بدأ النشاط الاقتصادي في الصين في التحسن في أغسطس/ آب، حيث أكدت البيانات الصادرة يوم الجمعة أن معدل النمو ربما يكون في طريقه للاستقرار، على الرغم من أن الأخبار السيئة المتعلقة بالقطاع العقاري لا تزال تفرض بعض التحديات.
وبحسب ما أعلن المكتب الوطني للإحصاء (NBS)، فقد ارتفع الإنتاج الصناعي، الذي يقيس الإنتاج من قطاعات مثل التصنيع والتعدين، بنسبة 4.5% في أغسطس مقارنة بالعام السابق، بعد زيادة بنسبة 3.7% شهدها الشهر السابق، كما توسعت مبيعات التجزئة، التي تقيس الاستهلاك، بنسبة 4.6% مقارنة بالعام السابق، إلا أن هناك المزيد من الأدلة على أن أزمة العقارات المستمرة منذ عامين لم تنته بعد.
وقالت شركة "سينو أوشن"، وهي شركة تطوير عقاري كبرى مدعومة من الدولة، إنها ستعلق سداد قروضها الخارجية، في إشارة إلى الكيفية التي يمكن أن تستمر بها أزمة العقارات المستمرة في التأثير على التوسع الاقتصادي.
ونما الاستثمار في الأصول الثابتة، بما في ذلك البنية التحتية والبناء، بنسبة 3.2% في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أضعف قليلاً من 3.4% المسجلة في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.
وانخفض الاستثمار العقاري بنسبة 8.8% في الأشهر الثمانية الأولى من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لنفس المصدر، كما انخفضت مبيعات العقارات حسب مساحة الطابق بنسبة 7.1%.
وخفضت وكالة "موديز" توقعاتها للقطاع العقاري بشكل عام يوم الخميس، مشيرة إلى تراجع مبيعات الوحدات السكنية واستمرار المخاوف بشأن صحة الصناعة.
وقال لاري هو، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في مجموعة "ماكواري"، إنه على الرغم من "التشاؤم واسع النطاق"، فقد يكون الأسوأ قد انتهى بالنسبة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يصارع حاليًا ضعف الطلب على الصادرات من الأسواق العالمية، وأسوأ تراجع عقاري على الإطلاق.
وكتب لاري هو، في مذكرة بحثية يوم الجمعة، أنه من الآن فصاعدا، يمكن أن تتحسن أرقام النمو الرئيسية بدعم من السياسات المتبعة، كما العوامل الأساسية، لكن الوتيرة ستكون متواضعة. وأشار إلى الضعف في قطاع العقارات، فضلا عن انخفاض الثقة بين أصحاب الأعمال والمستهلكين.
ومع ذلك، ارتفعت أسواق الأسهم الآسيوية بعد صدور تلك البيانات، مع ارتفاع مؤشر MSCI الأشمل للأسهم الإقليمية، بنسبة 1% تقريبًا بحلول منتصف اليوم. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر هانغ سينغ بنسبة 1.5%، كما ارتفع مؤشر توبكس الياباني 0.8%.
وكتب ستيفن إينيس، الشريك الإداري في "أس بي أي" لإدارة الأصول، في مذكرة بحثية له يوم الجمعة: "هناك شعور متزايد بالتفاؤل بين مجموعة من المستثمرين، الذين يعتقدون أن مبادرات بكين الأخيرة لتحفيز الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية تظهر علامات النجاح. ومع ذلك، من الضروري توخي الحذر، حيث لا يزال الوقت مبكرًا، وشهر واحد من البيانات الإيجابية ليس كافيًا لتأكيد المسار المستدام نحو التعافي".
ويعاني الاقتصاد الصيني من حالة ركود منذ إبريل/نيسان، عندما تلاشى الزخم الناتج عن البداية القوية لهذا العام. ومنذ ذلك الحين، اتخذت الحكومة سلسلة من التدابير لإنعاش النمو.
ويوم الخميس، قام بنك الشعب الصيني بتخفيض مفاجئ في نسب الاحتياطي المفروضة على البنوك، بهدف دعم التعافي الاقتصادي وتحسين السيولة في النظام المالي.
وجرى تخفيض نسبة الاحتياطي المطلوب بمقدار 25 نقطة أساس لجميع البنوك اعتبارًا من اليوم الجمعة، باستثناء تلك التي طبقت بالفعل نسبة احتياطي قدرها 5%. وكان بنك الشعب الصيني قد خفض آخر مرة متطلبات الاحتياطي لجميع البنوك تقريبًا بمقدار 25 نقطة أساس في مارس/ آذار.
ويوم الثلاثاء، علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ على الاقتراحات المتعلقة بالضعف الاقتصادي، قائلة إن النمو في الاقتصاد الصيني "قوي ومرن".
وقالت نينغ، خلال مؤتمر صحفي، إن تلك التعليقات التي تتنبأ بانهيار الاقتصاد الصيني تظهر بين الحين والآخر، "لكن الشيء الوحيد الذي ينهار هو ذلك الخطاب وليس الاقتصاد الصيني، الذي يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي".
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% فحسب في أغسطس/ آب، وهو ما كان أقل من توقعات السوق، كما انخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 3% على أساس سنوي، متراجعا للشهر الحادي عشر على التوالي، مع استمرار ضعف الأسعار في القطاع الصناعي.
ويشكل الاتجاه الفاتر في أسعار المستهلك في الصين تناقضاً كبيراً مع التضخم الذي تشهده أغلب الاقتصادات الكبرى الأخرى، والذي أرغم بنوكها المركزية على رفع أسعار الفائدة، واتباع أكثر السياسات النقدية تشدداً منذ عقود.