استكملت الليرة اللبنانية مسار الانهيار أمام الدولار، السبت، إثر إعلان رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب، اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية، فيما وافق رئيس البلاد ميشال عون على الاعتذار.
ووصل سعر صرف العملة اللبنانية في السوق السوداء إلى ما بين 8400 و9000 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد، ارتفاعاً من 7600 ليرة يوم الجمعة، فيما لا تزال الليرة ثابتة رسمياً عند سعر 1507 ليرات.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إن إفشال تشكيل الحكومة، وبالتالي المبادرة الفرنسية التي كان من المتوقع أن تفتح الباب أمام لبنان للحصول على مليارات الدولارات من المساعدات، يزيد المخاوف من تسارع انهيار سعر الصرف خلال أيام قليلة.
ولفتت المصادر إلى ارتفاع الضغط على شراء الدولار منذ يوم الجمعة، ليشهد تزايداً كبيراً، السبت، ما رفع سعر الدولار. ورجحت أن يستمر الارتفاع، بحيث قد يتخطى أعلى سعر حققته العملة الأميركية أمام الليرة في مطلع يوليو/تموز الماضي حين سجل 10 آلاف ليرة.
ويزيد التشاؤم وسط تحذير مصرف لبنان من تآكل قدرة احتياطي "المركزي" المخصص لدعم واستيراد المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. حيث أكد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أن ما تبقى من عملة أجنبية لا يكفي لتغطية الدعم لمدة ثلاثة أشهر. فيما بدأ البحث في إصدار بطاقات دعم للأسر المحتاجة حصراً.
وانتقد رئيس مركز البحوث والاستشارات، الدكتور كمال حمدان، التوجه نحو إصدار بطاقات الدعم. وقال في تغريدة: "على من يضحكون عندما يستبدلون الدعم بتوزيع بطاقات إعاشة للفقراء؟ نصف المقيمين أصبحوا فقراء، وهذه النسبة ستصل إلى 70 في المائة خلال أشهر. وفي غياب قواعد احصائية تحدد فعلا من هي الأسر الفقيرة، سيتولًى الحكًام توزيع البطاقات لإعادة شراء الولاءات الزبائنية". وأكد حمدان ارتفاع مؤشر الأسعار 100 في المائة خلال شهر واحد، بين آب/أغسطس 2019 والشهر ذاته من 2020 "ما يعني انخفاض الأجر الفعلي بالليرة اللبنانية إلى النصف، ومع وقف الدعم سترتفع الأسعار 60 في المائة إضافية، ما سيخفًض هذا الأجر إلى الثلث".
وتؤكد أرقام الإسكوا، ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى 55 في المائة حتى أيار/مايو 2020، في حين وصل الفقر المدقع إلى 23 في المائة من السكان. وتؤكد المصادر أن هذه النسب تضاعفت بعد انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في مطلع آب/أغسطس وأوقع حوالي 200 قتيل وأكثر من 6 آلاف جريح، وما بين 200 و300 ألف من المشردين خارج منازلهم التي تضررت بفعل الانفجار، إضافة إلى دمار لحق بالآلاف من المؤسسات التجارية وتسريح الآلاف من الموظفين والعمال.
وتشرح المصادر أن احتجاز الودائع الدولارية من قبل المصارف، ونضوب الاحتياطي الأجنبي، والأزمة السياسية المتصاعدة، عوامل تؤثر مباشرة على سعر صرف الليرة، وسط مخاوف كبيرة من انفلات لا يمكن السيطرة عليه. ووسط هذه المشكلات، يواجه اللبنانيون أزمة انقطاع المحروقات، خاصة مادة البنزين، بحيث يتم تقنين الكميات التي توفرها محطات الوقود للمواطنين، مع تصاعد كبير في أسعار السلع.