الاتحاد الأوروبي يفرض الحزمة الـ14 من العقوبات على روسيا: استهداف أسطول الغاز الطبيعي المسال
استمع إلى الملخص
- توسيع نطاق العقوبات ليشمل 116 فردًا وكيانًا، واستهداف النظام المالي الروسي SPFS وشركات الطيران والنقل الداعمة للحكومة الروسية، مثل أورال إيرلاينز ومجموعة فولغا-دنيبر.
- روسيا تعلن عن إجراءات انتقامية ردًا على العقوبات، بينما يعزز الاتحاد الأوروبي التزام الشركات بمراقبة البضائع لمنع التحايل على العقوبات، مع توسيع القيود لمنع استيراد المنتجات من شبه جزيرة القرم.
وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، على فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. وتتضمن الحزمة الرابعة عشرة من عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا فرض حظر على إعادة تحميل الغاز الطبيعي المسال الروسي في الاتحاد الأوروبي لشحنه إلى دول ثالثة.
ويهدف هذا الإجراء إلى عرقلة الخدمات اللوجستية لصادرات الغاز الروسي من القطب الشمالي، والتي تتطلّب استخدام ناقلات الغاز الطبيعي المُسال كاسحةً للجليد خلال أشهر الشتاء. وتقوم هذه السفن بنقل هذا الغاز الطبيعي المسال إلى موانئ أوروبية، مثل زيبورغ في بلجيكا أو مونتوار دي بريتان في فرنسا، ليُنقل بعد ذلك بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال التقليدية إلى السوق الآسيوية، خصوصاً الصين. ثم إن هذه العقوبات الجديدة لا تقلّل من كميّات الغاز الطبيعي المورّدة إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تعدّ ضرورية لبعض الدول نظراً إلى اعتمادها كثيراً على الإمدادات الروسية. كما تهدف هذه العقوبات الجديدة إلى الحدّ من استخدام روسيا سفن الشحن "الشبح" للتحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي في ما يتعلّق بصادرات النفط الروسية.
وبحسب تقديرات الاتحاد الأوروبي، جرى شحن ما يقدر بنحو أربعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي المسال إلى دول أخرى عبر موانئ الاتحاد الأوروبي العام الماضي. كما تمنح العقوبات الجديدة التكتل مزيداً من الأدوات لاتخاذ إجراءات صارمة ضد التحايل على العقوبات، وتستهدف 116 فرداً وكياناً بسبب الضلوع في عمليات ضد أوكرانيا. كذلك، تستهدف نظام SPFS الذي يسمح بإجراء تعاملات مالية، والذي أنشأته روسيا بعد استبعادها من نظام سويفت المالي الدولي بين المصارف.
وبهدف تحسين فعالية العقوبات السابقة ومنع التحايل عليها، اقترحت المفوضية الأوروبية تعزيز التزام الشركات الأوروبية مراقبة البضائع التي تبيعها، لتجنّب أن ينتهي بها الأمر في روسيا عبر شركات من دول أخرى.
أيضاً، تعرضت شركات النقل الجوي الروسية أورال إيرلاينز، ومجموعة فولغا-دنيبر، وشركة نوفابورت، وهي شركة نقل روسية تدير مطارات إقليمية، وكذلك شركة سوفكومفلوت، أكبر شركة شحن في روسيا وواحدة من الشركات الرائدة عالميًا في مجال النقل البحري للهيدروكربونات، فضلاً عن خدمة ودعم التنقيب البحري وإنتاج النفط والغاز، لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وفقا لوثيقة نشرت في وقت سابق اليوم الاثنين.
وتوضح الوثيقة أن الشركاتأُدرجت على القائمة السوداء لأنها "تقدم دعمًا ماديًا" أو "تتلقى فوائد" من الحكومة الروسية، أو يُزعم أنها "تهدد سلامة أراضي وسيادة أوكرانيا". وفي السياق، يقول فاديم ميكيف، صحافي روسي، لـ"العربي الجديد":"منذ بداية العملية العسكرية في أوكرانيا في عام 2022، فُرضت عقوبات غير مسبوقة على قطاع الطيران، لذلك فهي ليست أول مرة. وواجهت شركات الطيران الروسية في وقت مبكر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا تقييد الرحلات الجوية إلى الخارج، حيث اقتصرت الرحلات الجوية لشركات الطيران الروسية إلى الدول التي لم تغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية".
وأضاف ميكيف: "كما شملت العقوبات المفروضة، بالإضافة إلى القيود على الرحلات الجوية، حظر شراء الطائرات والمحركات وقطع الغيار من قبل شركات الطيران الروسية فضلا عن إصلاحها، ومنعها من شراء قطع الغيار من الموردين الرسميين، ما تسبب في أزمة حقيقية خلال الفترة الماضية في قطاع الطيران، إلا أن روسيا استطاعت التغلب على الأزمة من خلال الواردات الموازية". وتابع: "لقد اعتادت روسيا على العقوبات الغربية والتغلب عليها وإيجاد البديل، ليس فقط في قطاع الطيران بل تقريباً في معظم القطاعات. ما نراه الآن من فرض عقوبات جديدة من قبل الغرب على شركات طيران روسية أو شركات أخرى من وجهة نظري أصبح عبارة عن "مسرحية"، فالعقوبات الجديدة لم يعد لها تأثير قوي على روسيا، والغرب أصبح يعلم جيداً أن موسكو أصبحت قادرة على التعامل مع العقوبات الغربية".
عقوبات على رجال أعمال روس
يخضع رجلا الأعمال الروسيان إيغور ألتوشكين ورومان تروتسينكو لمجموعة عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي، وفقا لوثيقة نشرت اليوم على الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية. وإيغور ألكسيفيتش ألتوشكين هو رجل أعمال روسي ومؤسس شركة النحاس الروسية التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة يكاترينبورغ الروسية. أما رومان فيكتوروفيتش تروتسينكو فهو رجل أعمال روسي ورئيس مجلس إدارة شركة "إيون" (مجموعة استثمارية دولية خاصة في روسيا).
وأُدرجت شركة الحفر أوراسيا، التي يشير الاتحاد الأوروبي إلى أنها "تساهم بشكل كبير في تطوير قطاع الطاقة الروسي"، في قائمة العقوبات. وبالإضافة إلى ذلك، أدرج الاتحاد الأوروبي في القائمة مركز أطلس العلمي والتقني، الذي يشارك في البحث والتطوير وإنتاج أدوات أمن المعلومات المشفرة.
وحزمة العقوبات هذه التي تعدّ الرابعة عشرة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، كانت موضوع مفاوضات مكثّفة لأسابيع في مواجهة إحجام بعض الدول الأعضاء عن الموافقة عليها، بما في ذلك ألمانيا. وتوصل سفراء الاتحاد الأوروبي الخميس الماضي إلى اتفاق بشأن العقوبات الجديدة، بحسب ما ذكرت الرئاسة البلجيكية للتكتل الأوروبي عبر منصة التواصل الاجتماعي (إكس)، أن "هذه الحزمة تشمل تدابير جديدة موجهة وتعظم تأثير العقوبات الحالية عن طريق سد الثغرات". وباتت هذه العقوبات المتفق عليها نهائية اليوم الاثنين بإقرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لها.
العقوبات على روسيا تحرمها من عائدات الطاقة
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي صاغ فريقها العقوبات الجديدة، إن الحزمة "سوف تحرم روسيا من الوصول إلى تقنيات رئيسية، وستحرم روسيا من المزيد من عائدات الطاقة، وتتعامل مع مسألة أسطول الظل التابع لبوتين وشبكة الظل المصرفية في الخارج".
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، وعشرات النواب وعدد كبير من النخبة الروسية، من بين أكثر من 1700 شخص أُدرِجوا بالفعل على قائمة المستهدفين بالعقوبات. بينما الكيانات المتضررة حالياً، التي يزيد عددها على 400 شركة، تشمل شركات تعمل في قطاعات الجيش والطيران وبناء السفن والآلات ومجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية وأحزاب سياسية ومصارف. كما أصبح نحو 210 مليارات يورو (225 مليار دولار) من أصول البنك المركزي الروسي مجمداً في دول الاتحاد الأوروبي.
ومدد الاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، عقوباته الاقتصادية على روسيا عاماً إضافياً بسبب ضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014. وذكر مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان أنه مدّد الإجراءات التقييدية ضد روسيا حتى 23 يونيو/ حزيران 2025.
وتحد العقوبات من أنشطة مواطني دول الاتحاد الأوروبي وشركاتها في منطقتي شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول، أبرز مدن شبه الجزيرة، وتحظر استيراد المنتجات من القرم إلى دول الاتحاد الأوروبي. كما تحظر على مواطني الاتحاد الأوروبي وشركاته الاستثمار وتقديم الخدمات المالية لهاتين المنطقتين، وتحظر تصدير المنتجات والتقنيات المستعملة في قطاعات النقل والاتصالات والطاقة إلى القرم. وتمنع أيضاً تقديم التكنولوجيا والدعم الفني إلى المنطقة، خاصة في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والمعادن واستخراجها وإنتاجها.
الرد الروسي على العقوبات
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو للصحافيين رداً على العقوبات الغربية الجديدة إن روسيا ستحلل بعناية الحزمة الرابعة عشرة من العقوبات وستتخذ إجراءات انتقامية". وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي يسير على طريق التصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري، بغض النظر عن عواقب ذلك على حالة اقتصاده ورفاهية المواطنين والأمن". وردا على سؤال من الصحافيين عما إذا كان الاقتصاد الروسي قادرا على التعامل مع حزمة العقوبات الجديدة، أشار غروشكو إلى أن الاقتصاد الروسي لن يتعامل مع هذه الحزمة فحسب، وأنه قد تعامل معها بالفعل.
ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، على الحزمة الرابعة عشرة الجديدة من العقوبات ضد روسيا، بما في ذلك القيود الاقتصادية والشخصية، وفُرضت عقوبات على 69 فرداً و47 منظمة. وشملت القيود الغاز الطبيعي المسال الروسي، والبرنامج الخاص للأمن الغذائي التابع لبنك روسيا، والسلع والخدمات الجديدة.
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها بعد أن كانت تتبع أوكرانيا، عقب استفتاء من جانب واحد أجري في مارس/ آذار 2014. وبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وما تبعته من قلاقل واضطرابات في شرق أوكرانيا، بدأ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول بفرض عقوبات على روسيا.
ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، لحقه ضم مناطق أوكرانية أخرى بعد اندلاع الحرب بين البلدين في 24 فبراير/ شباط 2022. وضمت روسيا مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا الأوكرانية (شرق) إليها في سبتمبر/ أيلول 2022.
(رويترز، العربي الجديد)