أنهى الروبل الروسي الأسبوع الماضي بأداء متباين، مسجلاً تراجعاً طفيفاً أمام الدولار الأميركي، الذي تجاوز سعر صرفه في تعاملات بورصة موسكو 77 روبلاً، ولكن دون أن يقترب من عتبة الـ 80 روبلاً، التي سبق له تخطيها عشية انتخابات الرئاسة الأميركية، وسط احتدام المنافسة بين الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، سجلت وتيرة انكماش الاقتصاد الروسي تراجعاً ملحوظاً في الربع الثالث من العام، رغم صعود الموجة الثانية من جائحة كورونا وتسجيل أكثر من 20 ألف حالة جديدة يومياً على مستوى عموم البلاد.
كذلك استفاد الروبل والاقتصاد الروسي من تعافي أسعار النفط التي استقرت فوق مستوى الـ 40 دولاراً للبرميل وسط ترقب بدء الإمدادات والاستخدام واسع النطاق للقاحات المضادة لفيروس كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها ما قبل الجائحة.
ومع ذلك، تقلّل نائبة رئيس مركز "ألباري" للتحليل والمعلومات، ناتاليا ميلتشاكوفا، من أهمية تأثير نتائج الانتخابات الأميركية على الاقتصاد الروسي والروبل اللذين باتا يعتمدان أساساً على آفاق مواجهة جائحة كورونا، وفق اعتقادها.
وتقول ميلتشاكوفا لـ"العربي الجديد": "لا أتوقع تأثيراً مباشراً للانتخابات الأميركية على الاقتصاد الروسي، حيث إن التبادل التجاري بين البلدين ليس كبيراً. صحيح أن واشنطن قد تشدد عصا العقوبات على روسيا والمشاريع مثل السيل الشمالي-2 لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، لكنها ستمسّ في هذه الحالة أيضاً بمصالح قطاع الأعمال الأوروبي. كذلك فإن بايدن يختلف من جهة السياسات في مجال الطاقة عن ترامب الذي كان يراهن على دعم قطاع النفط والغاز الأميركي. يعتمد بايدن على استراتيجية الاقتصاد الأخضر".
وحول العوامل التي ستحدد ديناميكية أسعار النفط في ظروف جائحة كورونا، تضيف: "تخضع أسعار النفط للعرض والطلب الذي تراجع كثيراً في ظروف الإغلاق الكلي في الربيع الماضي والمخاوف من تكراره في أثناء الموجة الثانية. لكن إعلان شركتين غربيتين نجاح اختبارات اللقاح المضاد لكورونا يمهد لتعافي الطلب في حال استخدامه على نطاق واسع".
ومن مؤشرات التفاؤل بأداء الاقتصاد الروسي بعيداً عن الانتخابات الأميركية، ما أظهرته الأرقام الأخيرة الصادرة عن هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" من تراجع وتيرة انكماش الاقتصاد الروسي في الربع الثالث من العام، لتبلغ نسبته 3.6% مقابل 8% في الربع الثاني الذي شهد ذروة إجراءات الإغلاق الكلي في روسيا وحول العالم.
وأرجع عضو أكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر شيروف، العوامل الرئيسية لفرملة تباطؤ وتيرة التراجع الاقتصادي إلى انتهاء الإغلاق الكلي وتحقق الطلب المؤجل بين المستهلكين والمصنعين على حد سواء.
ونقلت صحيفة "إر بي كا" الروسية عن شيروف قوله: "الناس الذين امتنعوا خلال الفترة بين ثلاثة وأربعة أشهر عن شراء السلع المعمرة والسيارات والأجهزة المنزلية، حضروا إلى السوق وحققوا طلبهم المؤجل خلال شهر أو شهرين، ما يعود إليه التباطؤ الهام لتراجع وتيرة الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث".
ومع ذلك، استبعد شيروف احتمال التعافي السريع للناتج المحلي الإجمالي الروسي في الربع الثاني من العام، حتى في حال عدم حدوث الموجة الثانية من الجائحة، مضيفاً: "مستويات الطلب والعرض الآن أقل منها قبل عام. موجة الطلب المؤجل التي دفعت بتجارة التجزئة والصناعات التحويلية بقوة، ستتراجع تدريجاً".
وبحسب بيانات "روس ستات"، سجَّل قطاع الزراعة في الربع الثالث من العام نمواً بنسبة 2.7% مقابل تراجع قطاع الصناعة بنسبة 5%. وكان النصيب الأكبر من التراجع لقطاع استخراج الموارد الطبيعية الذي بلغ 11.5% وسط استمرار سريان مفعول اتفاق "أوبك+" لخفض إنتاج النفط.
وفي القطاع الخدمي، سجلت حركة نقل الركاب تراجعاً نسبته 44.7% وسط استمرار تعليق حركة السفر والطيران والسياحة مع أغلبية دول العالم، وخدمات أخرى مدفوعة الأجر بنسبة 17.4%. كذلك تراجعت تجارة التجزئة بنسبة 2.5% على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي.