الانتخابات تنعش عشرات المهن في العراق

21 سبتمبر 2021
الحملات الانتخابية تزيد فرص العمل الموسمية (فرانس برس)
+ الخط -

قبيل نحو ثلاثة أسابيع على حلول موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تنتعش عشرات المهن المرتبطة بالحملات الانتخابية التي تتسع رقعتها في مدن ومحافظات البلاد، الأمر الذي ساهم في خلق آلاف فرص العمل الموسمية، في البلد الذي يشهد ارتفاعاً كبيراً في معدلات البطالة.

وصبّت الحملات الانتخابية في صالح أصحاب المطاعم وورش الحدادة والمطابع وقاعات تأجير الحفلات والمؤتمرات والنوادي الاجتماعية وصولاً إلى سائقي سيارات الأجرة والحافلات، إذ انتعشت صناعة اللافتات وطباعة المنشورات وتنظيم وإقامة الولائم والحملات التطوعية.

صبّت الحملات الانتخابية في صالح أصحاب المطاعم وورش الحدادة والمطابع وقاعات تأجير الحفلات والمؤتمرات والنوادي الاجتماعية وصولاً إلى سائقي سيارات الأجرة والحافلات

ووفقاً لأصحاب مهن متنوعة، فإن الدعاية الانتخابية تخفي خلفها إنفاقاً هائلًا غير متوقع. وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال علي المرسومي، مدير أحد المطابع في بغداد، إن "مهنة الطباعة انتعشت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، لدرجة أن العمل في المطبعة مستمر وبدون توقف لمدة 24 ساعة يومياً، مما دفعنا إلى زيادة عدد الأيدي العاملة وشراء مطابع أخرى من أجل الالتزام بتسليم الطلبات في موعدها المحدد".

وأضاف المرسومي أن "أسعار المواد المستخدمة في الطباعة ارتفعت أيضا بشكل كبير، وصلت إلى الضعف تقريبا في بعض الخامات، نتيجة زيادة الطلب عليها من قبل أصحاب المطابع"، مشيرا إلى أن "بعض المطابع تم حجزها والتعاقد معها من قبل أحزاب معينة لتتكفل بكامل الحملات الانتخابية لمرشحيها، وبعض الحملات تتجاوز قيمتها المليون دولار".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث ستتم عملية التصويت في 1079 مركزاً انتخابياً موزعة في جميع أنحاء العراق وإقليم كردستان.

وكانت المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات قد أكدت، في وقت سابق، أن عدد الذين يحق لهم المشاركة والتصويت في الانتخابات البرلمانية يبلغ نحو 24 مليوناً و29 ألفاً و927 شخصاً، في حين يتنافس 3523 مرشحاً عن 83 دائرة انتخابية على 329 مقعداً في البرلمان.

ومن جهته، قال أحمد العلياوي، الذي يعمل مصمماً في مطبعة الشروق ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إنه "بالرغم من العمل المتواصل على مدار 24 ساعة في المطابع إلا أنها لم تتمكن من إنجاز بوسترات الدعاية للمرشحين في وقتها المحدد، بسبب كثرة الطلبات من قبل الأحزاب والمرشحين".

مصمم في مطبعة: الأيام التي تسبق الانتخابات تُعد فترة ذهبية لأصحاب المطابع، لذلك يبذل أصحابها والعاملون فيها جهوداً جبارة لكسب مزيد من الأرباح التي لم يحصلوا عليها لأكثر من 4 سنوات

وأضاف العلياوي: "كثير من المطابع في بغداد ومناطق أخرى أوقفت طباعة الصحف اليومية والإعلانات الخاصة بالمحلات التجارية والشركات، ولجأت إلى طباعة البوسترات (الصور) الخاصة بالمرشحين، وذلك لما تدرّه من أموال طائلة لأصحاب هذه المطابع والعاملين فيها".

وأشار إلى أن "الأيام التي تسبق الانتخابات تُعد فترة ذهبية لأصحاب المطابع، لذلك يبذل أصحابها والعاملون فيها جهوداً جبارة لكسب مزيد من الأرباح التي لم يحصلوا عليها لأكثر من 4 سنوات"، لافتاً إلى أن الانتخابات تُعد الفرصة الأمثل لكسب الأموال في هذه الفترة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

بدوره، قال طه الزيدي، الذي يعمل في مجال الحدادة، إن "الانتخابات البرلمانية ساهمت بشكل كبير في إنعاش مهنة الحدادة، من خلال صنع الإطارات الحديدية للبوسترات وتثبيتها على الأعمدة والجسور"، منوهاً إلى أن "معظم الحدادين أوقفوا أعمال الحدادة الأخرى كالشبابيك والأبواب وغيرها ولجأوا إلى تأطير الإعلانات الضوئية والدعاية للمرشحين".

وأشار الزيدي إلى أن "ما يميز هذه الانتخابات عن سابقاتها من الدورات السابقة هي شراهة المرشحين في السباق الانتخابي التي بدت واضحة، من خلال أحجام وكثرة البوسترات التي أقدمت الأحزاب السياسية والمرشحون على طبعها ونشرها في الشوارع".

ما يميز هذه الانتخابات عن سابقاتها من الدورات السابقة هي شراهة المرشحين في السباق التي بدت واضحة، من خلال أحجام وكثرة البوسترات التي أقدمت الأحزاب والمرشحون على طبعها ونشرها في الشوارع

في السياق، قال جاسم العكيدي، العامل في ورشة للحدادة شمال العاصمة بغداد، إنه والكثير من زملائه ممن يعملون في مهنة الحدادة يُرزقون كثيراً في مثل هذه الأيام قبيل كل انتخابات، لدرجة أنهم يُمنّون النفس بأن تستمر الحملات الانتخابية لفترة طويلة.

وأضاف العكيدي أن "صاحب الورشة له علاقة قوية بالكثير من الأحزاب السياسية، ولذلك تُحال إليه الكثير من الحملات الانتخابية"، منوهاً إلى أن الورشة التي يعمل فيها أنجزت خلال الـ 10 أيام الماضية أكثر من 3 آلاف إطار حديدي بأحجام متنوعة.

وتابع أن "الحملات مستمرة والعمل متواصل بشكل كثيف، كما أن العائدات المالية كبيرة، فضلا عن أجور أخرى تتعلق بنصب وتثبيت الإطارات في المواقع المطلوبة".

وتظهر البيانات الرسمية، تجاوز نسبة البطالة 20%، بينما تؤكد تقارير مستقلة تخطيها بكثير الأرقام الحكومية، خاصة في المدن الشمالية والغربية التي ما زالت تعاني من آثار الحرب الأخيرة على تنظيم "داعش".

من جانبه، قال نورس المشهداني، الذي يعمل سائق شاحنة صغيرة، إن الانتخابات أتاحت له فرصة عمل جيدة، وهي حمل ونقل بوسترات المرشحين طيلة فترة الحملة الانتخابية، وكذلك متابعة وصيانة البوسترات التي تحتاج إلى صيانة أو استبدالها، لا سيما وأن أغلب الصور التي يتم تنصيبها في بداية الحملة يتم تمزيقها أو تتأثر نتيجة لسوء الأحوال الجوية.

إلى جانب إنعاش المهن الموسمية، بدت ورقة الوظائف الحكومية، الأكثر حضوراً في الحملات الانتخابية التي تقودها القوى السياسية المختلفة والكثير من المرشحين

وإلى جانب إنعاش المهن الموسمية، بدت ورقة الوظائف الحكومية، الأكثر حضوراً في الحملات الانتخابية التي تقودها القوى السياسية المختلفة والكثير من المرشحين للانتخابات، إذ يطغى استغلال هذه الورقة لتحقيق مكاسب تصويتية، بينما يحلم الكثير من الشباب بفرصة عمل تنتشلهم من البطالة الخانقة في البلد الغني بالثروات النفطية.

المساهمون