أقرّ البرلمان اللبناني البند المتعلّق بفتح اعتمادات رواتب القطاع العام وبدل النقل، إلى جانب القانون الذي يرمي إلى تغطية إعطاء حوافز مالية وبدل نقل لأساتذة الجامعة اللبنانية.
وعُقدت صباح اليوم الاثنين، جلسة تشريعية خُصِّصت لإقرار البند المذكور، وذلك بعد إعلان وزارة المال أنها لن تتمكّن من صرف رواتب وتعويضات وأجور العاملين في القطاع العام المستحقة آخر شهر يونيو/حزيران الجاري، بسبب عدم تأمين الاعتمادات المالية ما سيحول دون القدرة على تحويل هذه الحقوق إلى أصحابها، مطالبةً المجلس النيابي بالانعقاد لحلّ الأزمة.
وانعقدت الجلسة اليوم على وقع خلافٍ سياسي حول دستورية اجتماع مجلس النواب وإقراره التشريعات، في ظلّ الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، الأمر الذي دفع بعض التكتلات النيابية إلى مقاطعتها، بينما اعتُبر أبرز الحاضرين "التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل)، رغم أنه يعتبر من أشد المتمسّكين بمبدأ حصر دور البرلمان بانتخاب رئيس الجمهورية.
واستهلّ رئيس البرلمان نبيه بري الجلسة التي حضرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بالقول: "في ناس شايفة (هناك من يرى) الدستور بأن لا تجتمع الحكومة وأن لا مجلس نيابي يعمل ويشرّع، وعليه إذا بدنا نرد على هؤلاء منبطل نشتغل".
في السياق، أكد نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب أن "الجلسة التشريعية اليوم ليست رسالة لأحد، بل لتأمين رواتب موظفي القطاع العام ببندٍ وحيدٍ"، مشيراً إلى أن "الرئيس بري يراعي تشريع الضرورة بينما الحكومة لا تراعي شيئاً".
جهوزية الموازنة
من جهته، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الجلسة أن "موازنة 2023 جاهزة، وسندعو إلى جلسات حكومية متتالية لإقرارها"، مشيراً إلى أن "وزارة المالية سترسل المشروع النهائي للموازنة إلى الحكومة قبل آخر شهر يونيو للبدء بمناقشتها".
وقال ميقاتي على وقع اعتراضات أيضاً لانعقاد الحكومة وبجدول أعمال فضفاض في ظلّ الشغور الرئاسي، إن "الحكومة تقوم بدورها بتسيير أمور الدولة والمواطنين، وليس هناك أي شيء شخصي يتم تمريره".
وقاطعت الجلسة اليوم قوى "المعارضة"، ولا سيما منها كتلة "القوات اللبنانية" (يرأسها سمير جعجع)، و"الكتائب اللبنانية" (يرأسها النائب سامي الجميل)، وكتل مستقلة، إلى جانب نواب من التغييريين (يمثلون انتفاضة 17 أكتوبر)، وذلك لرفضها انعقاد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
وقالت القوى المعارضة، في بيان، إن "موقفها نابعٌ من منطلق مبدئي ودستوري، حماية لحقوق اللبنانيين عامة وموظفي القطاع العام خاصة، فالمجلس النيابي الذي يصادر رئيسه إرادته سعياً إلى التطبيع مع الفراغ، لا يمكنه التشريع في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية بحسب الدستور، وهو يعد هيئة ناخبة حصراً حتى انتخاب الرئيس".
وأضافت أن "الجلسة غير دستورية أيضاً لأنه لا يمكن إقرار اعتمادات إضافية، في ظل غياب موازنة 2023 التي لم تعدها الحكومة الفاقدة للثقة النيابية والشعبية والتي لم تقدم أي حلول لكل الأزمات التي نعاني منها".
وأردفت أن "المطروح اليوم يعيدنا إلى المنطق نفسه الذي بدأ منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب غير المدروسة التي سرعت الانهيار، مروراً بالزيادات الأخيرة العشوائية غير الممولة على رواتب وأجور القطاع العام، والتي أدت إلى تضخم كانت نتيجته تدني القيمة الشرائية لهذه الرواتب إلى أقل من النصف".
واعتبرت أن "هذا النهج الذي يفتقد إلى الجدية وإلى رؤية وخطة شاملة، لا يمكنه معالجة المشاكل، خصوصاً في غياب مصادر تمويل فعلية لهذه الاعتمادات، بل سيؤدي إلى تضخم جديد يقلص قيمة الزيادة".
وبعد عجز البرلمان في الجلسة رقم 12 التي عقدت الأربعاء الماضي، عن انتخاب رئيس للجمهورية، دعا المقاطعون النواب إلى الالتئام فوراً تحت قبة البرلمان، في جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية، حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جمهورية إصلاحي، قراره حر، وملتزم بالحفاظ على سيادة لبنان، ويباشر بإعادة تكوين السلطة، في سبيل إطلاق عملية الإنقاذ، ومعالجة كل نتائج الأزمة بشكل مدروس وعلمي ومتاح، وعلى رأسها رواتب موظفي القطاع العام.
من جهته، برّر "التيار الوطني الحر" حضوره اليوم بحصر مشاركته في تشريع المسائل الضرورية التي تتعلق بمصلحة الدولة العليا أو القوة القاهرة، على أن لا يجري التوسّع بهذا التفسير، مع تأكيده أنه لن تجري المشاركة في أي تشريع مستقبلي لا تنطبق عليه وضعية الطارئ والضروري.
على صعيد متصل، أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان (ينتمي إلى التيار)، أن "السقف الوحيد الذي أتى بنا إلى الجلسة والموافقة على الاعتماد هو حقوق 400 ألف عائلة من عسكر وموظفين ومعلمين وضعتهم الأزمة تحت الأرض، والدولة معلقة على هؤلاء، فهل يجوز لنا بخلافاتنا الدستورية والسياسية أن ندفّع الثمن للناس؟ هذه الملفات يجب أن تسحب من التجاذب السياسي".
وأضاف "كان يفترض بموازنة 2023 أن تصلنا في سبتمبر/أيلول 2022 وأن يناقشها المجلس النيابي ويبتها دستورياً قبل نهاية العام الماضي، إذ يفترض على الموازنة أن تكون قد أعدت ونُوقشت على الأقل في الحكومة، وهو ما لم يحصل حتى اليوم. وهذا كان سؤالي لرئيس الحكومة خلال الجلسة، الذي قال إنها لم تحل إلى الحكومة بعد".
وقال كنعان إن "المجلس النيابي يجب أن ينتخب رئيساً، ولا يذهب إلا إلى التشريعات الضرورية جداً، ومن غير المفترض أن تأتينا الحكومة كل يوم بقرار ومشروع من دون أن نعرف الأرقام الفعلية، من هنا ضرورة أن تكون هناك موازنة".