أصدر القضاء التونسي، الخميس، قراراً بحبس المرشح السابق للرئاسة ورئيس حزب قلب تونس، نبيل القروي، في قضية تبييض أموال ينظر فيها القضاء منذ سنة ونصف السنة. وأكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس محسن الدالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرار السجن الصادر عن القضاء يتعلّق بقضية واحدة من بين مجموعة من القضايا التي تلاحق القروي".
وفي أغسطس/ آب من العام 2019، قبيل الحملة الانتخابية الرئاسية، أوقف القضاء القروي بموجب مذكرة جلب صادرة بحقه، بعد شهر ونصف الشهر من توجيه التهمة إليه وإلى شقيقه غازي، وهو عضو في البرلمان.
وعقب توقيفه فرّ شقيقه غازي إلى خارج البلاد، قبل أن يعود ويترشح إلى الانتخابات البرلمانية عن دائرة بنزرت ويفوز بمقعد منحه الحصانة البرلمانية والإفلات من مواجهة القضاء مجدداً، فيما أطلق صراح نبيل القروي في ما بعد قيد التحقيق.
ويأتي الإيقاف الثاني لنبيل القروي وإيداعه السجن على خلفية شكاية رفعتها ضده منظمة "أنا يقظ" المدنية منذ سنة 2016 بتهمة التهرب الضريبي. وكشفت المنظمة عن تجاوزات الأخوين القروي عقب نشر بنك الإسكان (بنك حكومي)، تقريرا يضم قائمة بالمؤسسات التي تجاوزت مديونيتها للبنك مليون دينار إلى غاية العام 2010، ومن بين هذه المؤسسات شركة "نسمة برودكست" المملوكة لنبيل القروي، والتي استفادت من تحويلات مريبة تجاوزت مليوني دينار، أي نحو 730 ألف دولار.
وقال منسق المشاريع في المنظمة موفق الزواري، في تصريحات إعلامية حينها، إن تقرير بنك الإسكان وما تضمنه من شبهات حول التصرفات المالية المشبوهة للقروي كان اللبنة الأولى التي ارتكزت عليها المنظمة لإعداد ملف احتوى على 700 وثيقة رسمية كانت أدلة دفعت نحو إصدار بيان مفصل، ومن ثم التوجه إلى القضاء في سبتمبر/ أيلول 2016.
وكان القروي قد ترشح للانتخابات الرئاسية في سبتمبر/ أيلول 2019 وتمكن من المرور إلى الدور الثاني حيث واجه قيس سعيد الذي فاز بالمرحلة الثانية من الانتخابات. وتعيش تونس خلال الفترة الأخيرة حرباً في ملفات الفساد وسط مناخ سياسي مأزوم أطاح حكومة إلياس الفخفاخ، الذي واجه تهم استغلال النفوذ والوقوع في تضارب المصالح. وكانت هيئة مكافحة الفساد (هيئة دستورية)، قد أوكلت ملف شبهات تضارب المصالح والفساد المتعلّق برئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ إلى القضاء المالي بعد تقديم أدلة ووثائق قالت إنها تثبت الشبهات على شركات يملك فيها الفخفاخ مساهمات، مطالبة بمنع سفر وتجميد أموال المشتبه فيهم. وتخسر تونس سنويا جراء الفساد نحو 3 مليارات دولار، بحسب أرقام هيئة مكافحة الفساد.
وحسب مراقبين، يساهم الفساد في مفاقمة الأزمات المعيشية التي تواجه المواطنين. ولا تعد الحرب على الفساد التي أطاحت بحكومة الفخفاخ، الأولى من نوعها في تونس، حيث قاد سلفه يوسف الشاهد عام 2017 حملة لمكافحة الفساد تم على أثرها توقيف رجال أعمال وشخصيات نافذة، غير أن الحملة واجهت انتقادات عديدة بعدما اتهمته المعارضة البرلمانية حينها بتحريك ملفات ضد الفاسدين لتحقيق مآرب سياسية.