رأى محللون وخبراء مصرفيون أن هناك تصرفاً في أموال المودعين من قبل بعض المصارف التجارية وسط إهمال للمتابعة والمراجعة المحاسبية، فيما أمر مكتب النائب العام بالقبض على عدد من مسؤولي القطاع المصرفي لإساءتهم استخدام السلطة، من أجل التحقيق معهم في اتهامات بجني منافع مالية والتلاعب ببيانات العملاء.
وحُبس 26 متهماً احتياطياً في جرائم فساد بالقطاع المصرفي، ضمن التحقيقات في وقائع تزوير بيانات مصارف لغرض تحقيق منافع مادية غير مشروعة.
وأوضح بيان لمكتب النائب العام بطرابلس أن المتهمين نفذوا إلى قواعد بيانات مصارف تجارية بتسهيل من موظفيها المخولين الولوج إلى تلك القواعد حتى يتهيأ لهم تعظيم مديونية المصرف في حسابات معينة، بإدراجهم أرقاماً تفوق حقيقة الأرصدة الدائنة.
وفي سياق متصل، أمرت النيابة العامة بحبس أحد العاملين في "مصرف التجارة والتنمية" في بنغازي، كذلك أمرت بالقبض على آخرين بتهمة اختلاس 12 مليون دينار، من طريق تزوير بيانات حسابات عملاء بإضافة أرقام تفوق الأرصدة الدائنة، وتحويلها إلى حسابات أشخاص آخرين متعاونين مع الموظفين المتهمين. (الدولار= 4.8115 دنانير).
كذلك كشف مكتب النائب العام اختلاس 375 ألف دينار من أموال فرع مصرف الجمهورية بالظاهرة، مشيراً إلى حبس 3 من موظفي المصرف بتهمة التورط في الواقعة.
إلى ذلك، قال المصرفي معتز هويدي لـ"العربي الجديد" إن التصرف بأموال المودعين حصل في عدد من المصارف التجارية، إضافة إلى قيام "المركزي" الموازي في البيضاء بالتصرف بأموال المودعين خلال سنوات ماضية.
وأضاف أن رؤوس أموال المصارف الليبية صغيرة نسبياً، ولا يوجد فيها كبار عملاء من رجال الأعمال، بل تقتصر موجوداتها غالباً على القطاع الحكومي والموظف البسيط الذي لا تدر عليه أنشطته سوى مبالغ مالية بسيطة.
بدوره، أشار المحلل المالي محمود سالم لـ"العربي الجديد" إلى أن ليبيا تحتاج إلى ضمان السلامة المالية في ظل الديون المشكوك في تحصيلها لدى بعض المصارف التجارية، مطالباً بالمحافظة على مدخرات المواطنين ودعم النشاط الاقتصادي والمحافظة على الاستقرار المالي في الدولة.
وقال إن صندوق ضمان أموال المودعين يشبه إلى حد كبير ما تقوم به شركات التأمين، إلا أن وعاء التعويض يختلف في هذه الحالة، حيث يلتزم صندوق ضمان أموال المودعين التعويض وفقاً لنظام الشرائح الذي يحدده نظامه الأساسي.
ويعتبر صندوق ضمان أموال المودعين مؤسسة ذات ذمة مالية مستقلة تخضع لإشراف مصرف ليبيا المركزي تأسست سنة 2005، من أهم أهدافه حماية أموال المودعين تشجيعاً للادخار وتعزيز الثقة بالنظام المصرفي ودعم الاستقرار المالي في البلاد، ولم يُدفَع أي تعويض منذ 16 سنة، ورأسمال الصندوق 6.7 ملايين دينار نهاية 2014 وفقاً لآخر تقرير له.
ويقول العميل علي عبد القادر إن حسابه لدى "مصرف الجمهورية" في منطقة مزدة، 186 كيلومتراً شمال طرابلس، جرى التلاعب به عبر سرقة الأموال من الحساب المصرفي من دون الوصول إلى حل من قبل إدارة المصرف.
وأشار إلى أنه يدرس في خارج الوطن، وعند رجوعه وجد الحساب المصرفي خالياً من المال. وهناك حالات مماثلة بشأن الحسابات المصرفية من دون الوصول إلى تسوية بشأن الأموال.
ورأى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني، أن القطاع المصرفي لا يعاني من عسر مالي حالياً. وقال لـ"العربي الجديد" إن ليبيا لم تسجل حتى الآن إفلاس مصرف عام أو خاص، لأن المصرف المركزي يتدخل في الوقت المناسب، كذلك هناك احتياطي قانوني للمصارف التجارية.
وبيّن أن المصارف تعاني أزمة سيولة منذ أكثر من 10 السنوات، ولا توجد ودائع تحت الطلب للحسابات الجارية، معتبراً أنها "مشكلة مؤقتة".