الأسهم الأميركية تترقب توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة... وتفاؤل في "وول ستريت"

17 نوفمبر 2022
وول ستريت تترقب قفزة في أسعار الأسهم (فرانس برس)
+ الخط -

تترقب أسواق "وول ستريت" حدوث قفزة في أسعار الأسهم الأميركية في عام 2023، لكنها تربط تلك القفزة بتوقف مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" عن سياسة التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة على الدولار وتراجع معدل التضخم، وعدم انزلاق الاقتصاد نحو الركود.

وبعد ارتفاعه بأكثر من 11% من أدنى مستويات إغلاقه، التي سجلها مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في أعقاب تراجع معدل ارتفاع أسعار المستهلكين الأميركيين، اعتبر محللون أن البنك الفيدرالي اقترب من نقطة التحول المحورية، التي يتخلى فيها عن سياساته التقييدية، ليكون الشهر الأخير من العام الجاري بداية لانطلاقة كبيرة للأسهم الأميركية، بعد ما عانته من تراجع حاد في العام الجاري 2022.

ووفق توم لي، مؤسس شركة "فاندسترات"، ورئيس أبحاث الأسهم فيها، فإن سوق الأسهم الأميركي يمتلك مساحة للصعود القوي حتى نهاية العام الجاري، بعد البيانات التي أظهرت تباطؤ وتيرة ارتفاع التضخم.

وقال لي، الذي تم اختياره ضمن أفضل محللي الأسهم في كل عام من الأعوام الأربعة والعشرين الأخيرة، في مذكرة بحثية، إنه يتوقع ارتفاع مؤشر إس آند بي 500 للأسهم الأميركية بما يصل إلى 25% على مدى الخمسين يوماً المقبلة، مع تزايد التوقعات بتخفيف الاحتياطي الفيدرالي لوتيرة رفع الفائدة خلال الفترة القادمة.

واعتبر المستثمر الأميركي أن تراجع التضخم مثّل نقطة تحول واضحة في الأسواق، "كونها المرة الأولى التي يلحظ فيها الأميركيون تراجعاً في التكاليف في العديد من قطاعات الاقتصاد".

أما أستاذ المالية في كلية وارتون الأميركية، جيرمي سيجل، فيرى أن عوائد سندات الخزانة الأميركية من المرجح أن تكون قد وصلت إلى الذروة، مستبعداً أن يعيد سوق الأسهم اختبار القاع المسجل سابقاً.

وقال سيجل في تصريحات لمحطة "سي إن بي سي" إن تفاؤله حيال أداء الأسواق المالية يعود إلى حقيقة أن التضخم على أرض الواقع يتباطأ، كما أن ذلك بدأ في الظهور في البيانات التي يتابعها عن كثب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وأوضح سيجل: "الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يرفع معدلات الفائدة 50 نقطة أساس في ديسمبر، لكنني أعتقد أن عليه التوقف تماماً عن الزيادة، أرى أن يوم الاعتراف بضرورة ذلك أصبح أقرب".

وسجل التضخم السنوي الأميركي مستوى 7.7% في أكتوبر الماضي، مقابل 8.2% في سبتمبر، ومقارنة بذروة عند 9.1% خلال يونيو.

ويوم الإثنين نشرت جريدة وول ستريت جورنال تقريراً أشارت فيه إلى أن شركة بيركشاير هاثاواي، التي يملكها ويديرها الملياردير المعروف وارين بافيت، اشترت ما تصل قيمته إلى 9 مليارات دولار من الأسهم الأميركية خلال الربع الثالث من العام.

وبحسب الصحيفة فإن المشتريات الأخيرة، التي تعبر بالتأكيد عن نظرة متفائلة من المستثمر العجوز للأسهم خلال العام المقبل، رفعت القيمة الإجمالية لما اشترته الشركة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي إلى 66 مليار دولار، وهو ما يمثل 13 ضعف قيمة ما اشترته خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وقال ديفيد كاس أستاذ المالية لدى جامعة ماريلاند إن هذا ما تفعله دائماً الشركة، التي تأسست قبل 183 عاماً، حيث يطمع بافيت في تحقيق الأرباح بينما يكون الآخرون خائفين من شراء الأسهم.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة غوغنهايم، التي تدير أصولاً تقترب قيمتها من 300 مليار دولار، إن الارتفاع في أسعار الأسهم الأميركية، الذي بدأ بعد صدور تقرير التضخم، يجب أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لمزيد من المكاسب.

وذكر سكوت مينيرد في تصريحات لمحطة سي إن بي سي: "أعتقد أننا سنواصل الصعود حتى بداية العام المقبل، ثم سنحصل على فرصة لإلقاء نظرة جديدة على الأمور".

وأشار مينيرد إلى أن أسعار أغلب الأسهم ما زالت منخفضة، وأن الدلائل تشير إلى مزيد من التراجع لمعدل التضخم، خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يعني مزيداً من التخفيف من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ومن ثم ارتفاع أسعار الأسهم.

بدورها، توقعت شركة إدارة الأموال هارتفورد فاندز أن يكون عام 2023 عاماً سعيداً لمستثمري الأسهم الأميركية، مشيرة إلى أن الفترة التي تلي انتخابات التجديد النصفي، وكل العام الثالث للرئاسة، عادة ما تكون جيدة للمستثمرين.

وأشارت الشركة إلى أن العام الثالث لأي رئيس يكون عادة هو الأفضل، وبغض النظر عن الحزب الفائز في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، حيث يحاول الرئيس بأي طريقة تحسين أوضاع الاقتصاد، كونه يستعد للترشح لفترة رئاسة جديدة.

وخالف بنك الاستثمار المعروف مورغان ستانلي التوقعات السابقة، إذ رأى محللوه أن العام المقبل سيشهد المزيد من التقلبات في المناخ الاستثماري، ومن ثم في أسعار الأسهم داخل "وول ستريت".

وقال البنك الاستثماري الأميركي، في مذكرة حديثة لعملائه، نقلتها وكالة بلومبيرغ يوم الثلاثاء، إن أسعار الأسهم الأميركية ستنهي العام المقبل تقريباً عند نفس المستويات الحالية.

وتوقع اقتصاديو البنك انخفاض أسعار الأسهم الأميركية، بسبب تراجع الأرباح، خلال النصف الأول من العام المقبل، قبل عودتها إلى الارتفاع في الشهور التالية.

وقال مايكل ويلسون، كبير محللي الأسهم في "مورغان ستانلي"، إن الصورة في العام المقبل تبدو غامضة أكثر مما كانت قبل عام من الآن، وسيكون هناك الكثير من التقلبات في الأسعار، وهو ما يتعين التعامل معه بحذر.

وعلى نفس الخطى المتشائمة سارت شركة إدارة الأصول نورثرن تراست، حيث توقعت معدلات فائدة أعلى، كما تسطح منحنى العائد، أغلب فترات العام المقبل، وهو ما قالت إنه سيحد من مكاسب الأسهم والسندات، وينزل بها تحت المتوسطات التاريخية المعتادة.

وقالت الشركة التي تأسست قبل أكثر من 130 عاماً إن التقييمات المنخفضة تعد عاملاً مساعداً للأسهم على الارتفاع، إلا أن تزايد معدلات الفائدة سيضع حداً للارتفاعات.

وأضافت أن "الارتفاعات التاريخية في هوامش الربحية لدى الشركات الأميركية ستنخفض مع استمرار التضخم المرتفع وتباطؤ الاقتصاد في الأشهر المقبلة، كما أن استمرار انتشار حالات الإصابة بالوباء في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يزيد من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، ويضاعف المخاطر في الأسواق الناشئة".

لكن شركة فيشر انفستمنز توقعت أن يكون العام المقبل سعيداً لمستثمري الأسهم، مشيرةً إلى أن الفترات التي تشهد تراجعات كبيرة في أسعار الأسهم تعقبها دائماً فترات من الارتفاعات الكبيرة، مضيفة أن هناك أسباباً أخرى تدعم توقع ارتفاع أسعار الأسهم العام المقبل.

وقالت الشركة، التي تعمل في الأسواق الأميركية منذ ما يقرب من نصف قرن، إنه "بداية من عام 1925، الذي شهد ظهور أول إحصاء موثوق به، كانت أرباع السنة الثلاثة التي تلي انتخابات التجديد النصفي أفضل من أي ثلاثة أرباع متتالية أخرى".

وأكدت الشركة أن متوسط ما تم تحقيقه من عائد في هذه الأرباع الثلاثة منذ عام 1925 اقترب من 20%.

وأشارت فيشر انفستمنز إلى القوة التي تعود بها أسواق الأسهم عادة بعد فترات الانخفاض الكبرى، وضربت المثل بعام 2020 الذي شهد انخفاضات كبيرة في الربع الأول منه، بسبب ظهور وانتشار وباء كوفيد، قبل أن يرتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق العالمية بنسبة تتجاوز 70% قبل نهاية العام.

المساهمون