ركز الاحتلال الإسرائيلي للشهر الخامس على التوالي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة على تدمير البنية التحتية والطرقات وشبكات الصرف الصحي والمياه والتيار الكهربائي إلى جانب خطوط الاتصالات وشبكات الإنترنت.
ولم تسلم الطرقات الرئيسية في القطاع المحاصر إسرائيلياً قبل هذه الحرب منذ عام 2006، من التدمير نتيجة للقصف الجوي والمدفعي أو عمليات الحفر التي تقوم بها قوات الاحتلال خلال تنفيذ عملياتها البرية في مختلف المناطق.
علاوة عن ذلك، فإن عمليات التدمير التي طاولت القطاع لم تقتصر فقط على الطرقات الرئيسية بل شملت المباني والأبراج وشبكات الصرف الصحي أو خلايا الطاقة الشمسية الخاصة بتشغيل محطات تعبئة المياه الخاصة بالشرب.
ويبدو الاحتلال معنيًا بإعادة قطاع غزة للعصر الحجري وجعل الحياة أمراً غير ممكن في ضوء تدمير هذا الكم الكبير من البنية التحتية وصعوبة إعادة بنائه وترميمه من جديد في ظل عملية التدمير غير المسبوقة التي ألحقها الاحتلال بغزة.
عودة الحياة تستغرق عقوداً
وحسب بيانات الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، فإن استعادة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة قبل بدء العملية العسكرية في غزة ستستغرق عقوداً من الزمن، إذ إنّ الناتج المحلي الإجمالي في غزة انكمش بنسبة 4.5% في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023.
وأدت العملية العسكرية إلى تسريع هذا الانخفاض وعجلت بانكماش الناتج المحلي الإجمالي على مدار العام بأكمله بنسبة 24% وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 26.1%، في الوقت الذي تفيد فيه التقديرات بأنه إذا انتهت العملية العسكرية الحالية وبدأت عملية إعادة الإعمار على الفور واستمر اتجاه النمو المسجل في الفترة ما بين 2007-2022 بمتوسط معدل نمو قدره 0.4%، فلن يتمكن الاقتصاد من استعادة مستويات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 في غزة إلا في عام 2092، مع استمرار تدهور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والظروف الاجتماعية والاقتصادية.
تدمير مليون متر من الطرقات
من جانبه، يقول الناطق باسم بلدية غزة حسني مهنا، إن الاحتلال الإسرائيلي دمر نحو مليون متر مربع (كيلومتر مربع) من الطرقات منذ بدء العدوان وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق المدنيين والمنشآت والمرافق الخدماتية الإنسانية في المدينة.
ويضيف مهنا في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "الدمار في الشوارع والطرقات غير مسبوق، حيث استهدف الاحتلال بالقصف أو التجريف الشوارع المعبدة والجزر والأرصفة والإشارات المرورية، ومختلف المرافق المتعلقة بالطرقات".
ويشير إلى أن "الاحتلال استهدف ودمر نحو 3600 إشارة ولوحة مرورية و260 ألف متر من حجر الجبهة والأرصفة، و160 ألف متر طولي من شبكات الإنارة والفوانيس، وكذلك الطرقات غير المعبدة من خلال التجريف والإغلاق وتدمير المباني السكانية والمحلات التجارية والمرافق والمنشآت الصناعية".
مدينة منكوبة
يؤكد الناطق باسم البلدية أن الدمار الذي أحدثه الاحتلال حوّل غزة إلى مدينة منكوبة تعيش كارثة حقيقية يصعب على الإنسان فيها أن يحصل على أبسط حقوقه التي كفلها القانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويشدد على أن هذه الأضرار ما تزال أولية حيث لم يتم الانتهاء من حصر كامل الضرر جراء استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الخامس على التوالي، في الوقت الذي يحتاج القطاع لتدخل سريع وعاجل لإعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة.
ولم تسلم المواسم والمحاصيل الزراعية من التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 145 يوماً مُخلفا دمارا هائلا في المباني السكنية، والمرافق التجارية، والبنية التحتية، والأراضي الزراعية.
وطاولت تأثيرات العدوان الإسرائيلي المباشرة وغير المباشرة كافة نواحي الحياة، سواء بالاستهداف المُباشر للمدنيين، والبيوت، والمباني السكنية والمدنية والتجارية، والمدارس، والمستشفيات.
وفي وقت سابق، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الجيش الإسرائيلي هدم أكثر من 61% من منازل القطاع.
وأفاد المكتب في بيان بأن "الاحتلال دمر أكثر من 305 آلاف وحدة سكنية في إطار حملته الواسعة ضد شعبنا الفلسطيني"، التي يصفها بأنها "حرب إبادة جماعية". ونبّه المكتب الدول والمنظمات العالمية إلى "وقوع كارثة إنسانية في غزة" نظراً لارتفاع عدد المنازل والوحدات السكنية التي تم تدميرها.
خطة متعمدة
بدوره، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" دَمَّر البنية التحتية في جميع محافظات قطاع غزة بشكل مُتعمّد ومقصود، وكان يهدف من وراء ذلك إلى مضاعفة الكارثة الإنسانية، بخاصة في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة.
ويضيف الثوابتة لـ "العربي الجديد" أن الأزمة الإنسانية تضاعفت في قطاع غزة، والبنية التحتية أصبحت غير قابلة للإصلاح بفعل القصف المركّز لشبكات الطرقات والكهرباء، ومحطات مياه الشُّرب والتحلية، وشبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، والبنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت.
ووفق مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، فإن "ما يتعرض له القطاع من حرب إبادة جماعية هو جريمة نكراء مسحت كل القيم الإنسانية والأخلاقية، وشوهت الصورة الأوروبية والأميركية، وداست القانون الدولي الذي بدا أنه أكذوبة يمارسونه وقتما شاءوا وكيفما شاءوا".
ويطالب كل دول العالم باتخاذ موقف تاريخي ضاغط بوقف حرب الإبادة الجماعية وعمليات التطهير العرقي التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي زاد عدد ضحاياه عن 100 ألف ما بين شهيد ومفقود ومصاب ومعتقل، وأكثر من مليوني نازح منتشرين في مئات مراكز النزوح والإيواء.
يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" دَمَّر البنية التحتية في جميع محافظات قطاع غزة بشكل مُتعمّد ومقصود
ويشدد على أنه على مدار الشهور الخمسة الماضية ألحق الاحتلال دماراً واسعاً في المحال التجارية والمخازن والمصانع وكافة المنشآت الاقتصادية والتجارية في محافظات قطاع غزة بهدف قتل الحركة التجارية وتدمير الاقتصاد المحلي وزيادة نسبة البطالة في المجتمع.
وبحسب الثوابتة، فإنّ الاحتلال تعمد إلحاق تدمير واسع في مرافق البنية التحتية في مختلف أنحاء القطاع وتسبب بتدمير واسع وكبير في مختلف المرافق الحيوية والاقتصادية.
شلل النقل
ينبه الثوابتة إلى أن هذا التدمير أدى لحالة شلل كبير في الحركة في قطاع غزة لاسيما تدمير شبكات الطرقات الذي أعاق حركة المركبات في المدينة، علاوة على أن العدوان تسبب في حالة دمار واسع في المنشآت المدنية والمرافق الخدماتية ولا سيما في المعالم الرئيسة في قطاع غزة.
وعلاوة على تدمير الطرقات والمفترقات الرئيسية والفرعية في القطاع، فإن الحركة المرورية شهدت عودة لعقود سابقة نتيجة عدم توفر الوقود، والاكتظاظ السكاني في منطقتي دير البلح وسط القطاع ورفح جنوبي القطاع والاعتماد على العربات التي تجرها بعض الحيوانات إلى جانب الاعتماد على الشاحنات الكبيرة.