الأزمات تحاصر الأسواق ... المستثمرون يهربون لأسهم الطاقة

31 اغسطس 2022
نيويورك حيث يوجد سوق وول ستريت (getty)
+ الخط -

تحاصر الأزمات أسواق المال والصرف العالمية وسط الاضطراب الكبير الذي تشهده مؤشرات أسهم قطاعات الاقتصاد بالبورصات الكبرى، عدا قطاع أسهم شركات الطاقة الذي حقق مكاسب خيالية للمستثمرين خلال الـ12 شهراً الماضية بسبب قفزات أسعار النفط وأزمات الغاز الطبيعي والوقود التي نشأت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وما تلاها من فرض عقوبات على روسيا. وواجه أصحاب الثروات ظروفاً استثمارية صعبة خلال العام الجاري بسبب ارتفاع المخاطر في أسواق المال والسندات السيادية ومخاطر الدول الناشئة وانهيار عملاتها إلى مستويات تاريخية مقابل الدولار الذي يواصل الارتفاع.

ويسود عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصادات الكبرى في أوروبا وآسيا وما إذا كانت هذه الاقتصادات ستتمكن من النجاة من الركود الاقتصادي وسط ضغوط التضخم وغلاء أسعار السلع الأساسية خلال العام المقبل. وحتى الآن لم تتمكن البنوك المركزية من خفض معدل التضخم رغم الزيادات المتكررة في أسعار الفائدة. في هذا الشأن قالت دراسة من جامعة جون هوبكنز الأميركية أمس الثلاثاء إن التضخم الحالي قد يكون مدفوعاً إلى حد كبير بالإنفاق المالي جراء تداعيات الوباء، وبالتالي ربما لن يكون رفع سعر الفائدة كافياً للسيطرة عليه.
وفي آسيا تتركز مخاوف المستثمرين على مستقبل الاقتصاد الصيني وتداعيات تراجع اليوان واحتمال حدوث إفلاسات وسط شركات العقارات والإنشاءات الكبرى ربما تجر القطاع المصرفي إلى أزمة مالية. واستثمرت الصناديق والمصارف الغربية بقوة في السندات الصينية خلال عام 2020، حينما كانت الفائدة شبه صفرية في الدول الغربية. وبالتالي هناك مخاوف من أن يتكبد المستثمرون خسائر ضخمة في السوق الصينية خلال الأشهر المقبلة، وفق محللين ومضاربين في أسواق المال.
في هذا الصدد قالت شركة "كونتري غاردن هولدينغز" الصينية، وهي من كبريات الشركات العقارية في الصين، أمس الثلاثاء، إن مبيعاتها العقارية تراجعت بنسبة 96%، مشيرة إلى أن قطاع العقارات في الصين دخل فعلياً مرحلة الكساد الاقتصادي.
وحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن نحو 30 شركة إنشاءات صينية تخلفت عن سداد الديون خلال العام الجاري وربما تواجه الإفلاس إن لم تحصل على عون مالي حكومي. وفي ذات الصدد، يرى البنك المركزي الكوري في مذكرة أمس أن الأسواق الآسيوية تتجه لمزيد من الاضطراب بسبب الزيادة المتوقعة في الفائدة الأميركية.

ونقلت قناة "سي أن بي سي" الأميركية عن محافظ البنك المركزي لكوريا الجنوبية، ري جانغ يونغ، قوله إن هنالك احتمالاً كبيراً أن يتزايد الاضطراب في السوق كلما أجرى مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي تغييراً في أسعار الفائدة. ويتوقع محللون أن تتراجع قيمة العملة الصينية خلال الربع الجاري إلى 6.9 مقابل الدولار. وبالتالي فإن السوق الآسيوية التي كان يعول عليها المستثمرون وسط مخاطر أسواق المال الأوروبية والأميركية تواجه هي أخرى صعوبات كبيرة خلال العام الجاري.
وفي وول ستريت، أكبر الأسواق المالية الأميركية، تراجعت أسعار الأسهم خلال الأسبوع الماضي ورغم أنها عادت للارتفاع في تعاملات أمس الثلاثاء في السوق المستقبلية. ويهرب كبار المستثمرين من الأسهم ويحتمون بسوق الخيارات المستقبلية التي تمثل لهم تغطية تأمينية في حال حدوث انهيار في السوق. وتهيمن مخاوف حدوث ركود للاقتصاد الأميركي على المستثمرين بسبب زيادة الفائدة الأميركية المتواصل وبسب كبيرة وتداعياتها على قطاعات حيوية في الاقتصاد.
وتؤثر الفائدة الأميركية المرتفعة بشكل مباشر على تآكل الادخارات كما ترفع من أقساط المنازل وتضرب الانتعاش الذي شهده قطاع العقارات في الولايات المتحدة.
وعدا قطاع أسهم شركات الطاقة الذي سجل ارتفاعاً جنونياً بسبب أزمة أسعار الغاز الطبيعي والنفط، فإن معظم أسهم القطاعات شهدت اهتزازات حادة. وحسب نشرة "ماركت ووتش" الأميركية، فإن أسهم شركات الطاقة المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز ـ 500" ارتفعت بنسبة 74% خلال فترة الـ12 شهراً الماضية.
وفي هذا الصدد يقول محلل الأسواق الأميركي جيف بوشبايندر للنشرة إن أسعار الغاز المسال ارتفعت بنسبة 267 في المائة خلال العام الجاري وإن الأسعار تتجه نحو مزيد من الارتفاع بسبب تحقيق شركات الطاقة أرباحاً كبرى مقارنة بالشركات الأخرى.
وفي سوق الصرف العالمي، واصلت العملات الـ 16 في المؤشر الرئيسي للسوق التراجع وسط الصعود القوي للدولار وجذب السوق الأميركية للثروات العالمية الهاربة من أسواقها بحثاً عن العائد الدولاري والحماية من تآكل قيمتها.
ويتوقع محللون أن يواصل الدولار ارتفاعه خلال العام الجاري مقابل العملات الرئيسية بما فيها الفرنك السويسري.

وحسب بيانات "وول ستريت جورنال" خسر اليورو خلال العام الجاري 12% من قيمته وتراجع إلى أقل من دولار لأول مرة وسط توقعات أن تتراجع العملة الأوروبية الواحدة إلى نحو 0.95 دولار خلال الأشهر المقبلة. كما خسر الين الياباني نسبة 18.8% من قيمته مقابل الدولار.
وعلى الرغم من أن مسؤولي أسواق المال في اليابان يعتقدون أن ضعف الين سيصب في مصلحة زيادة الصادرات للسوق الأميركي، فإن بعض الخبراء يتخوفون من تداعيات هروب الثروات اليابانية إلى الأسواق الأميركية على مستقبل النمو الاقتصادي، وكذلك من مخاطر أن يخسر اليوان موقعه كـ "عملة أمان" في آسيا. وفي ذات الصدد، خسر الجنيه الإسترليني نسبة 14.6% من قيمته مقابل الدولار خلال العام الجاري. وهذه الخسائر بالعملات مقابل الدولار تعد من أكبر المخاطر على الثروات، كما تفاقم تباطؤ النمو وربما تدفع دولها للركود الاقتصادي.

المساهمون