عوامل عديدة ساهمت في تأكيد وكالة "فيتش" لتصنيف مملكة البحرين الائتماني عند "B+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، أبرزها الدعم المالي القوي من دول مجلس التعاون الخليجي، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومؤشرات التنمية البشرية، ما قدم مؤشرات إيجابية لمستقبل اقتصاد المملكة الخليجية الصغيرة.
ولولا الدعم الخليجي لتأثر التصنيف سلباً من وضع المالية العامة الضعيف، والاعتماد المالي الكبير على عائدات النفط، وانخفاض مستويات احتياطيات العملات الأجنبية، حسبما أورد تقرير "فيتش" الصادر في 18 يوليو/ تموز.
وتوقع التقرير أن يتقلص عجز الموازنة العامة للبحرين إلى 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الجاري من 5.9% في عام 2022. وبلغ إجمالي المساعدات الخليجية لعام 2023 بحسب ما نشرته الصحافة المحلية في البحرين 672.7 مليون دينار أي ما يقارب ملياراً و800 مليون دولار أميركي.
عوامل التقييم
يؤكد الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن عدة عوامل تأخذها وكالات التصنيف الائتماني عادة في الاعتبار عند تقييم الجدارة الائتمانية لأي بلد، مثل الأداء الاقتصادي، الذي يعتبر من أهم العوامل التي تعتمدها "فيتش"، والصحة المالية، والاستقرار الاقتصادي العام، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات التضخم، ومستويات البطالة.
ويوضح العامري أن الوكالة تفحص السياسات المالية للحكومة، وعجز أو فوائض الموازنة، ومستويات الدين العام، والتدابير المتخذة لإدارة شؤونها المالية بفعالية، مشيراً إلى أن الحسابات الخارجية لها دور مهم في التقييم، إذ تنظر فيتش في الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري واحتياطيات النقد الأجنبي لفهم الوضع الخارجي للبلد محل التقييم.
كذلك إن استقرار البيئة السياسية للدولة بالغ الأهمية في تقييم جدارتها الائتمانية، بحسب العامري، لافتاً إلى أن "فيتش" تحلل قدرة الحكومة على تنفيذ السياسات والحفاظ على الاستقرار.
وتدخل نتيجة هذا التحليل ضمن نتيجة تحليل آخر لجودة المؤسسات، بما في ذلك النظام القانوني والبيئة التنظيمية ومعايير الحوكمة، من حيث تأثيرها في الآفاق الاقتصادية العامة للبلد محل التقييم، بحسب العامري.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن كل تلك العوامل تدعم قدرة الدولة على الوصول إلى أسواق رأس المال وتكلفة الاقتراض، وتحدد تقييم معنويات المستثمرين تجاه ديون البلد، وتدعم نقاط القوة في تصنيف الدول للدعم المالي التي تتلقاه الدولة ونصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات التنمية البشرية لديها.
ويرى العامري أن توقعات وزارة المالية البحرينية بتقلص إجمالي عجز الموازنة العامة لعام 2024 إلى 400 مليون دولار تحمل آثاراً كبيرة على التوقعات الاقتصادية والمالية للمملكة الخليجية، وسيكون لها العديد من الآثار الإيجابية، ومنها الاستدامة المالية، إذ يشير انخفاض عجز الميزانية إلى أن الحكومة تحرز تقدماً في إدارة شؤونها المالية بشكل أكثر فعالية.
كذلك تحمل التوقعات بشأن تقلص عجز الموازنة البحرينية مؤشراً على أن تدابير توليد الإيرادات ومراقبة النفقات في البلاد تسير في الاتجاه الصحيح، ما قد يؤدي إلى تحسين الاستدامة المالية، بحسب العامري.
أما انخفاض احتياجات الاقتراض، بحسب تقدير وزارة المالية البحرينية، فيعني أن الحكومة ستحتاج إلى قروض أقل لتغطية إنفاقها، وبالتالي تخفيف عبء ديون البلاد وانخفاض مدفوعات الفائدة، بحسب العامري.
الدعم الخليجي
يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن استمرار الدعم الخليجي للبحرين حيوي بالنسبة إلى مؤشراتها المالية، خصوصاً أن تصنيف المملكة الائتماني لا يزال الأقل خليجياً.
ويعزو الشوبكي نظرة "فيتش" المستقبلية المستقرة لتصنيف البحرين إلى تحقيق المملكة نمواً اقتصادياً، العام الماضي، بلغ 4.9% بدعم أكبر من القطاعات غير النفطية، التي شهدت نمواً بنسبة 6.3%، وتخطت، للمرة الأولى، نسبة 80% من الناتج المحلي الإجمالي في البحرين، ما يعطي مرونة أكبر لاقتصاد المملكة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن البحرين بدأت، منذ عام 2021، بضبط الموازنة عبر ضبط النفقات لتقليص العجز، كما بدأت بدعم القطاعات غير النفطية لتحقيق أكبر قدر ممكن من النمو الاقتصادي، ومع ذلك يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق المملكة نمواً بنسبة 2.7% فقط في العام الجاري.
ومع انخفاض سعر النفط إلى قرابة 80 دولاراً للبرميل، وهو السعر المتوافق مع حسابات الموازنة البحرينية، لا يمكن الجزم باستمرار حالة الضبط المالي، حسبما يرى الشوبكي، خصوصاً أن العام لم ينتهِ بعد، وسط تقلب في أسعار النفط.
ولذا يؤكد الشوبكي أن الحسابات الخاصة بعجز الموازنة في البحرين تبقى مرتبطة بأسعار النفط. ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن ركوداً يشهده الاقتصاد العالمي ستتأثر به البحرين، خصوصاً مع تأثير رفع أسعار الفوائد بالنمو الاقتصادي للعام الجاري.