الاقتصاد الإسرائيلي يتلقى ضربة جديدة.. أزمة تعصف برواتب المتقاعدين وأموال المدخرين

02 يوليو 2024
أمام صرّافات آلية لفرع بنك هبوعليم بالقدس المحتلة، 1 مايو 2020 (مناحيم كاهانا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قضية "سلايس" تسببت في أزمة معاشات تقاعدية بالاقتصاد الإسرائيلي بأكثر من 800 مليون شيكل، مع مصير مجهول لـ500 مليون شيكل، مما أثر سلبًا على المتقاعدين ماليًا وعقليًا.
- الأزمة توسعت لتشمل 4.3 مليارات شيكل من المعاشات لـ105 آلاف شخص بعد تجميد أنشطة "سلايس" وحرمان المدخرين من أموالهم، مع غموض حول استردادها.
- تنوع مخاطر الأموال المفقودة بين صناديق تقليدية بمأمن نسبي و"صناديق حمراء" عالية المخاطر، مما يعمق الضرر المالي والنفسي للمتضررين ويبرز التحديات الكبيرة أمام الاقتصاد والأفراد المتأثرين.

ضربة جديدة يتلقاها الاقتصاد الإسرائيلي من قضية "سلايس" (Slice) التي تبرز الآن باعتبارها أكبر مشكلة معاشات تقاعدية في تاريخ الاحتلال، إذ إنها تتعلق بأكثر من 800 مليون شيكل (213.2 مليون دولار) لا يُعرف مكان ما لا يقل عن 500 مليون شيكل منها. وهذا ما نقلته الجريدة اليومية غلوبس (Globes) المتخصصة بشؤون الاقتصاد الإسرائيلي والتي تحدّثت إلى أشخاص وقعوا ضحية "سلايس" واطلعت على الإجراءات المتخذة ضدها، بعدما فقد هؤلاء أرصدتهم المالية بين عشية وضحاها. (الدولار = 3.753 شواكل). يأتي ذلك فيما يعاني المتقاعدون الذين لا يستطيعون الوصول إلى أموالهم مالياً وعقلياً، على حد تعبير الصحيفة، ولا يحظون باهتمام كبير من السياسيين المتناحرين في ما بينهم على خلفية العدوان المستمر على الفلسطينيين والمواجهة المستعرة في شمال فلسطين المحتلة مع مقاتلي حزب الله.

وفيما يدفع الاقتصاد الإسرائيلي ثمناً باهظاً من العدوان المستمر منذ نحو 9 أشهر، فجرت قضية "سلايس" أزمة على نطاق أوسع في الاقتصاد الإسرائيلي المتعثر تطاول 4.3 مليارات شيكل (1.146 مليار دولار) من معاشات تقاعد ومدخرات تابعة لـ105 آلاف شخص تراكمت على مدى سنوات عديدة، وقد تم الآن حظر وصولهم إلى الأموال تماماً، وليس واضحاً مطلقاً بالنسبة للآلاف منهم ما إذا كانوا سيحصلون على أموالهم مجدداً أم لا. فكيف بدأت الحكاية؟ في فبراير/ شباط 2022، بدأت هيئة أسواق المال والتأمين والادخار داخل دولة الاحتلال تتلقى شكاوى بشأن "سلايس"، حيث قال المدخرون إن وكلاء التأمين باعوا لهم قروضاً مقابل تحويل أموالهم إلى الشركة المتخصصة بإدارة صناديق الادخار. وبعد ستة أشهر، جرى تقديم طلب لرفع دعوى جماعية، وبعد شهرين آخرين ذكرت "غلوبس" أن هيئة أسواق المال والتأمين والادخار دهمت مكاتب الشركة وفتحت تحقيقاً بشأن الشكاوى.

لكن رغم هذه الشكاوى، جددت الهيئة ترخيص شركة "سلايس" لبيع المنتجات الادخارية والاستثمارية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. وفي نقاش في الكنيست الأسبوع الماضي، قال ممثلون عنها إن التجديد "فنّي". إنما بالنسبة لبعض المدخرين، كانت تلك الخطوة بمثابة مؤشر على أن الأمور تسير على ما يبدو بشكل صحيح. وما لبث الغطاء أن رُفع عن الشركة بعد شهر تقريباً، وقررت الهيئة التنظيمية إقالة كبار مديري الشركة وسلمت شركة "سي بي إيه إفي ساندروف" (CPA Efi Sandrov) مهمة إدارتها، فضلاً عن اتخاذها قراراً بتجميد أنشطتها كافة.

ومنذ ذلك الحين، بدأت الأبعاد الكاملة للقضية تتضح، إذ إنّ "سلايس" هي شركة لإدارة صناديق الادخار الرقمية ومملوكة لعائلتي "غولدبيرغ" Goldberg و"توكاتلي" Tocatly وقدمت نفسها على أنها شركة متخصصة في صناديق الادخار المُدارة شخصياً (IRA)، وهذا النوع من الصناديق هو منتج ادخاري يتيح للمدّخرين السيطرة الكاملة على إدارة استثماراتهم، على عكس "المنتجات الجاهزة" للمؤسسات المالية والتي تقدم مسارات استثمارية موحدة لجميع العملاء. ومن أصل 4.3 مليارات شيكل تديرها الشركة، ثمة 3 مليارات في هذه الصناديق.

موقف
التحديثات الحية

وتنقسم الأموال الموجودة في "سلايس" إلى ثلاث درجات من المخاطر. الأولى، صناديق التقاعد التقليدية البالغة قيمتها 1.2 مليار شيكل، والتي يبدو أنها لم تتضرر، وقد وافقت المحكمة على بيع هذه الأموال، وهي في انتظار المشتري. والثانية ما يُسمّى "الصناديق البيضاء" بقيمة 2.2 مليار شيكل في الصناديق المدارة شخصياً. وتعتقد "سي بي إيه إفي ساندروف" أن هذا الجزء تمت إدارته بشكل صحيح.

أما المبلغ المتبقي، وهو 890 مليون شيكل، فهو الذي تكتنفه أعلى درجات المخاطر وموجود في "الصناديق الحمراء"، وقد جرى استثمار هذه الأموال في صناديق حساب الاستجابة العاجلة، لكن وُجّهت أساساً إلى صناديق خارجية يُخشى أنها لم تتم إدارتها بشكل صحيح. وفي الوقت الحاضر، ليس من الواضح ما حدث لهذا المبلغ، فحتى الآن، عُثر على 60 مليون شيكل فقط. لكن قرار التجميد المتخذ شمل جميع أموال "سلايس" على جميع المسارات الاستثمارية وعلى كافة درجات المخاطرة، وبالتالي، أصبح المدخرون عاجزين عن الوصول إليها لمدة ستة أشهر.

ويصف العديد من الأشخاص المتضررين الذين تحدثت "غلوبس" إليهم الأضرار المالية والنفسية والصحية الشديدة، لا سيما الأرق والشعور بالانفصال عن بيئتهم واللجوء إلى الحبوب. فقد انفتح "صندوق باندورا" هذا في الوقت نفسه الذي اندلعت فيه الحرب، وهو حدث أجبر الكثير من الناس على التكيّف مالياً. لكن بالنسبة لأولئك الذين ادخروا أموالهم عبر "سلايس"، لم يكن مالهم موجوداً عندما اشتدت قساوة الظروف بفعل تبعات العدوان المستمر والأعمال الحربية المستمرة بلا هوادة. وتكشف الشهادات كيف جرى بيع المنتجات الاستثمارية للعملاء من دون توضيح محتوياتها وأين سيتم استثمار الأموال عملياً. فقد كان الوكلاء، الذين يعرف الكثير منهم العملاء منذ فترة طويلة، يقنعون الناس، بل ويضغطون عليهم أحياناً، لتحويل أموالهم إلى "سلايس" مع وعود بأنه استثمار آمن أو مقابل قروض.

وفي الدعوى الجماعية المرفوعة في أغسطس/ آب 2022 بواسطة مكتب المحاماة "أديل زمران ونمرود إلياهو ليفي"، وصف المحامون هذا النمط من الاتفاق على وجه التحديد لتحويل المدخرات مقابل قروض بشروط سهلة المظهر، فيما لم يكن العملاء على علم بأن القروض ستُمولّ من مدخراتهم الخاصة. وكانت المحكمة وافقت الأسبوع الماضي على الإفراج عن الأموال لمن بلغ سن 70 عاماً فما فوق، بناء على طلب مكتب المحاماة. لكن "سي بي إيه إفي ساندروف" سعت إلى تضييق نطاق الحكم، ولم يصدر حتى الآن أي قرار قضائي نهائي.

المساهمون