البنك الدولي يتهم السياسيين اللبنانيين بالانتهازية والقسوة بشأن وعود الودائع

03 اغسطس 2022
احتجاج ضد تجميد الودائع وسياسات مصرف لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

اتهم البنك الدولي السياسيين اللبنانيين بالقسوة والانتهازية بشأن "قدسية الودائع" المجمدة في القطاع المصرفي المنهار، مشيرا إلى أنها "تتعارض بشكل صارخ مع الواقع".

ويعيش لبنان الآن في ثالث سنة من الانهيار المالي، الذي خلف ثمانية من كل عشرة أشخاص فقراء، والذي يقول البنك الدولي إنه متعمد وقد يكون واحداً من أسوأ ثلاثة انهيارات مالية في العصر الحديث.

شعارات جوفاء

وقال البنك في تقرير صدر، نشره على موقعه الإلكتروني، اليوم الأربعاء، إن "الشعارات السياسية حول قدسية الودائع جوفاء وانتهازية. في الواقع، فإن إساءة استخدام السياسيين لهذا المصطلح أمر قاس".

وأضاف التقرير "المصطلح لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ فحسب، بل إنه يمنع إيجاد حلول لحماية معظم، إن لم يكن كل، أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة".

ويشير التقرير إلى أن الخسائر في القطاع المالي، التي تقدرها الحكومة بأكثر من 70 مليار دولار، كان ينبغي قبولها في بداية الأزمة من قبل مساهمي البنوك وكبار الدائنين "الذين استفادوا بشكل كبير خلال 30 عاماً من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية".

ويستكشف التقرير ما إذا كان النموذج الاقتصادي للبلاد منذ أوائل التسعينيات يرقى إلى "مخطط بونزي"، وهو نوع من الاحتيال الذي يضمن دفع عوائد للمستثمرين الحاليين من أموال المستثمرين الجدد.

ويلفت إلى أن المالية العام في لبنان استُخدمت في فترة ما بعد الحرب الأهلية كأداة لسيطرة ممنهجة على موارد البلاد، فساعدت على خدمة مصالح نظام اقتصاد سياسي متجذِّر.

خلق وهم الاستقرار

كما استُخدِم التراكم المفرط للديون لخلق وهم الاستقرار وتعزيز الثقة في النظام المالي الكلي، حتى يستمر جذب الودائع، وفق البنك الدولي، الذي أشار إلى أن الكساد الذي كان متعمداً خلال الأعوام الثلاثين الماضية أدى إلى إفراغ الدولة من قدراتها على تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين.

ويلفت إلى أن الأزمة الراهنة أدت إلى تفاقم أوجه النقص الخطيرة والسائدة منذ وقت طويل في تمويل الخدمات العامة الأساسية للمواطنين، من المياه، والكهرباء، والنقل، والرعاية الصحية، والتعليم، والحماية الاجتماعية.

ويقول إن الصدمات المتعاقبة التي أصابت لبنان منذ 2019 أثرت على جانبي العرض والطلب لقطاعات الاقتصاد الحيوية، وكشفت الأزمات عن هشاشة نظام تقديم الخدمات في البلد، وهو نفسه نتاج سيطرة النخبة على موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية.

ويعتبر أن إضعاف تقديم الخدمات العامة جاء بشكل مُتعمد لإفادة فئة محدودة على حساب الشعب اللبناني، مضيفا أن المواطنين كانوا في نهاية المطاف يدفعون تكاليف مضاعفة، ويحصلون على منتجات أو خدمات ذات جودة متدنية، وكانت الآثار أيضاً تنازلية بدرجة كبيرة، حيث تؤثِّر على الشرائح السكانية ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض بدرجة أكبر كثيراً من غيرهم.

ويشدد البنك الدولي على أن معالجة هذه الأوضاع الهشة تتطلب برنامجاً على الأمد المتوسط إلى الطويل، مؤكد أن الشعب اللبناني يحتاج إلى مساعدات فورية، والأهم من ذلك تبني سياسات مسؤولة من قبل السلطات.

ويقترح التقرير سلسلة من التدابير والسياسات الكلية والقطاعية لتلبية الاحتياجات الفورية للسكان، وفي الوقت ذاته تنفيذ إصلاحات في الأمد المتوسط إلى الطويل لتحسين القدرة على توفير الخدمات واستدامتها وقابليتها على الصمود في وجه الصدمات.

حوكمة ومساءلة

وتُركز التدابير المقترحة على ثلاثة أهداف رئيسية: ضمان استدامة الخدمات الأساسية ويُسر تكلفتها، وتعزيز الإنصاف في الإنفاق العام، ورفع كفاءة الإنفاق العام في مختلف القطاعات.

ويتابع: "على لبنان أن يعتمد على نحو عاجل وبفعالية برنامجاً شاملاً لإصلاحات المالية العامة الكلية، والإصلاحات المالية والقطاعية التي تخصص أولوية للحوكمة والمساءلة والشمول، وكلما تم الإسراع في تنفيذ هذه الإصلاحات، خفت الآثار المؤلمة لعملية التعافي على الشعب اللبناني".

المساهمون