الأسر الليبية تشكو من ضعف الدينار: غلاء ومداخيل محدودة

31 يوليو 2024
البنك المركزي الليبي، 17 مارس 2011 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تدهور الأوضاع المعيشية:** يعاني المواطنون الليبيون من تدهور الأوضاع المعيشية، حيث لم يعد الدخل اليومي يكفي لتغطية المصاريف الأساسية بسبب تضاعف الأسعار وصعوبة توفير السلع الأساسية.

- **تأثير التضخم وانخفاض قيمة الدينار:** يعاني الاقتصاد الليبي من تضخم بنسبة 37% سنوياً، مما يؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية وتلاشي الطبقة الوسطى، حيث يذهب 40% من الإنفاق الأسري لشراء الغذاء.

- **ارتفاع الدين العام والبطالة:** ارتفع معدل البطالة إلى 15.3% في عام 2022، مع زيادة الدين العام إلى 126% من الإيرادات الحكومية، مما يهدد بدخول البلاد في دائرة مغلقة من الأزمات الاقتصادية.

يقول عبد العزيز الدرناوي، وهو المواطن الليبي الذي يقطن في منطقة النشيع، شرقي طرابلس، مع عائلته المكونة من زوجته وأربعة أطفال، إنه يعمل سائق سيارة أجرة، ومدخوله اليومي لا يكفي لتوفير مصاريف الأسرة وتغطية الإيجار الشهري للمنزل.

ويوضح عبد العزيز لـ "العربي الجديد" أنه خلال السنوات الأخيرة زاد سوء الأوضاع المعيشية للأسر، إذ تتناقص المداخيل في المقابل يرتفع الغلاء في أسعار كل السلع والخدمات. ويقول إنّه على مدار سنوات عديدة، كانت حياته مستقرة، وكان قادراً على توفير الطعام والملابس والتعليم لأطفاله من خلال العمل سائق سيارة أجرة، وإنّ دخله اليومي يناهز 50 ديناراً (سعر الصرف 4.85 دنانير)، أما الآن فالدخل لا يكفي للعيش الكريم. وما كان يشتريه بسعر زهيد أصبح يكلفه ضعف الثمن. وأصبح من الصعب عليه توفير السلع الأساسية مثل الدقيق والسكر والزيت.

وفي جنوب طرابلس، يقول أيمن الفرجاني (25 عاماً) إنّه خريج قسم العلوم السياسية مند ثلاث سنوات ولم يتحصل على فرصة عمل بالقطاع العام. يشرح لـ "العربي الجديد" أنه يعمل في أحد المقاهي بمرتب 1500 دينار لا يكفيه لتغطية تكاليف النقل وشراء مقتنيات شخصية وتوفير مصاريف للأسرة، مضيفاً أنه لا يستطيع الادخار، فيما الأطفال لا يحصلون على الكميات والنوعية نفسها من الطعام التي اعتادوا عليها قبل فرض ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي.

هبوط قيمة الدينار

ويرى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن الناتج المحلي الليبي تراجع خلال السنوات الأخيرة مع تصاعد الأزمات المعيشية التي يعانيها المواطن وسط الغلاء ونقص السيولة النقدية وضعف القدرة الشرائية للدينار.

ويضيف أن التضخم في ليبيا يتفاوت بشكل كبير بحسب المناطق، خاصة في ظل الانقسام السياسي بالبلاد، ما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية. ويشرح لـ "العربي الجديد" أن أي مواطن يتقاضى أقل من 2300 دينار ويعول أسرة يعيش تحت خط الفقر، خاصة بعد الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي التي رفعت قيمة الدولار إلى 6.15 دنانير.

من جهته، يؤكد أستاذ الاقتصاد الجامعي عادل المقرحي أن الطبقة الوسطى بدأت تتلاشى في المجتمع مع انخفاض الدخول الحقيقية للأفراد. ويلفت لـ "العربي الجديد" إلى أن المواطن يعاني أزمات معيشية رغم وجود الدعم على المحروقات والكهرباء وبعض الأدوية. ويشير إلى أن 40% من الإنفاق الأسري في ليبيا يذهب لشراء الغداء، والمواطن لا يستطيع توفير بعض الأموال للادخار بسبب التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للدينار، مذكراً بأن أول خفض في سعر الصرف كان بنسبة 70% مطلع عام 2021 وفي عام 2024 تم فرض ضريبة على الدولار، مؤكداً أن مؤشر الأسعار يعتمد بشكل أساسي على سعر الصرف بالسوق الموازي.

وكتب الخبير الاقتصادي الأميركي، ستيف هانكي، أن معدلات التضخم في ليبيا تزيد بنحو 26 ضعفاً عن معدل التضخم الرسمي البالغ 1.4% سنوياً. وأوضح المحاضر البارز في جامعة جونز هوبكنز الأميركية عبر حسابه على منصة "إكس"، أن معدل التضخم في ليبيا يبلغ 37% سنوياً". وفي أوائل عام 2024، تم إعلان ضريبة مؤقتة بنسبة 27% على جميع مشتريات النقد الأجنبي، إلى جانب تخفيف بعض القيود التي تم فرضها سابقاً.

ومن المقرر تطبيق الضريبة حتى نهاية عام 2024. وذكر تقرير للبنك الدولي أن نصف السكان في سن العمل ينشطون في سوق العمل الليبي ويعمل معظمهم في القطاع العام (44%). ويقدر معدل البطالة بنحو 15.3% لعام 2022، مع ارتفاع المعدلات بين النساء والشباب (18.4 و23.1% على التوالي).

وفي حين لا تتوفر تقديرات رسمية للفقر حتى الآن، يبلغ متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة 3094 ديناراً أو نحو 645 دولاراً. وهناك ثلاثة أسعار لسعر الصرف الأول المشمول بالضريبة بسعر 6.15 دنانير للدولار، وسعر الصرف الرسمي ب 4.8 دنانير للدولار وسعر الصرف في السوق الموازي بسبعة دنانير للدولار.

وحذر البنك الدولي من ارتفاع الدين العام في ليبيا مع بلوغه مستوى يعادل 126% من الإيرادات الحكومية، وذلك في وقت زاد فيه الإنفاق الإجمالي على الرواتب. ويقول المصرفي معتز هويدي، لـ"العربي الجديد"، إن الدين العام يتراكم ولا توجد آلية لتغطيته في ظل انعدام الاستقرار الاقتصادي بالبلاد. ويشرح أن استمرار الاقتراض سوف يدخل البلاد في دائرة مغلقة من الأزمات.

المساهمون