البنك الدولي يرصد تنامياً لمخاطر الركود العالمي في 2023

16 سبتمبر 2022
مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (فرانس برس)
+ الخط -

حذرت دراسة جديدة صادرة عن "البنك الدولي" أمس الخميس، من أن العالم ربما يكون في طريقه نحو ركود عالمي مع رفع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة في وقت واحد لمكافحة التضخم المستمر، مشيرة إلى أن أكبر 3 اقتصادات وهي الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو تتباطأ بشكل حاد، وأنه حتى "ضربة متوسطة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تدفعه إلى الركود".

ونبهت الدراسة إلى أن الاقتصاد العالمي يمر الآن بأشد تباطؤ في أعقاب الانتعاش الذي تلا الركود في عام 1970 وأن ثقة المستهلك تراجعت بالفعل بشكل حاد أكثر مما كانت عليه في الفترة التي سبقت فترات الركود العالمي السابقة، وفقا لما أوردت "رويترز".

رئيس البنك ديفيد مالباس لفت إلى أن "النمو العالمي يتباطأ بشكل حاد، معتبرا أن هناك احتمال حدوث مزيد من التباطؤ مع دخول المزيد من الدول في حالة ركود"، معربا عن القلق من استمرار هذه الاتجاهات، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

وذكر البنك أن الزيادات المتزامنة في أسعار الفائدة على مستوى العالم وإجراءات السياسة ذات الصلة من المرجح أن تستمر في العام المقبل، لكنها قد لا تكون كافية لإعادة التضخم إلى المستويات التي كان عليها قبل جائحة كورونا.

ولدفع التضخم إلى الانخفاض، قد تحتاج البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة نقطتين مئويتين إضافيتين، علاوة على الزيادة البالغة نقطتين مئويتين التي تحققت بالفعل فوق متوسط 2021. لكن البنك قال إن زيادة بهذا الحجم، إلى جانب ضغوط الأسواق المالية، من شأنها أن تبطئ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.5% في عام 2023، أو تسبب انكماشا بنسبة 0.4% من حيث نصيب الفرد، وهو ما سيلبي شروط التعريف الفني للركود العالمي.

وقال مالباس إن على صانعي السياسات تحويل تركيزهم من تقليل الاستهلاك إلى تعزيز الإنتاج، بما في ذلك بذل جهود لخلق استثمارات إضافية وزيادة الإنتاجية، فيما ذكر البنك أن فترات الركود السابقة أظهرت مخاطر السماح للتضخم بالبقاء مرتفعا لفترة طويلة بينما يكون النمو ضعيفا، مشيرا إلى أن الركود الاقتصادي في عام 1982 تسبب في أكثر من 40 أزمة ديون.

وعقب صدور التقرير مباشرة، أنهت "وول ستريت" التعاملات على انخفاض الخميس، بعد أن وسعت خسائرها في وقت متأخر من التداول، حيث أخفقت مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية في تغيير المسار المتوقع لتشديد السياسة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) وسط تحذيرات متزايدة من ركود عالمي.

وتسارعت عمليات البيع في نهاية الجلسة، وضغطت أسهم رائدة، منها مايكروسوفت وأبل وأمازون على المؤشر ناسداك، المتخم بأسهم التكنولوجيا. وساعدت أسهم البنوك الحساسة لسعر الفائدة في تخفيف الضغط عن مؤشر داو جونز.

وعززت مجموعة متباينة من البيانات الاقتصادية، بقيادة مبيعات التجزئة التي جاءت أفضل من المتوقع، احتمالية رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى في ختام اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأسبوع المقبل.

وتراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بمقدار 44.4 نقطة أو 1.13% ليغلق عند 3901.61 نقطة، بينما خسر ناسداك المجمع 166.19 نقطة أو 1.42% ليهبط إلى 11553.49 نقطة، وتراجع داو جونز الصناعي 173.24 نقطة أو 0.56% إلى 30961.85 نقطة عند الإغلاق.

"ركود شتوي" يهدّد ألمانيا بسبب أزمة الطاقة

والأحد الفائت، قدّم رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل توقعات متشائمة مرتقبا "احتمال" الدخول في حالة ركود نهاية هذا العام وبداية 2023. وقال للإذاعة العامة "هناك عدد من العناصر" التي تميل الى هذا السيناريو.

ووفقًا للمعهد، لن تعود الأوضاع الى "طبيعتها" قبل عام 2024 مع "نمو بنسبة 1,8%". أما معدل التضخم فيتوقع ان يصل إلى 9.3% العام المقبل بعد تسجيل نسبة 8.1% في عام 2022. ويتوقع البنك المركزي الألماني زيادة التضخم إلى أكثر من 10% خلال عام واحد في ديسمبر/كانون الأول ثم إلى "أكثر من 6%" في عام 2023.

توصيات دراسة البنك الدولي حول الركود الاقتصادي المرتقب

هذا وخلصت دراسة البنك الدولي إلى أنه ينبغي للبنوك المركزية أن تواصل جهودها لاحتواء التضخم، وهو ما يمكن القيام به دون التسبُّب في ركود اقتصادي عالمي. ولكن ذلك سيتطلب إجراءات مُنسَّقة من طائفة متنوعة من جانب واضعي السياسات:

كما أن البنوك المركزية يجب أن تعلن بوضوح عن قرارات السياسات مع الحفاظ على استقلاليتها. فقد يساعد هذا على تثبيت توقعات التضخم والحد من درجة التشديد المطلوب للسياسات النقدية.

وفي الاقتصادات المتقدمة، يجب أن تضع البنوك المركزية في اعتبارها التداعيات غير المباشرة العابرة للحدود لتشديد السياسات النقدية. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، يجب أن تعمل هذه البنوك على تقوية القواعد التنظيمية الاحترازية الكلية، وتكوين احتياطات من النقد الأجنبي.

وسيتعين على السلطات النقدية أن تدرس بعناية سحب الدعم الذي تتيحه السياسات مع الحفاظ على الاتساق مع أهداف السياسة النقدية.

ومن المتوقع أن تصل نسبة البلدان التي تقوم بتشديد سياساتها المالية العام القادم إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل التسعينيات. وقد يؤدي هذا إلى تضخيم آثار السياسة النقدية على النمو. ويجب أيضا على واضعي السياسات وضع خطط موثوق بها للمالية العامة في الأمد المتوسط، وتقديم مساعدات مُوجَّهة إلى الأسر الأشد احتياجاً والأولى بالرعاية.

وسيتعين على واضعي السياسات الاقتصادية الآخرين الانضمام إلى جهود مكافحة التضخم، لاسيما من خلال اتخاذ خطوات لتعزيز سلاسل الإمدادات العالمية.

وتشمل هذه الجهود ما يلي:

1 - تخفيف القيود على سوق العمل: يجب أن تساعد تدابير السياسات على زيادة المشاركة في القوى العاملة وتقليص ضغوط الأسعار. ويمكن أن تسهم سياسات سوق العمل في تسهيل إعادة توزيع العمال المسرحين.

2 - تعزيز الإمدادات العالمية من السلع الأولية: يمكن أن يقطع التنسيق العالمي شوطا كبيرا في زيادة الإمدادات من المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. وفيما يتعلق بسلع الطاقة، يجب على واضعي السياسات تسريع التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون واتخاذ تدابير للحد من استهلاك الطاقة.

3 - تقوية شبكات التجارة العالمية: يجب على واضعي السياسات العمل لتخفيف الاختناقات في سلاسل الإمدادات العالمية. وينبغي لهم مساندة نظام اقتصادي دولي قائم على القواعد، يتجنب خطر السياسات الحمائية والتفتت الذي قد يؤدي إلى مزيد من التعطيل لشبكات التجارة.

المساهمون