أظهرت بيانات حكومية أن الأردن يعتزم اقتراض نحو 9.8 مليارات دولار خلال العام المقبل 2021، لمواجهة الاحتياجات التمويلية المتزايدة في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد التي فاقمت من الصعوبات المالية المتراكمة، فيما يتوقع محللون تجاوز مديونية المملكة تقديرات الحكومة والمؤسسات الدولية على السواء.
ووفق مشروع موازنة العام المقبل، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن حوالي 1.15 مليار دولار من القروض ستكون على شكل سندات دولية، وسيتم استخدام القروض لتسديد عجز الموازنة العامة وأقساط القروض الخارجية والداخلية المستحقة.
وحددت الحكومة الجهات التي ستقترض منها، وهي الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والحكومة الألمانية، والبنك الدولي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والصندوق السعودي للتنمية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
ومن المتوقع أن تصل نسبة الديون إلى 111.7% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنهاية العام الجاري، لا سيما بعد أن بلغت حوالي 45 مليار دولار بشقيها الداخلي والخارجي نهاية أغسطس/ آب الماضي.
وقال عضو مجلس النواب موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن المديونية العامة، وبحسب ما هو وارد في الموازنة، سترتفع بشكل كبير العام المقبل، نتيجة حاجة الحكومة إلى تمويل العجز الموازنة المقدر إضافة إلى تسديد فوائد الدين الخارجي وبعض الديون المحلية.
وأضاف هنطش أنه لدى مناقشة الموازنة من قبل النواب في البرلمان سيتم التوقف ملياً عند الأموال التي تتجه الحكومة لاقتراضها العام المقبل ودراسة إمكانية تخفيضها لتخفيف الأعباء المالية وفوائد الدين وأقساطه.
وتابع أن "ارتفاع المديونية يعتبر إحدى المشاكل الأساسية التي يعاني منها الأردن حيث تضغط أقساط الدين وفوائده بقوة على الاقتصاد الوطني، ويتم رصد مبالغ كبيرة كل عام لهذه الغاية، فيما تتم الاستدانة من جهات محلية وخارجية لإطفاء ديون مستحقة وسندات دولارية كانت طرحتها الحكومة في وقت سابق" .
وبحسب البنك الدولي من المتوقع أن يشهد الأردن أسوأ ركود له منذ عام 1989، إذ يتوقع أن يقفز الدين العام من 98.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى 111.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 وأن يصل إلى ذروته في عام 2021، ثم يعود إلى مستوى عام 2020 بحلول عام 2024.
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد" إن "الديون وصلت إلى مؤشرات خطيرة جداً، خاصة مع عدم وجود ما يشير إلى إمكانية إيقافها عند حد معين، حيث تواصل الحكومة الاقتراض الداخلي والخارجي بحجة الضغوط التي تواجه الاقتصاد والتداعيات الناتجة عن كورونا".
وأضاف مرجي أن الدين العام سيرتفع حتى بدون آثار أزمة كورونا، بسبب ضعف الأداء الاقتصادي وتراجع معدلات النمو وتباطؤ الاستثمارات ومعظم القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يحتاج إلى سياسة اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار التحديات القائمة وتصحيح مسار النهج الاقتصادي، بما يمكن الأردن من استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية وتحفيز الاستثمارات القائمة.
وأكد أن ارتفاع الدين العام يعني زيادة أقساطه وفوائده، ما يؤدي إلى تآكل الموازنة العامة، التي تعاني من زيادة العجز المالي ومتطلبات الإنفاق على المجالات الأساسية خاصة الصحة والتعليم، مشيراً إلى أن هناك قروضاً متفقاً عليها مع صندوق النقد والبنك الدوليين ودول وجهات دولية أخرى تصل مبالغها تباعاً، ما سيقفر بالمديونية إلى مستويات قياسية.
وفي وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلنت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" عن صرف الدفعة الثالثة من قرض السياسة الإنمائي المقدم للأردن بقيمة 100 مليون دولار.
كذلك قال وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة قبل أيام إن حجم المساعدات الخاصة بموازنة 2020 التي ستصل إلى المملكة مع نهاية العام الحالي ستبلغ حوالي 1.2 مليار دولار، منها قروض ميسرة لدعم الموازنة. وقدرت الحكومة أن يبلغ العجز في موازنة العام المقبل 2.05 مليار دينار (2.9 مليار دولار).
وبحسب وزير المالية محمد العسعس، فإن حجم الإنفاق المقدر في مشروع قانون موازنة 2021 يبلغ حوالي 9.93 مليارات دينار (13.9 مليار دولار).
وقال الخبير المالي محمد الزعبي إن "التوسع في الإنفاق سينتج عنه عجز سيمول عن طريق الدين ويلقي بأعباء إضافية على كاهل الموازنة المثقلة أصلاً بأعباء كبيرة بالكاد تقوى على حملها"، متوقعاً أن "يخترق الدين العام سقوفاً خطرة اعتبرت حتى وقت قريب خطوطاً حمراء لا يجوز التفكير بالوصول إليها".