الإنفاق الحربي الإسرائيلي يرتفع... ورطة اقتصاد الاحتلال المأزوم

12 ديسمبر 2023
الإنفاق الحربي يزيد المشكلات (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن يؤدي العدوان الوحشي على غزة إلى زيادة الإنفاق الحربي الإسرائيلي بشكل منتظم بنحو 0.5% إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي سيتطلب من الاحتلال إيجاد مصادر لتغطية النفقات الإضافية في الميزانية. وأمام الخزانة عدة طرق لتمويل الزيادة، منها زيادة العجز والدين، وهو خيار خطير قد تفضله فعلا الحكومة، التي ليست في عجلة من أمرها لخفض الإنفاق المدني أو زيادة الضرائب، وفقاً لتقرير نشره موقع "كالكاليست" الإسرائيلي.

إذ "من المحتمل جداً أن ترتفع نفقات الحكومة بسبب الزيادة الدائمة في نفقات الدفاع (أي نفقات الحرب) وزيادة مدفوعات الفوائد. ومن المتوقع أن تكون هذه النفقات أقل بكثير من التكاليف الحالية للقتال، لكنها كبيرة لأنها سوف تستمر لفترة طويلة"، هذا ما أوضحه محافظ بنك إسرائيل أمير يارون في المؤتمر الصحافي بعد قرار سعر الفائدة الأخير.

وتشير جميع الهيئات الدولية، بما في ذلك موديز وستاندرد آند بورز وصندوق النقد الدولي، التي قامت بتحليل عواقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وبعدها العدوان على غزة، إلى أن نفقات الحرب الإسرائيلية ستزداد بانتظام، وتؤكد ذلك بشكل رئيسي على المدى المتوسط ​​والطويل.

أي أنه على الرغم من أن الجميع يؤكدون على عدم اليقين المحيط بالأحداث الأمنية، إلا أن هناك اتفاقاً على أن القفزة في الإنفاق الحربي ​​الإسرائيلي أمر واقع. وهذا تغيير بعيد المدى بالنسبة لاقتصاد إسرائيل وسياسة الميزانية، حيث إن نفقات الحرب الإسرائيلية، على الرغم من أنها تقفز كل عام، تتناقص من حيث وزنها في الناتج المحلي الإجمالي.

أسئلة محورية حول الإنفاق الحربي الإسرائيلي

وإذا كانت النفقات الحربية تشكل قبل ثلاثين عاماً حوالي 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي، في العام الماضي، انخفضت بشكل كبير وبلغت حوالي 4.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من الانخفاض، لا يزال هذا الوزن هو الأعلى في الغرب ومن بين أعلى المعدلات في العالم.

ويبلغ المتوسط ​​في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي منطقة اليورو حوالي 1.3%، وفي دول مثل الولايات المتحدة يبلغ الإنفاق الحربي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح الموقع الإسرائيلي أنه فقط في عام 2023 زادت الحكومة 30 مليار شيكل أخرى لنفقات الحرب، وهو مبلغ يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يرفع العبء العسكري إلى حوالي 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير التقديرات إلى أن هذه القفزة كانت لمرة واحدة، في حين أن المستوى الدائم سيرتفع بنسبة 0.5-1% من الناتج المحلي الإجمالي، أي بمقدار 10-20 مليار شيكل سنوياً. هناك اتفاق واسع النطاق على أن هناك حاجة إلى استثمار أكبر في الأمن بعد الهجوم الذي أدى إلى الحرب، "وقد انهار نموذج الجيش الصغير والذكي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وسيتعين عليه أن يتغير في السنوات القادمة"، بحسب "كالكاليست".  

ويثير التخصيص الإضافي المتوقع بعد الحرب سلسلة من الأسئلة لدى الاحتلال، تتمحور حول مسألة الاستخدامات وخاصة المصادر، أي كيف ستمول حكومات إسرائيل الزيادة في المستقبل القريب والبعيد.

خيارات الاحتلال

لدى وزارة المالية أربع طرق لتمويل الإضافة الدائمة لميزانية الحرب: زيادة الضرائب أو زيادة الإيرادات؛ تحويل الإنفاق المدني لصالح الإنفاق الحربي؛ وزيادة العجز والديون. هذه الطرق ليست أحداثا متناقضة، ما يعني أنه من المحتمل أن تضطر الخزانة إلى اللجوء لبعضها، إن لم يكن كلها.

ويشرح الموقع الإسرائيلي أن الطريقة الأخطر هي زيادة العجز والديون. في ما يتعلق بالسياسة العامة، هذا بديل يُعرف باسم "لا تفعل شيئًا". أي أن الإنفاق الحربي زاد، ولم يتم إجراء تعديل على جانب الإنفاق ولا على جانب الدخل، وبالتالي زاد العجز، وبالتالي ارتفع الدين أيضاً. ولا تستطيع الحكومة الإسرائيلية زيادة الدين بشكل دائم ومستمر بعد الحرب. ولا بد من عكس الاستراتيجية المالية وصياغة سياسة لخفض الدين إلى الناتج على مر السنين.

وبحسب التوقعات، من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل من 60% من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 66% (120 مليار شيكل)، وتمكنت الحكومة من وتخفيض الدين من 71% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 60% خلال عامين، ما سمح لاقتصاد الاحتلال أن يستوعب اقتصادياً الحرب ومن دون أزمة مالية. 

وهناك طريقة أخرى لتمويل الزيادة، وهي تحويل الإنفاق المدني إلى الإنفاق الحربي. وهذه أيضًا طريقة إشكالية للغاية: على الرغم من أن الإنفاق العام في إسرائيل (بدون الفوائد) أقل بنسبة 3% من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 49.7% من الناتج المحلي الإجمالي، عند استبعاد الإنفاق الحربي، فإن الإنفاق المدني في إسرائيل منخفض للغاية مقارنة بالمتوسط ​​في الغرب.

أما أبسط طريقة لتمويل زيادة الإنفاق الحربي فهي زيادة الإيرادات. وفقًا لتقرير إيرادات عام 2023 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأسبوع الماضي، ارتفع الوزن الضريبي في إسرائيل إلى 32.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي مقارنة بـ32.4% في عام 2021، لكنه لا يزال أقل من متوسط ​​المنظمة البالغ 34%.

المشكلة الكبرى هي أن الحكومة الحالية لن ترفع الضرائب، وبعد 17 عاما من حكومات نتنياهو التي اعتبرت زيادة الضرائب خطيئة، فإن فرص مثل هذه الخطوة ضئيلة للغاية. علاوة على ذلك، تواجه هذه الحكومة صعوبة في إلغاء دعم الوقود أو إعادة فرض ضرائب مبررة مثل تلك المفروضة على المشروبات السكرية واستخدام الأواني التي تستخدم لمرة واحدة.

الطريقة الأخيرة وربما المفضلة لدى وزارة الخزانة هي اقتراح لتبسيط وتحويل الأموال داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي. والغرض من هذه الخطوة هو تعزيز النظام الأمني ​​والجيش في أعقاب التحديات الأمنية، بالإضافة إلى ذلك من الممكن أن تكون العملية بطيئة وغير كافية.

المساهمون