خفّض بنك جي بي مورغان الأميركي، مساء الجمعة، بشكل حاد توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في الربع الرابع، إلى 11 في المائة، مقارنة بالربع السابق، فيما كانت توقعاته السابقة تشير إلى انخفاض 1.5 في المائة فقط.
وسبق أن توقعت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز، انخفاضاً أكثر حدة في الناتج المحلي في الربع الرابع، بمعدل 18.5 في المائة، وهو انخفاض نادر في القوة، ذكّر الاحتلال بمرحلة الهبوط الاقتصادي خلال انتشار فيروس كورونا في عام 2020، حين كان الانكماش 28.7 في المائة، بحسب بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
هذه الأرقام لها أسسها في اقتصاد ضربته عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر بالعمق، بعدما كان يترنح على وقع مخاوف المستثمرين من الخلافات الداخلية حول "الإصلاح القضائي".
وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في خطابه السبت: "أنا أؤيد توسيع الإنفاق الحكومي. وقلت لوزير المالية: ضع يديك في جيبك. الاقتصاد الوحيد الذي يهمني الآن هو التسلح. لدينا اقتصاد قوي وهائل. يمكننا أن نستوعب ذلك".
إلا أنّ موقع "ذار ماركر" الإسرائيلي اعتبر أن هناك هوة بين القول والأفعال "مع مرور أكثر من ثلاثة أسابيع منذ اندلاع الحرب، ومن الواضح أنه على الجانب الاقتصادي لا يوجد حتى هامش لخطة تتناول مسألة الكيفية التي يفترض أن يمول بها الاقتصاد الحرب".
ويوم الخميس، التقى ممثلو أصحاب العمل وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نير بركات، لمحاولة بناء خطة تعويض للشركات، لكن بحسب الموقع الإسرائيلي، من الواضح أن أي خطة تُوضَع، على افتراض أنه ستُوضَع خطة، ستتطلب موافقة الحكومة واللجنة المالية، فيما هاتان الهيئتان لا تعملان حقاً".
ويعيش الاقتصاد الإسرائيلي في حالة من الفوضى الكاملة، والعديد من الشركات مغلقة، وأنظمة التعليم لم تعد تعمل بشكل عادي ولا توجد خطة عمل. الأهم أن بعض الصفقات الضخمة التي بدأ نسجها حتى قبل بدء عملية "طوفان الأقصى"، تواجه الآن مشكلة.
مثلاً، انخفض سهم شركة بطاقات الائتمان "إسراشارت" بنسبة 14 في المائة يوم الخميس، وأكملت انخفاضاً بنسبة 22 في المائة خلال الأسبوع، لتصل قيمة الشركة إلى 2.3 مليار شيكل، وهو أقل بمليار مما يفترض أن تدفعه مجموعة هاريل الإسرائيلية للتأمين مقابل شرائها. ويبدو أن المتداولين في السوق يقدرون أن فرص تحقيق الصفقة قد تضاءلت.
ووفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، وافق المساهمون في شركة هاريل في شهر مارس/ آذار على الصفقة التي ستشتري بموجبها شركة التأمين شركة بطاقات الائتمان بقيمة 3.3 مليارات شيكل.
وكان من المفترض إغلاق الصفقة نفسها بحلول 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، وفي الوقت الحالي لم تتم الموافقة عليها من قبل هيئة المنافسة، ما يجعل من المشكوك فيه جداً إغلاقها بحلول ذلك التاريخ.
وتشهد بورصة تل أبيب، وأسهم البنوك تراجعات حادة منذ بدء "طوفان الأقصى". فقد ارتفع مؤشر تل أبيب 125 بنسبة 2.6 في المائة منذ بداية العام حتى الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، ثم انخفض بنسبة 13.5 في المائة منذ بدء عملية طوفان الأقصى. كذلك أدى الانخفاض الحاد في قيمة الشيكل إلى تقليص قيمة الاستثمار في إسرائيل مقارنة بأسهم أوروبا والولايات المتحدة.
ومن حيث القيمة الدولارية، انخفض مؤشر تل أبيب 125 بنحو 23.5 في المائة منذ بداية العام، مقارنة بزيادة قدرها 10 في المائة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وزيادة بنسبة 5 في المائة في مؤشر ستوكس 50 الأوروبي. ويواجه قطاع العقارات أزمة حقيقية.
ويشرح موقع "ذا ماركر" أن ما يحدث في سوق الإسكان يعتبر فريداً خلال العقود الخمسة الماضية، إذ قبل أيام قليلة من نهاية شهر أكتوبر الجاري، نجد أن المبيعات الشهرية للشقق الجديدة والقديمة داخل دولة الاحتلال قريبة من الصفر.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى جانب استمرار الحرب فإن سوق الإسكان، وربما الاقتصاد بأكمله، وفقاً للموقع الإسرائيلي، لن يتعافى بسرعة مع انتهاء الحرب، لا بل قد تتفاقم الأزمة.
قد تشير البيانات الرسمية لشهر أكتوبر، التي ستُنشَر في ديسمبر/ كانون الأول، إلى عدة مئات من المعاملات. ووفقاً لتقديرات المطورين الإسرائيليين، فقد تقلص نشاط البناء بنسبة تراوح ما بين 80 و90 في المائة.
وتحت عنوان "ضربات اقتصادية يصعب التعافي منها"، يشرح "ذا ماركر" أن مسؤولين في الصناعة، وعلى رأسهم جمعية المقاولين، يحذرون من الانخفاض المتوقع في المعروض من الشقق حتى بعد الحرب.
ويقول مالك شركة عقارية، أفيرام تاننباوم، لـ"ذا ماركر": "لا أعرف كيف سترتفع الأسعار بعد الحرب، على الرغم من الطلب، وحتى لو كان العرض منخفضاً للغاية. سيتعين على شخص ما شراء هذه الشقق، ولا أعرف من سيكون".
ويتوقع أن تغلق العديد من الشركات أبوابها، ويتلقى العاملون لحسابهم الخاص والموظفون ضربات مالية سيكون من الصعب التعافي منها.
ومن غير المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة على القروض العقارية في ظل تراجع التصنيف الائتماني للاحتلال والحاجة إلى زيادة رأس المال لتمويل نفقات الحرب. فضلاً عن ذلك، يقول موقع "كالكاليست" إن الحرب تؤدي إلى انخفاض سوق الرهن العقاري إلى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات.
وبحسب تقديرات من الجهاز المصرفي، من المتوقع أن يصل حجم القروض العقارية الجديدة التي سيُحصَل عليها حتى نهاية أكتوبر إلى 3.5-4.5 مليارات شيكل. آخر مرة انخفض فيها سوق الرهن العقاري إلى ما دون عتبة 4.5 مليارات شيكل كانت قبل 4 سنوات، في أكتوبر 2019.
وإذا انخفض حجم الرهن العقاري إلى أقل من 4 مليارات شيكل، فستكون المرة الأولى منذ سبتمبر/ أيلول 2018 التي ينكمش فيها السوق إلى هذا الحد.
وتخضع شركة الكهرباء الإسرائيلية لتدقيق وكالة التصنيف الائتماني موديز، التي تدرس خفض تصنيفها وتصنيف شركتي الطاقة إنرجيان وليفياثان بسبب نقص السيولة.
فقد أعلنت شركة الكهرباء أنها مضطرة لسحب مليار شيكل من احتياطها النقدي بسبب التكاليف الإضافية من جراء وقف عمل حقل تمار.
وبحسب إعلان الشركة يوم الأحد، فهي مطالبة بتكبد نفقات مختلفة بسبب الحرب، بما في ذلك الشراء الطارئ لقطع الغيار إلى جانب الوقود باهظ الثمن مثل الديزل والفحم.