البطيخ الإيراني يهدّد مزارعي العراق

18 مايو 2021
مخاوف من خسائر كبيرة للمزارعين بسبب إغراق أسواق البطيخ (فرانس برس)
+ الخط -

رغم وفرة المحاصيل الزراعية في السوق العراقية، ما زالت المحاصيل الإيرانية تنافسها وتفرض نفسها بقوة من خلال أسعارها المنخفضة والتي تسبب خسائر جسيمة للفلاحين، من دون أيّ تحرك حكومي في هذا الإطار، رغم تعهدات سابقة للحكومة بهذا الشأن.
ويشكو مزارعون عراقيون من إغراق السوق بالمحاصيل المستوردة من إيران على حساب العراقية في موسم حصادها ووفرتها في السوق المحلية، معبرين عن غضبهم من عجز الحكومة عن حماية المنتج المحلي والتشجيع على الإنتاج.

ومن بين أبرز المحاصيل التي يشتهر بها العراق وتتوفر في السوق العراقية في هذه الأيام، محصول البطيخ الأحمر والمعروف في العراق وأجزاء من سورية بـ"الرقي"، نسبة إلى مدينة الرقة السورية التي كانت تشتهر بهذا النوع من البطيخ.

لكنّ الأسواق العراقية تعاني حالياً من كساد المحصول المحلي بفعل منافسة نظيره الإيراني الذي يباع بنصف القيمة تقريباً.

اغراق السوق العراقية بالبطيخ المستورد تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين تقدر بالملايين

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال المزارع أحمد البلداوي إنّ "العراق يشهد هذا العام وفرة كبيرة جداً في محصول الرقي الأحمر، مبيناً أنّ هذه الوفرة تُمكّن العراق من التصدير إلى الدول الأخرى".

وأضاف أنّ "المُزارع العراقي يواجه صعوبة كبيرة في بيع محصوله بسبب منافسة الإيراني له"، لافتاً إلى أنّ المحاصيل الإيرانية تسيطر سيطرة شبه مطلقة على السوق العراقية كونها محمية من أحزاب وجماعات مسلحة ومتنفذين في الدولة، رغم أنّها لا تُقاس مع جودة المحاصيل المحلية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ومن جهته، قال المزارع جواد الغرباوي إنّ "المزارعين في العراق يتعرضون سنوياً في مثل هذه الأيام لخسائر كبيرة، وذلك بسبب استيراد الفواكه والخضار الإيرانية، خصوصاً الرقي الأحمر والبطيخ الأصفر، مع بداية موسم حصاد هذه المحاصيل التي يلقبها مزارعيها بـ"الذهب" لما تدرّه من أرباح كبيرة لهم".

ولفت في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "البطيخ في مناطق صلاح الدين وكركوك وديالى من المحاصيل الصيفية الأكثر أهمية لدى المزارعين، كونها تُعد مورداً اقتصادياً مهماً لآلاف المزارعين، لكنّها للأسف أصبحت محاربة من قبل السلطات التي تتعمد إغراق السوق بالسلع والخضار الإيرانية التي تباع بأسعار زهيدة".

العراق أصبح في الآونة الأخيرة سوق التصدير الإيرانية الأولى، حتى إنّ صادرات طهران إلى بغداد تجاوزت في بعض أشهر 2020 صادراتها إلى الصين

وحسب تقارير دولية سابقة، فإنّ العراق أصبح في الآونة الأخيرة سوق التصدير الإيرانية الأولى، حتى إنّ صادرات طهران إلى بغداد تجاوزت في بعض أشهر عام 2020 صادراتها إلى الصين، يقابل ذلك على الجانب الآخر، تعرض السوق العراقية بشكل دوري لضربات موجعة جراء تصاعد عمليات تهريب البضائع عبر الحدود، ومنها الفواكه والخضار والمواد الغذائية.
ويمتلك العراق نحو 22 منفذاً حدودياً مع دول الجوار على امتداد حدوده مع الدول الست المحيطة به.
ومن جهتها، قالت عضو لجنة الزراعة النيابية في الدورة البرلمانية السابقة، شروق العبايجي، إنّ "سياسة إغراق السوق العراقية بالمنتجات الزراعية، منذ عام 2003 حتى اللحظة، هدفها واضح، هو تدمير الاقتصاد العراقي، خصوصاً القطاع الزراعي، كونه يُعد من أهم وأبرز الروافد الاقتصادية لميزانية الدولة".

وأضافت في حديثها مع "العربي الجديد" أنّ "المحاصيل الزراعية في كلّ دول العالم تكون أرخص ثمناً من المنتجات المستوردة لتشجيع المستهلك على شرائها، إلاّ في العراق، وذلك لأنّ الحكومة العراقية لا تمتلك خططاً تنموية لحماية المنتج المحلي وتطوير القطاع الزراعي، رغم أنّ العراق يمتلك كلّ المقومات للنهوض بالواقع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي".

وفي هذا الصدد، قال مدير ناحية العظيم في محافظة ديالى، شرقي العراق، عبد الجبار أحمد العبيدي، في تصريح صحافي، إنّ "المدينة التي تعتبر من أشهر مناطق العراق في زراعة الرقي بدأت بتصدير المحصول ذي الجودة العالية تدريجياً، بدءاً من الشهر الحالي وحتى أوائل يوليو/ تموز المقبل، وهو الموسم الذهبي للمزارعين، ما يتطلب وقفة جادة ودعماً حكومياً للحفاظ على المنتج المحلي، وتفادي خسائر مادية جسيمة تطاول المزارعين في حال عدم إيقاف استيراد الرقي من دول أخرى" في إشارة إلى إيران.
إلى ذلك، قال عضو الجمعيات الفلاحية ناصر الحديدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنتج المحلي من البطيخ ومحاصيل زراعية أخرى تتعرض لمؤامرة حقيقية تهدف لطمس هوية المنتج العراقي"، لافتاً إلى أنّ "العراق، في مثل هذه الأيام، يحقق الاكتفاء الذاتي من كثير من المحاصيل الزراعية التي تقوم الحكومة على استيرادها من الخارج، خصوصاً من إيران".

وأضاف أنّ "إغراق السوق العراقية بالبطيخ المستورد تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين تقدر بالملايين".

المساهمون