الإسرائيليون يلجأون إلى طرق عدة لتهريب مدخراتهم إلى ملاذات آمنة

21 أكتوبر 2024
بورصة نيويورك أحد الملاذات التي لجأ إليها الإسرائيليون، 2 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت إسرائيل هروبًا كبيرًا لرؤوس الأموال منذ اندلاع الحرب، حيث اتجهت مليارات الدولارات نحو ملاذات خارجية، مما أثر على الأنشطة الاقتصادية وأدى إلى ضعف الشيكل وزيادة الضغط على احتياطي النقد الأجنبي.
- تنوعت قنوات هروب الأموال لتشمل الاستثمار في الأسهم الأجنبية وفتح حسابات خارجية وشراء عقارات، مع زيادة الفجوة في سعر الفائدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، مما يهدد استقرار الاقتصاد.
- تضاعفت استثمارات الإسرائيليين في الخارج، خاصة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، مما يعكس قلق المستثمرين من الاستقرار الاقتصادي ويزيد من التحديات أمام الحكومة.

تزايدت وتيرة خروج رؤوس الأموال بشكل عام من إسرائيل منذ اندلاع الحرب قبل عام، لكن اللافت أن مليارات الدولارات التي فرت تعود لأفراد وأسر في الكيان المحتل، وسلكت عدة طرق نحو ملاذات خارجية، لحمايتها من تداعيات الحرب التي أثرت بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية المختلفة في إسرائيل وارتفعت معها وتيرة الخوف من المستقبل.

وأشارت تقارير اقتصادية إلى أن الأموال التي سلكت طريق الهجرة العكسية سارت في قنوات عدة، منها الاستثمار في الأسهم، وفتح حسابات مصرفية، والحصول على قروض خارجية، وشراء عقارات، وتمويل احتياجات الأقارب، والحصول على الإقامة والجنسية في بلد آخر.

أظهر تحليل اقتصادي نشره موقع كالكاليست الإسرائيلي، أمس الأحد، أن تدفق رؤوس الأموال من إسرائيل إلى الخارج قفز بنسبة 62% خلال عام واحد، مشيراً إلى تداعيات هذا الأمر على ديناميكية الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل، وإضعاف قيمة الشيكل أمام العملات الأجنبية والضغط كذلك على احتياطي النقد الأجنبي. وأضاف أن "هروب رأس المال ظاهرة يجب منعها بأي شكل من الأشكال، وقد تؤدي بالاقتصادات إلى الانهيار أو الأزمة".

ووفق التحليل، فإن هناك عدة محددات لقياس تأثيرات هروب رؤوس الأموال، منها ارتفاع الطلب على النقد الأجنبي والذي يضغط بدوره على العملة المحلية، موضحاً أن الشيكل تراجع بنحو 10%، من نحو 3.52 إلى 3.86 شيكل للدولار، ما يفوق وتيرة هبوط العملات الأكثر ضعفاً بشكل حاد مقارنة بالدولار والبالغة نحو 4.7%.

ولأول مرة، منذ فترة طويلة، تم تسجيل صافي استثمار مباشر سلبي في الربع الأول من عام 2024، حيث استثمر الإسرائيليون في الخارج أكثر من استثمار الأجانب في الداخل الإسرائيلي، والتي انخفضت إلى النصف من 12 مليار دولار في عام 2023 إلى 6 مليارات دولار في عام 2024.

وتتجسد هذه المؤشرات في بيانات الاستثمار في التكنولوجيا الفائقة. وفقاً للتقديرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 التي نشرتها شركة IVC الإسرائيلية لأبحاث السوق، وهي مصدر البيانات والمعلومات التجارية في صناعة التكنولوجيا الفائقة المحلية، جمعت شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية 938 مليون دولار في 61 صفقة، وهذا هو أقل عدد من رأس المال الذي تم جمعه خلال سبع سنوات منذ الربع الثالث من عام 2017، وأقل عدد من المعاملات في العقد الماضي.

قد يشير اتساع فجوة سعر الفائدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث ترتفع في دولة الاحتلال بينما يخفضها البنك الفيدرالي الأميركي، إلى جهود للحد من هروب رؤوس الأموال. ووفق التصريحات الأخيرة لمحافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، فإن سعر الفائدة قد يستمر في الارتفاع، وبالتالي فإن فروق أسعار الفائدة في المستقبل قد تستمر لعام آخر حتى الربع الثالث من 2025. وللمرة السادسة على التوالي، ترك بنك إسرائيل سعر الفائدة الأساسي عند 4.5%، وفق قرار لجنة السياسة النقدية الصادر في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وأشار التحليل إلى أنه عندما يقدر المستثمرون الأجانب أن هناك زيادة في علاوة المخاطر لبلد ما، فقد يبيعون السندات الحكومية في هذه الحالة، مما يخفض السعر ويرفع سعر الفائدة، ويحدث هذا عادةً عندما يفقد المستثمرون الثقة في الاستقرار الاقتصادي ويطلبون إعادة الأموال إلى "وطنهم" للبحث عن استثمارات أكثر أماناً. وهذا يعني أن سعر خدمة الدين (دفع الدين) أصبح باهظ الثمن. ووفقاً لتقدير دقيق من قبل قسم الموازنة في وزارة المالية، من المتوقع فقط أن تكون الزيادة في مدفوعات الفائدة في عام 2024 حوالي 4 مليارات شيكل (حوالي 1.1 مليار دولار) وفي العام المقبل أكثر من سبعة مليارات شيكل. ووفقاً لبيانات بنك إسرائيل، انخفض وزن الأجانب الحائزين سندات الحكومة الإسرائيلية من حوالي 15% إلى 8.7% خلال العام.

وتضغط الأموال المتدفقة إلى الخارج لتزيد من مأزق أسعار الفائدة في إسرائيل، والحد من عجز الموازنة المتسارع منذ بداية العام الجاري، وسط استمرار الحرب على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، واتساع نطاق الحرب مع حزب الله اللبناني، ونذر الحرب المباشرة مع إيران التي تقترب كثيراً.

الأسبوع الماضي، أظهر تقرير لصحيفة غلوبس الإسرائيلية أن استثمارات الإسرائيليين في مؤشر الأسهم الأميركية "ستاندرد آند بورز 500" تضاعفت منذ اندلاع الحرب، ما دعا محللين ماليين إسرائيليين إلى التحذير من المخاطر التي قد تتعرض لها المدخرات الإسرائيلية، عندما يتم استثمار نسبة كبيرة منها في أداة استثمارية واحدة، فيما أبدى آخرون قلقهم إزاء التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وسوق الأوراق المالية المحلية، التي من المرجح أن تجف مصادر رأس المال فيها.

ذكرت الصحيفة أنه في غضون ثلاث سنوات قفزت نسبة مدخرات الإسرائيليين طويلة الأجل، المستثمرة في المؤشر الأميركي، من 1% إلى 8% من إجمالي الأصول المالية طويلة الأجل للأفراد الإسرائيليين، التي تديرها صناديق التقاعد والادخار والتدريب المتقدم، مشيرة إلى أنها وصلت إلى 134 مليار شيكل (35.8 مليار دولار) مقابل 6 مليارات شيكل (1.6 مليار دولار).

عشية الحرب، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بلغت أصول صناديق التقاعد المستثمرة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" نحو 4% من الإجمالي، أو 28 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)، بينما في غضون عام واحد، تضاعف المبلغ ثلاث مرات تقريباً إلى 76 مليار شيكل (20.3 مليار دولار).

من خلال فحص البيانات الخاصة بأموال المؤسسات الادخارية، يتضح أنها في الأشهر الأولى من الحرب، اختارت زيادة الاستثمار في إسرائيل بناء على الرأي القائل بأن سوق الأسهم والسندات الإسرائيلي يمثل فرصة استثمارية على المدى الطويل، كما كان هذا الاستثمار جزءاً من التضامن مع السوق من قبل مديري الاستثمار الإسرائيليين، الذين أرادوا التعبير عن ثقتهم في السوق المحلية التي يعملون فيها. وبناء على ذلك، في الفترة من أكتوبر من العام الماضي إلى فبراير/شباط 2024، أعادت المؤسسات 24 مليار شيكل (6.4 مليارات دولار) إلى إسرائيل.

إلا أن الاتجاه انعكس تماماً، حيث زادت وتيرة خروج رؤوس الأموال منذ إبريل/نيسان الماضي تحديداً. على سبيل المثال، قامت شركة Phoenix Villain Lapidos، التي تدير 76 مليار شيكل من أموال الادخار و70 مليار شيكل من أموال التقاعد، بزيادة إرسالها للخارج بنسبة 1% كل شهر منذ مايو/أيار الماضي. وتظهر بيانات المؤسسات المالية أن زيادة تخارج رؤوس الأموال انقسمت إلى قسمين، فبعض المؤسسات عملت بنشاط على تقليل الاستثمار في إسرائيل، ومقابل كل استثمار أغلقته هناك، فتحت استثماراً جديداً في صناديق الادخار وصناديق التقاعد في الخارج، وفق تقرير لصحيفة كالكاليست نُشر في سبتمبر الماضي.

كما ذكرت صحيفة معاريف أنه حتى السابع من أكتوبر 2023، كانت معظم التحويلات المالية من جانب الإسرائيليين تهدف إلى تغطية الاحتياجات الشخصية بمبالغ صغيرة. لكن منذ بداية العام الجاري 2024، هناك اتجاه لتدفق الأموال إلى الخارج، الجزء الرئيسي منه حركة الصناديق الادخارية والاستثمارية، إلى جانب شراء العقارات في الخارج.

المساهمون