- التكنولوجيا، خاصة الذكاء الاصطناعي، لعبت دورًا مهمًا في دفع الأسواق لمستويات جديدة، مع تأثيرات إيجابية على أسهم شركات كبرى مثل إنفيديا ومايكروسوفت.
- انتعاش السلع الأساسية ساهم في تحسين أداء الأسهم عالميًا، مع تقدم ملحوظ في اليابان والهند بفضل تحسين عوائد المساهمين والاستثمارات الحكومية، وعودة الأسهم الأسترالية لمستويات قياسية.
من بين أكبر 20 سوقاً للأوراق المالية حول العالم، سجلت 14 بورصة مستويات قياسية أو بالقرب منها. فما الأسباب؟ فقد حقق مؤشر MSCI ACWI الذي يتتبع الأسواق المتقدمة والناشئة ارتفاعاً قياسياً، حيث سجل مستوى مرتفعاً جديدا آخر بنهاية الأسبوع أمس الجمعة. وفي الولايات المتحدة، سجل مؤشرا ستاندرد أند بورز 500 وناسداك 100 مستويات قياسية هذا الأسبوع، في حين تجاوز مؤشر داو جونز الصناعي مستوى 40 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق. كما أن أكبر البورصات في أوروبا وكندا والبرازيل والهند واليابان وأستراليا وصلت حالياً إلى ذروتها أو بالقرب منها.
ووفقاً لتحليل موسّع أوردته بلومبيرغ اليوم السبت، فإن التخفيضات الوشيكة في أسعار الفائدة والاقتصادات الصحية وأرباح الشركات هي التي تقود هذا النشاط. علاوة على ذلك، ثمة الكثير من الدوافع المحتملة للحفاظ على استمرار الارتفاع، مثل التريليونات الستة من الدولارات الموجودة في صناديق أسواق المال، في حين تظل المخاطر نادرة.
وفي هذا الصدد، تنقل الشبكة الأميركية عن الرئيس العالمي لتخصيص الأصول الكلية والاستراتيجية في شركة فيديليتي إنترناشيونال، سلمان أحمد، قوله: "من منظور كلي، لا توجد إشارات حمراء، والصورة الدورية لا تزال قوية، والارتفاع يتسع".
ولم يستمر طويلاً تراجع الأسهم العالمية في شهر إبريل/نيسان، حيث ظهر اهتمام المشترين عند الانخفاض باستمرار. وهذا ما يساعد في تفسير سبب عدم انخفاض مؤشر S&P 500 بنسبة 2% خلال 311 يوماً، وهو أطول انخفاض له منذ 2017-2018. وحتى الأسهم الصينية التي كانت تكافح منذ أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في فبراير/شباط 2021، بدأت تستعيد نشاطها. ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، إليك الوضع في أسواق الأسهم الرئيسية حول العالم:
سباق الـ12 تريليون في وول ستريت
سجل مؤشر S&P 500 للمرة الرابعة والعشرين مستوى قياسياً جديداً على الإطلاق في عام 2024، في اختراق لم يشهده على مدى عامين، حيث ارتفعت الأسهم الأميركية بمقدار 12 تريليون دولار منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويعود ذلك جزئياً إلى الآمال بهبوط سلس مع بقاء الاقتصاد قوياً بينما يهدأ التضخم، وهو ما يحفز الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سوف يخفف السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا العام.
أما الجزء الآخر الذي يقف وراء ذلك فهو الحماس لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث إن شركة إنفيديا العملاقة لرقائق الذكاء الاصطناعي مسؤولة بمفردها عن نحو ربع المكاسب في مؤشر ستاندرد أند بورز 500. ومع شركات مايكروسوفت وأمازون دوت كوم وميتا بلاتفورمز إنك وألفابت، الشركة الأم لشركة غوغل، فإن نحو 53% من ارتفاع المؤشر تأتي من أسهم هذه الشركات الخمس فقط.
لذلك ربما كان الإنجاز الجديد لمؤشر داو جونز هذا الأسبوع هو التطور الأكثر أهمية، لأنه أقل ثقلاً تجاه عمالقة التكنولوجيا الكبيرة، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة "داونهيل إنفستمنتس) Roundhill Investments ديف مازا الذي قال: "رغم أن قوة قطاع التكنولوجيا كانت مهمة للغاية لمساعدة الأسواق على تحقيق أعلى المستويات، إلا أنه ليس القطاع الوحيد الذي يحقق أداء جيداً. ففي حين كان البعض يشير إلى أن السوق كانت شديدة التركيز العام الماضي، لا يمكن قول الشيء نفسه في عام 2024".
مفاجأة الأرباح في بورصات أوروبا
وعلى الضفة المقابلة من المحيط الأطلسي، تشهد الأسهم الأوروبية أيضاً فورة قياسية، حيث تظهر البيانات الاقتصادية علامات على الوصول إلى القاع وسط مفاجآت إيجابية هذا العام. وهذا، بحسب بلومبيرغ، يغذي أرباح الشركات ويدفع التوقعات للأسواق لمواصلة البناء على الارتفاع.
وتنقل الشركة عن استراتيجيين في بنك "بي إن بي باريبا" بقيادة جورج ديباس قولهم: "تبيّن أن موسم الأرباح البطيء كان أفضل مما كان متوقعاً"، مشيرين إلى أن ثلاثة أرباع الشركات الأوروبية حققت توقعات الأرباح أو تجاوزتها، مع تحسن الهوامش. وهذا ما يعزز تقديرات المحللين للأرباح المستقبلية، مما يرفع الأسهم إلى الأعلى.
وقد ارتفع مؤشر ستوكس 600 لعموم أوروبا في خمسة من الأشهر الستة الماضية، ومن المرجح أن يكون الاختلاف في السياسة النقدية عن الولايات المتحدة بمثابة رياح داعمة للأسهم في المنطقة، علماً أن البنك المركزي الأوروبي اعتمد لهجة أكثر تشاؤماً من بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأشهر القليلة الماضية، وتتوقع أسواق السندات أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة قبل نظيره الأميركي للمرة الأولى على الإطلاق.
وفي حين أن الارتفاع كان يتركز بشكل كبير في عدد قليل من الأسهم، إلا أنه كان يتسع منذ فبراير/شباط الماضي، حيث ساهم 16 سهماً بنسبة 50% من المكاسب السنوية في مؤشر Stoxx 600. كما تُعد شركة Novo Nordisk A/S الكبرى، حيث تشكل 10% من الأسهم.
انتعاش السلع الأساسية يدعم الأسهم
هذا وتفوّق مؤشر "فايننشال تايمز" FTSE 100 البريطاني على مؤشر يورو ستوكس 50 من حيث القيمة الدولارية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تعافى كثيراً من أدائه الضعيف منذ بداية العام. وكان ارتفاع أسعار السلع الأساسية محركاً رئيسياً، مما ساعد واحدة من أرخص أسواق الأسهم المتقدمة في العالم على البدء في اللحاق بمنافسيها.
كما دفع قطاع السلع الأساسية الحساس اقتصادياً مؤشر الأسهم الرئيسي في كندا، وهو مؤشر S&P/TSX المركّب، إلى أعلى مستوى له على الإطلاق. وسجل الذهب والنحاس أرقاماً قياسية بشكل متكرر هذا العام، ما أعطى دفعة لقطاع التعدين الضخم في البلاد، والذي يمثل أكثر من 12% من وزن المؤشر.
وفي هذا الصدد، كتب محللا "بلومبيرغ إنتليجنس" جيليان وولف وجينا مارتن آدامز في مذكرة أن "أسعار المعادن الثمينة تقترب من أعلى مستوياتها خلال عقد من الزمن والتي سجلتها قبل بضعة أسابيع فقط، ما قد يُبقي المؤشر الكندي مدعوماً في الوقت الحالي، على الرغم من أن الانعكاس قد يؤدي إلى مشاكل".
عودة بورصة اليابان إلى الانتعاش
وفي طوكيو، ارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 16% هذا العام، إضافة إلى مكاسب بلغت 28% العام الماضي. وجذبت البلاد المستثمرين وحققت مكاسب من خلال حملة لتحسين عوائد المساهمين ومعالجة ضعف الين وإنهاء أسعار الفائدة السلبية في اليابان. وقال استراتيجيون في شركة بلاك روك إن انخفاض الين قد يؤدي إلى إبعاد المستثمرين الأجانب، لكنهم يعتقدون أيضاً أن التوقعات جيدة على المدى الطويل بسبب إصلاحات الشركات والاستثمارات المحلية ونمو الأجور.
وكانت الهند أيضا في حالة تقدم قوي، حيث سجل مؤشر S&P BSE Sensex القياسي أرقاماً قياسية وتفوّق على الصين بفضل تعهدات الاستثمار الحكومية والاقتصاد المتوسع. ومع ذلك، تحوّل المستثمرون إلى الحذر في الأسابيع الأخيرة بسبب عدم اليقين بشأن الانتخابات والتقييمات المرتفعة.
وفي الوقت نفسه، سجل مؤشر S&P/ASX 200 الأسترالي أعلى مستوياته في 28 مارس/آذار الفائت، بعدما عززت بيانات التضخم الرهانات على أن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت الترجيحات مع توقع مسؤول سابق في البنك المركزي أن التخفيضات قد تأتي فقط في أواخر عام 2025. ومع ذلك، عادت الأسهم الأسترالية إلى التحويم قريبة من هذا المستوى القياسي.