يتوقع البنك الدولي أن تنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 5.2% في العام الحالي، وهو أسرع معدل للنمو منذ عام 2016، غير أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج الداخلي الخام سيتجاوز بالكاد مستويات ما قبل الجائحة.
وتعتبر المؤسسة المالية الدولية أنه إذا ما تحققت تنبؤاتها في التقرير الصادر اليوم الخميس، الذي يحمل عنوان "مراجعة الحقائق: تنبؤات النمو في منظمة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أوقات عدم اليقين"، فإن "11 من بين 17 اقتصاداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد لا تتعافى إلى مستويات ما قبل الجائحة بنهاية 2022".
وأكد البنك في تقريره أن النمو الاقتصادي المتوقع سيأتي بفضل "العائدات غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط، التي تصبّ في مصلحة البلدان المصدرة للنفط في المنطقة"، غير أن "الحالة المتنامية من عدم اليقين تحيط بهذه التنبؤات بسبب الحرب في أوكرانيا والتهديدات المستمرة من متحورات كورونا".
وتوقع البنك أن تسجل المنطقة تعافياً متفاوتاً، إذ "تستفيد البلدان المنتجة للنفط من ارتفاع الأسعار إلى جانب زيادة معدلات التطعيم من كورونا، في حين تتأخر البلدان التي تعاني من أوضاع الهشاشة".
غير أن "مخاطر التضخم تتنامى في المنطقة بأسرها بسبب تشديد السياسة النقدية على الصعيد العالمي، وعدم القدرة على التنبؤ بتطورات جائحة كورونا، واستمرار الاضطرابات في سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية".
يقول فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "الحقيقة المرة هي أن لا أحد خرج من مرحلة الخطر بعد. فلا يزال خطر ظهور متحورات جديدة من فيروس كورونا قائماً، وأدت الحرب في أوكرانيا إلى مضاعفة المخاطر، ولا سيما بالنسبة إلى الفقراء الذين يتحملون وطأة الزيادة في أسعار الغذاء والطاقة. فالتحلي بقدر كبير من الواقعية بشأن تنبؤات النمو في المنطقة خلال هذه الأوقات من عدم اليقين أمر ضروري".
ويعتبر فريد بلحاج، حسب ما نقله عنه بيان للبنك الدولي، أن "مواجهة هذه الموجة من عدم اليقين تشكل تحدياً رئيسياً لواضعي السياسات، والبنك الدولي ملتزم العمل جنباً إلى جنبٍ مع الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال هذا الوقت الذي تتفاقم فيه المخاطر".
ويلاحظ البنك أن انخفاض قيمة العملة أدى في بعض بلدان المنطقة بالفعل إلى زيادة الضغوط التضخمية، مشيرة إلى أن "الاقتصادات التي تعاني من أوجه ضعف أمام الديون والمالية العامة ستواجه على الأرجح المزيد من التحديات مع سعيها إلى تمديد آجال الديون القائمة أو إصدار أدوات دين جديدة وسط تشديد شروط التمويل، فيما تهدف البنوك المركزية حول العالم إلى احتواء توقعات التضخم".
ويؤكد أن اندلاع الحرب في أوكرانيا يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية التي كانت الجائحة قد سببتها، حيث تعتمد بلدان المنطقة اعتماداً كبيراً على الواردات الغذائية، بما في ذلك القمح من روسيا وأوكرانيا.
ويترقب التقرير أن "يسبب الارتفاع في أسعار المواد الغذائية ومخاطر انعدام الأمن الغذائي إلحاق أكبر الضرر بالأسر الفقيرة على الأرجح، نظراً لأن الفقراء ينفقون عادة معظم دخلهم على الغذاء والطاقة بعكس الأسر الغنية".
ويضيف التقرير أنه "لم يتم بعد تحديد النطاق الكامل لآثار الحرب، ولكن الدلائل الأولية تشير إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها بالفعل اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما البلدان متوسطة الدخل المستوردة للنفط".
ويذهب إلى أنه رغم توقع ارتفاع معدل النمو إلى 5.2 في المائة، فإن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وهو مؤشر على مستويات المعيشة، "سيتجاوز بالكاد مستويات ما قبل الجائحة بسبب ضعف الأداء بشكل عام في السنة 2020-2021".
وينتظر أن ينمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 4.5 في المائة في عام 2022 في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط، ولكنه لن يتعافى إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023.
ويتوقع أن ينمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في البلدان متوسطة الدخل المصدرة للنفط في العام الحالي بنسبة 3 في المائة، وبنسبة 2.4 في المائة في البلدان المستوردة للنفط بالمنطقة، حيث إن "كلتا النسبتين بالكاد ترفع من مستويات المعيشة إلى ما كانت عليه قبل تفشي الجائحة".