركية توقع جميع الاقتصاديين الاستمرار بسياسة التشديد النقدي، وأن يظل سعر الفائدة ثابتاً عند 50%. وكانت آخر مرة قد رفع فيها البنك المركزي سعر الفائدة في مارس الماضي، بمقدار 500 نقطة أساس، منهياً بذلك دورة تشديد نقدي بدأت قبل ما يزيد عن عام، بهدف كبح ارتفاع الأسعار الذي استمر لسنوات.

وتراجع سعر الصرف اليوم بعد قرار المصرف المركزي، لتسجل الليرة مقابل الدولار 34.5515، في حين بلغ سعرها بعد تثبيت سعر الفائدة الشهر الماضي 34.1629، كما يستمر تذبذب سعر الصرف للعملات الأجنبية وسط ترقب الأسواق. ولم يحن وقت التراجع عن سياسة التشدد النقدي برأي المسؤولين الأتراك، لذا يرون ضرورة الاستمرار بتثبيت سعر الفائدة المرتفع ليجذب فائض السيولة من الأسواق، للمساهمة بكسر التضخم، وتراجع نسبته التي بدأت تظهر خلال الأشهر الأخيرة.

هذا فضلاً عن التحكم بنسبة التضخم وكسرها لخانة الآحاد نهاية عام 2026 ضمن خطة الفريق الاقتصادي الحكومي كما أعلنه في البرنامج الاقتصادي، رغم أن تراجع التضخم الشهري لم يكن كما التوقعات وتصريحات المسؤولين الذين وعدوا بالرفاهية وتخفيض نسبة التضخم المترافقة مع ارتفاع مستمر للأسعار، إذ لم تزل نسبة التضخم عند 48.58% خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وهذا ما يأكل الدخل ويزيد من معاناة الأتراك، خاصة بعد رفض الحكومة زيادة الحد الأدنى للأجور مرة ثانية خلال العام الجاري وإبقائه عند 17.02 ليرة تركية، رغم ارتفاع نسب الجوع والفقر بالبلاد، بحسب تقرير للاتحاد التركي لنقابات العمال "Türk-İş" لشهر أكتوبر الماضي، إلى 20 ألفاً و432 ليرة تركية، في حين بلغ حد الفقر 66 ألفاً و553 ليرة تركية. أما تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب، فقد وصلت 26 ألفاً و527 ليرة تركية.

ويشير تقرير لوكالة بلومبيرغ اليوم إلى تداعيات خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن استمرار زيادات الحد الأدنى للأجور في التفوق على معدلات التضخم خلال عام 2025. وجاء إعلان أردوغان بعد عودته من قمة مجموعة العشرين بالبرازيل، حيث برر الأمر بكونه يهدف إلى حماية القوة الشرائية للعمال، في ظل استمرار الضغوط التضخمية.

خبير: الحكومة التركية محكومة بعدم تخفيض سعر الفائدة لتحافظ على السيولة بالمصارف، لأن تخفيض الفائدة، وخاصة بنسب كبيرة سيزيد من المعروض النقدي الذي سيترافق مع زيادة الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي سيزيد من تراجع سعر صرف الليرة التركية

وبحسب تقرير بلومبيرغ، تعد زيادات الأجور أحد العوامل الحاسمة التي تحدد التضخم في العام المقبل، ويأمل المستثمرون في زيادات "مدروسة" تتماشى مع توقعات البنك المركزي التي تشير إلى انخفاض التضخم إلى 21% بنهاية 2025.

وكان الحد الأدنى للأجور قد ارتفع في عام 2023 بنسبة كبيرة بلغت 107%، متجاوزاً معدل التضخم السنوي البالغ 65% وقتذاك، وفي عام 2024 زادت الأجور بنسبة 49%، وهو ما يفوق توقعات البنك المركزي للتضخم بـ5%، في حين يستمر الجدل هذه الآونة، حول نسبة رفع الحد الأدنى للأجور، خلال إعلان الحكومة لبدء مفاوضات الزيادات في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ويقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن الحكومة التركية محكومة بعدم تخفيض سعر الفائدة لتحافظ على السيولة بالمصارف، لأن تخفيض الفائدة، وخاصة بنسب كبيرة سيزيد من المعروض النقدي الذي سيترافق مع زيادة الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي سيزيد من تراجع سعر صرف الليرة التركية.

ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن نتائج خطة الفريق الحكومي "بطيئة" ولم تنعكس على الأسعار ورفاهية المستهلكين، حسب الوعود، لكن المؤشرات العامة "تسير على الطريق الصحيح، سواء التصنيف الائتماني الدولي أو استقطاب الاستثمارات، أو حتى زيادة الاحتياطي بالمصرف المركزي، وهذ المؤشرات دليل ثقة وقوة، خاصة إن ترافقت هذا العام مع زيادة الصادرات وعائدات السياحة".

ويتوقع الاقتصادي التركي أن يبدأ المصرف المركزي منذ العام المقبل بتخفيض سعر الفائدة "بشكل دوري، ولكن بنسب قليلة"، ويستدرك: "قد لا نصل لسعر فائدة منخفض كالذي كان قبل تشكيل الحكومة الحالية وخطة الوزير محمد شيمشك بالعودة للشكل الكلاسيكي بتخفيض التضخم، أي عبر الفائدة المرتفعة".

وبحسب مصادر تركية رسمية، فقد ارتفعت الاحتياطيات الصافية من النقد الأجنبي للبنك المركزي من عجز بقيمة 75 مليار دولار في إبريل/نيسان الماضي إلى فائض قدره 6 مليارات دولار بحلول نهاية أغسطس/آب 2024. وتتوقع المصادر ارتفاع الاحتياطيات إلى 158 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وإلى 165 مليار دولار بنهاية 2025. لكن تبقى معيشة الأتراك هي فيصل نجاح برنامج الحكومة الاقتصادي، إذ تتزايد أعباء المعيشة، بواقع القيمة الشرائية لليرة المتراجعة باستمرار، واستمرار ارتفاع الأسعار، رغم الوعود الحكومية بلجمها، وتراجع نسبة التضخم، وتحقيق "الرفاهية"، كما هدف البرنامج الحكومي.

المساهمون