الأسواق الإسرائيلية تخشى أضرار اجتياح رفح والمقاطعة التركية

الأسواق الإسرائيلية تخشى أضرار اجتياح رفح والمقاطعة التركية

07 مايو 2024
جنود إسرائيليون أمام متجر في مدينة سديروت، 9 أكتوبر 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الوضع الاقتصادي في إسرائيل يتأثر سلبًا بالتوترات الأمنية وقطع تركيا لعلاقاتها التجارية، مما يؤدي إلى هبوط الشيكل ويضطر المستوردين للبحث عن بدائل للسلع التركية، ما يرفع أسعار السلع والخدمات.
- التوقعات تشير إلى استمرار الضغوط على الشيكل مع احتمالية شن عملية عسكرية برية في رفح، مما قد يزيد تكاليف الواردات وأسعار الوقود ويؤثر سلبًا على تكاليف السفر ويدفع التضخم للارتفاع.
- العواقب الاقتصادية للتوترات والمقاطعة التركية تشمل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، مما يضع الحكومة الإسرائيلية أمام تحديات في محاولة لتخفيف الصدمة الاقتصادية ومخاوف من تداعيات على التصنيف الائتماني.

انعكس التوجه الإسرائيلي لاجتياح رفح جنوبي قطاع غزة، سريعاً على الشيكل الذي هبط خلال تعاملات، أمس الاثنين، وسط توقعات بمزيد من الهبوط خلال الفترة المقبلة، ما ينذر بموجة جديدة من ارتفاع أسعار مختلف السلع، لاسيما أن هذا الهبوط يتزامن مع اضطرار المستوردين للبحث عن بدائل للسلع التركية، بعدما قطعت أنقرة علاقتها التجارية مع تل أبيب في إطار تصعيد احتجاجها على عدوان الاحتلال على غزة ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الفلسطينيين.

وتراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بأكثر من 1% أمام الدولار، إلى 3.75 شواكل، كما هبط مقابل العملة الأوروبية الموحدة اليورو بنحو 1% إلى 4.03 شواكل. وألقت طائرات إسرائيلية منشورات ورقية في أجواء مدينة رفح، تطلب من النازحين في المناطق الشرقية للمدينة إخلاءها والتوجه نحو منطقة المواصي غربي القطاع.

وبينما كانت أسعار صرف الشيكل الإسرائيلي تتلقى دعماً من احتمالية التوصل إلى اتفاق هدنة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية نهاية الأسبوع الماضي، جاءت التطورات، أمس لتفقد الشيكل معظم المكاسب المحققة الأسبوع الماضي، حيث بلغت قيمة الدولار 3.7 شواكل في ختام تعاملات، الجمعة الماضي.

ويتوقع محللون إسرائيليون مواصلة العملات الأجنبية ارتفاعها أمام الشيكل، حال حدوث أي عملية عسكرية برية في رفح ليلامس الدولار أربعة شواكل، ما يرتد على أسعار الواردات من السلع، وكذلك الوقود الذي من المرجح أن تصعد أسعاره للشهر السادس على التوالي بحلول يونيو/حزيران المقبل. ومن المتوقع أيضاً أن تزيد تكاليف السفر إلى الخارج لاسيما بغرض السياحة خلال أشهر الصيف.

وقال يوسي فريمان، المدير التنفيذي لشركة "فريكو" لإدارة المخاطر والتمويل والاستثمار، في تصريح لموقع يديعوت أحرونوت الإسرائيلي، أمس، "من المتوقع أن يكون للتصعيد الأمني تأثيره على سعر الصرف وقد يقفز الدولار مرة أخرى فوق مستوى 3.8 شواكل".

كما رجح الاقتصاديون في شركة "ليدر كابيتال ماركتس"، بقيادة يوناتان كاتز، وفق صحيفة غلوبس الإسرائيلية، صعود الدولار خلال الفترة المقبلة، لكنهم رأوا أن من غير المتوقع أن تنخفض العملة الإسرائيلية بشكل حاد على اعتبار أن شن عملية عسكرية في رفح لم يكن مفاجئاً، وإسرائيل كانت مستعدة لهذه العملية. ووفق كاتز، فإن "التهديد الأكبر للشيكل يأتي من الجبهة الشمالية، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية وبالتالي يحتوي على خطر أكبر على سوق الصرف الأجنبي".

بدوره قال رونان مناحيم، كبير الاقتصاديين في بنك مزراحي تفحوت الإسرائيلي، إن "جزء من انخفاض قيمة الشيكل يرتبط أيضا بقطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل وآثارها السلبية على الاقتصاد"، مضيفا أن تهديد الحوثيين في اليمن أخيراً باستهداف السفن في البحر المتوسط من شأنه أن يفاقم الوضع.

ويتوقع المحللون داخل دولة الاحتلال أن يسجل التضخم ارتفاعاً لافتاً في مايو/أيار الجاري، بينما من المقرر أن تنشر السلطات الإسرائيلية، غدا الأربعاء، بيانات التضخم لشهر إبريل/نيسان الماضي.

وتضرب المقاطعة التركية عمق اقتصاد الاحتلال، حيث تطاول الانعكاسات العديد من القطاعات الحيوية، وفق تقرير لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي، لافتا إلى أن عواقب المقاطعة ستصل قريباً إلى جيوب وأسواق الإسرائيليين، وستنحصر واردات المواد الخام الأساسية للصناعة، وسترتفع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، فضلا عن ظهور علامات استفهام تتعلق باستيراد النفط الذي يمر عبر تركيا. وأضاف أن مواطني إسرائيل سيدفعون الثمن مرة أخرى.

وبينما يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن بدائل للسلع التركية التي ستتوقف من منافذ تجارية أخري مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا واليونان وقبرص، إلا أن ذلك سيكون مكلفاً وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، نظراً لارتفاع أسعار منتجات هذه الدول مقابل السلع التركية الرخيصة التي تحظى أيضا بجودة عالية. كما أن بعد المسافة مع الأسواق البديلة سيزيد تكاليف الشحن والاستيراد ما ينعكس أيضا على أسعار السلع في الأسواق الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي تحاول إسرائيل تخفيف صدمة المقاطعة التركية فإنها تخشى بشدة من قيام دول أخرى بخطوة مماثلة أو تقليص تجارتها. وحذر رئيس هيئة قطاع الأعمال دوبي أميتاي، من أن الدول الأخرى ستقلد تركيا وتقلل من التجارة مع إسرائيل، الأمر الذي قد يلحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد.

وبحسب بيانات اتحاد الغرف التجارية في إسرائيل، بلغت الواردات من تركيا 4.6 مليارات دولار العام الماضي 2023، فيما وصلت إلى مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار). في حين بلغت الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا 1.56 مليار دولار العام الماضي وحوالي 420 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي، شكّلت واردات إسرائيل من البضائع من تركيا في الربع الأول لعام 4.8% من إجمالي الواردات، مقارنة بـ 5.3% في الفترة المقابلة.

وتأتي التحركات الإسرائيلية للعدوان على رفح في إطار الحرب المستمرة على غزة منذ سبعة أشهر، في وقت تتصاعد الضغوط على المالية العامة، التي تعاني من تفاقم العجز الذي يتوقع أن يتجاوز 8% في موازنة 2024، وهو ما يقترب من أربعة أضعاف ما كان مقدراً قبل الحرب بنسبة 2.25%، كما يتجاوز كثيرا التقديرات التي تطرقت إليها الموازنة المعدلة للعام الجاري 6.6%.

ووفق الموازنة العامة، فإن الإنفاق المقدر للعام الجاري يبلغ 584.1 مليار شيكل (155.8 مليار دولار وفق سعر صرف أمس)، بزيادة 70 مليار شيكل مقارنة بموازنة الأساس المصادق عليها في مايو/ أيار 2023. وتظهر البيانات الصادرة عن المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ الشهر الماضي، وصول العجز على مدار الـ12 شهراً الماضية إلى 117.3 مليار شيكل، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً في نهاية مارس/ آذار. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2024 بلغت قيمة عجز الموازنة 26 مليار شيكل.

وأشارت صحيفة كالكاليست في تقرير مؤخرا، إلى تداعيات انفلات العجز المالي على التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى خفض وكالة ستاندرد آند بورز العالمية تصنيف إسرائيل الشهر الماضي. وخفضت ستاندرد آند بورز، تصنيف ديون إسرائيل درجة واحدة من (-AA) إلى (+A)، وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وقالت الوكالة في بيان لها "نتوقع أن يتسع العجز الحكومي العام لإسرائيل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، ويرجع ذلك بصفة رئيسية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي". وأضافت أن "العجز المرتفع سيستمر على الأمد المتوسط، وديون الإدارة العامة ستصل ذروتها لتبلغ 66% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026".

وتواجه حكومة الاحتلال مأزقاً شديداً، إذ تتخوف من تداعيات اتساع العجز المالي الذي يدفعها نحو الاقتراض بفائدة مرتفعة وفي الوقت نفسه تخشى سخط الإسرائيليين من تحمل المزيد من فواتير الحرب المستمرة التي يراهن عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لبقائه في الحكومة. وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، فإن نحو نصف الأسر تعاني عجزاً مزمناً نتيجة مديونياتها للبنوك، فقد أكد تقرير لصحيفة معاريف، أمس، أن الأسر تواجه في الأساس منذ سنوات مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وأشار التقرير إلى أن الكثير من الإسرائيليين يعانون دوامة الاقتراض، إذ يدخلون في قرض جديد لسداد قرض مستحق، ليذهب جزء كبير من الدخل الشهري للأسر لتغطية أقساط الديون.

المساهمون