تتوجه حكومة النظام السوري إلى فرض مزيد من التشديد على الأسواق عبر مزيد من العقوبات المادية، ورفع سنوات السجن للتجار المخالفين لقراراتها، في وقت تستمر فيها أجهزة الأمن باعتقال المتعاملين بغير الليرة السورية، ومن يقومون بحوالات مالية خارج البنوك التي سمح بها النظام السوري.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام النظام ناقش مجلس الوزراء التابع للنظام السوري في جلسة عقدت يوم أمس الأربعاء، مشروع صك تشريعي خاص بتعديل أحكام قانون حماية المستهلك رقم 14 لعام 2015، والذي يتضمن التشدد في عقوبات المخالفات الجسيمة المتعلقة بالاتجار بالمواد المدعومة والغش، وبيع المواد منتهية الصلاحية، وإضافة عقوبات مشددة بحق مخالفات الاحتكار، وبيع المواد مجهولة المصدر، والمتاجرة بالمواد المقدمة من خلال البطاقة الإلكترونية.
وقال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي في تصريح عقب جلسة لمجلس الوزراء، بثته رئاسة المجلس مساء يوم أمس الثلاثاء، إن العقوبات التي يتضمنها مشروع القانون ستكون مشددة مقارنة بالقوانين النافذة.
وأوضح أن الغرامات كانت تصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف ليرة وأصبحت تصل إلى مليون أو 5 ملايين أو 10 ملايين وفق مشروع القانون الجديد.
كما تنوي حكومة النظام زيادة المخالفات الجزائية بحدود الحبس، بحسب ما صرح البرازي ورفع سنوات الحبس للمخالفين التي كانت بحدود من شهر إلى سنة لتصل حاليا إلى 7 سنوات، مع إمكان مضاعفة العقوبة في بعض الحالات التي تعتبر متكررة أو جسيمة.
وينص المشروع على تحديد فترة إغلاق المنشأة التي تقع فيها مخالفة الغش أو الاحتكار لفترة قد تصل إلى 6 أشهر، كما شدد المشروع العقوبات الخاصة في توزيع المحروقات لعقوبات تصل إلى إغلاقات طويلة إلى أكثر من مرة، أو منع تزويد المحطة بالوقود.
وبالتوازي مع هذه الإجراءات أعلنت وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري يوم أمس على صفحتها في "فيسبوك" أن دوريات تابعة لمخابرات "فرع الأمن الجنائي"، اعتقلت 15 شخصاً وصادرت مبالغ مالية كبيرة، بتهمة التعامل بغير الليرة السورية، وتحويل الأموال بصورة غير قانونية في دمشق.
وعرضت داخلية النظام صوراً للمعتقلين وبجانبها المبالغ المادية وقالت الوزارة إنها ستواصل عملية "متابعة وملاحقة الأشخاص المتعاملين بغير الليرة السورية"، مؤكدة أن "الموقوفين اعترفوا بتعاملهم بغير الليرة السورية ومزاولة مهنة تحويل الأموال".
وحول تأثير الإجراءات التي أعلن عنها النظام رأى الباحث الاقتصادي أيمن خليلو في حديث لـ"العربي الجديد" أن النظام من خلال تشديد الإجراءات يعالج قشور المشكلة دون الاهتمام بأصلها.
وأوضح الباحث أن هذه الإجراءات إنما تستهدف المواطنين والتجار البسطاء الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً، في حين أن من يدعونهم "الحيتان" ومن يسيطرون على موارد الاقتصاد بعيدون كل البعد عن المحاسبة، بل هم المستفيدون الحقيقيون من هذه الأزمة.
وتساءل ذات المصدر: "كيف تلاحق حكومة النظام من يمتلك بضعة دولارات، ثم تحدد رسومها القنصلية ومعاملات دفع البدل بالعملة الأميركية أليس هذا الأمر تناقضا صريحا منها؟".
واستبعد في الوقت ذاته أن تؤثر هذه الإجراءات في خفض الأسعار، مشيرا إلى أنها ستؤدي فقط لزيادة قيمة الرشاوي التي يتقاضاها موظفو الرقابة على الأسواق.