في أجواء انقسام بين مؤيد ومعارض على المستوى السياسي والشعبي، وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أواخر الشهر الماضي، حجر الأساس لمشروع قناة إسطنبول التركية. فلنتعرّف على الآراء المتباينة بشأنها من منافع مؤكدة وأضرار مزعومة.
أردوغان كان قد أشار سابقاً، إلى عشرات آلاف السفن التي تمر من مضيق البوسفور سنويا، مع ما تحمله من أخطار تهدد بشكل مباشر سكان المدينة، واصفاً مشروع القناة بأنه "مشروع إنقاذ مستقبل إسطنبول"، وذكّر بحوادث السفن في المضيق، التي أثارت ذعر أهالي إسطنبول خلال القرن السابق، موجها خطابه إلى أبناء الجيل الحديث في تركيا، الذين طالبهم بالاطلاع على ما حققته السلطة في الـ20 سنة الماضية.
ووجّه أردوغان رسائل حاسمة باستمراره في مشروع قناة إسطنبول مهما اشتدت المعارضة، مذكراً المعارضين بكل المشاريع العملاقة التي عارضوها بشدة، ونفذها رغم ذلك، مثل مترو أنفاق "مرمرة" الذي يصل بين قارتين عبر أسفل البحر، وجسر "ياووز سليم" المعلق على أعمدة بارتفاع مماثل لبرج إيفل، قائلا: "لو استمعنا إليكم لما نُفذ أي من هذه المشاريع".
وفي تصريح لـ"العربي الجديد "، يقول د.أحمد يبرودي، رئيس المجلس الأعلي لرجال الأعمال في الشرق الأوسط"، إن مشروع قناة إسطنبول من المشاريع المهمة التي لها عائد اقتصادي كبير على الدولة، مشيرا إلى أنه سيخلق فرصا ليس لتركيا فحسب، بل للمنطقة بأسرها، من خلال استحداث فرص عمل وتعزيز التبادل التجاري والتفاعل الثقافي وتنشيط حركة السياحة.
وذكر يبرودي أن هناك 44 مضيقا مائيا في العالم، ومع ذلك فإن قناة إسطنبول جذبت انتباه العالم في الوقت الحالي، لأنها من أكبر المشاريع التجارية والإستراتيجية هذا العام.
أما د. عبدالمطلب أربا، رئيس قسم فقه الاقتصاد الإسلامي في إحدى جامعات إسطنبول، فقد أوضح أن القناة لها أهمية كبيرة، مشيرا إلى أن السفن أثناء عملية النقل يجب أن تحجز دورا وتنال حق الإجازة في العبور من المضيق، وهي ترتيبات تتطلب 12 يوما حدا أدنى وتصل إلى 18 يوما في بعض الحالات، مؤكدا أن مدة الانتظار هذه تكبد شركات النقل خسائر.
وتوقع أن تفتح قناة إسطنبول الجديدة المجال أمام هذه السفن كي تعبر مباشرة إلى حيث تريد.
أسباب معارضة المشروع
في المقابل، ثمة معارضة للمشروع، لأسباب عدة، تبدأ مما تراه تدميرا بيئيا لبحر مرمرة، وإنهاء للتوازن بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ورفع أسعار الأراضي على ضفتي القناة، وزيادة عدد سكان إسطنبول المكتظة، وتدمير مواقع أثرية يعود تاريخها إلى عام 6500 قبل الميلاد، وتدمير حوضين يزوّدان ثلث إسطنبول بالمياه العذبة.
وبحسب معطيات وزارة البنية التحتية، فإن دراسة قناة إسطنبول أجراها فريق من 7 من أفضل الجامعات التركية، بمشاركة 200 أكاديمي وشملت الدراسات 33 فرعا علميا مختلفا.
وأُجريت قياسات شملت 97 نقطة من أجل حماية البيئة، وحفريات بلغت 17 ألف متر في 304 نقاط مختلفة، منها 8 نقاط عن المياه الجوفية، و17 نقطة دراسة هيدرولوجية، عبر 56 مؤسسة لإعداد التقرير البيئي وجرت الاختبارات بمختبرات تركية وفرنسية.
يشار إلى أنه في العام 2019، بلغ عدد السفن التي عبرت البوسفور 41 ألفا و112 سفينة، منها 30% تنقل حمولات خطرة، فيما يبلغ أضيق عرض للبوسفور 700 متر، وهناك حركة يومية تقدر بألفي رحلة بين ضفتي المضيق في حركة نقل محلية، بجانب وجود تيارات مائية سطحية وجوفية ترفع مخاطر الاصطدام.