الأسهم تفضح الهوة بين الأسواق ومعاناة الأميركيين... كورونا يدعم الأغنياء ويسحق الفقراء
تغيير مسار وول ستريت يتطلب أكثر من الموت الجماعي والمعاناة. ربما يقتل فيروس كورونا 3000 أميركي كل يوم بينما يتنازع المشرعون حول كيفية مساعدة الاقتصاد الأميركي الجريح. ومع ذلك، تستمر أسعار الأسهم في الارتفاع.
تشرح "واشنطن بوست" في تقرير موسع، أن ثلاث أسواق للأسهم الأميركية سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق هذا الشهر، فيما تجاوزت قيمة جميع الأسهم العالمية للمرة الأولى 100 تريليون دولار، حيث يراهن المستثمرون على عودة كبيرة في مرحلة ما بعد الوباء في عام 2021.
وتضاعف سعر سهم Airbnb للإيجارات أكثر من الضعف. يوم الخميس، قالت وزارة العمل إن ما يقرب من مليون أميركي قد تقدموا بطلبات للحصول على إعانات بطالة، مما يعكس بدقة التوتر بين سوق الأوراق المالية الصاعدة والمعاناة الشعبية.
ومع ذلك، قد يكون السوق الصاعد قد بدأ للتو. مع تخطيط مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على سعر الإقراض القياسي بالقرب من الصفر لمدة ثلاث سنوات على الأقل، فمن المرجح أن تظل الأسهم جذابة مقارنة بالسندات، وفقاً لاستراتيجيي الاستثمار.
من شأن ارتفاع الأسهم أن يفرح ملايين الأميركيين. لكن المكاسب السريعة في الأسواق المالية وسط العودة الطاحنة لسوق العمل قد تجعل من الصعب على الرئيس المنتخب جو بايدن تحقيق هدفه المتمثل في بناء اقتصاد يعمل "لجميع الأميركيين".
سوف يفيد السوق الصاعد الأغنياء. فقط 14 في المائة من الأفراد في الخمس الأدنى من الدخل يمتلكون أسهماً، إما مباشرة أو من خلال حسابات التقاعد، وفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. قد تؤدي السوق الصاعدة أيضاً إلى تآكل الدعم للإنفاق الحكومي لمساعدة الشركات المتعثرة أو العاطلين عن العمل، إذا فسر بعض المشرعين ارتفاع أسعار الأسهم على أنه علامة على صحة الاقتصاد".
تقول الصحيفة الأميركية في تحليلها إنه نظراً لأن الأميركيين المكتنزين مالياً يزدادون ثراءً، فمن المرجح أن يكافح عمال صناعة الخدمات ذوو الدخل المنخفض خاصة الأشخاص الملونين، لاستعادة وظائفهم في الفنادق والمطاعم. مثل هذا الانتعاش غير المتكافئ يهدد بتفاقم الانقسام بين الأغنياء والفقراء الذي تعهد بايدن بتضييقه.
وأثارت المكاسب الأخيرة في سوق الأسهم إنذارات القلق بين البنوك المركزية العالمية والمسؤولين الماليين، الذين يحذرون من المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي. إذ ارتفع مؤشر ناسداك التكنولوجي من أدنى مستوياته في مارس/ آذار، أكثر من 80 في المائة وارتفع متوسط داو جونز الصناعي أكثر من 60 في المائة، حتى مع تراجع الانتعاش.
هكذا، يبدو أن ارتفاع سوق الأسهم، بالنسبة للبعض، منفصل عن الواقع الاقتصادي. وقال بنك التسويات الدولية، وهو منظمة عالمية للبنوك المركزية في سويسرا، هذا الشهر إن "أسعار الأسهم للشركات وتوقعات أرباحها ترتفع بينما يدمر الوباء الاقتصادات الكبرى".
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، ذهب أكثر من ثلث الأموال التي ضخها المستثمرون الأفراد في الصناديق المتداولة في البورصة إلى الأسهم، مما يجعلها الفئة الفردية الأكثر شعبية، وفقاً لأبحاث آربور داتا ساينس.
ومع انخفاض أسعار الفائدة، فإن بدائل الأسهم غير جذابة. يتم تداول ما يقرب من 18 تريليون دولار من السندات بعوائد سلبية - مما يعني أن المستثمرين الذين يحتفظون بها حتى تاريخ الاستحقاق سيحصلون على أموال أقل مما وضعوه، وفق "واشنطن بوست". وتسود توقعات بارتفاع أسعار الأسهم بقوة في عام 2021 حيث يتم توزيع لقاح فيروس كورونا على نطاق واسع واستئناف العمال والشركات تدريجياً حياتهم لتوازي مرحلة ما قبل انتشار الوباء. وقال غولدمان ساكس إنه نظراً لأن الأرباح ترتفع عادة بشكل أسرع من المبيعات أثناء الانتعاش، فإن أرباح الشركات في S&P 500 سترتفع بنسبة 29 في المائة العام المقبل.