الأردن: موازنة حذرة في مواجهة الأزمات الاجتماعية

09 ديسمبر 2022
البطالة لا تزال مرتفعة وبلغت 22.6% للربع الثاني (فرانس برس)
+ الخط -

تعطي الحكومة الأردنية، في برنامجها المالي للعام المقبل 2023، أولوية قصوى لشبكة الحماية الاجتماعية والعمل على تحسين مستويات المعيشة والبدء بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي للسنوات العشر المقبلة، والتي تعهدت بموجبها بتوفير مليون فرصة عمل بواقع 100 ألف سنويا واستقطاب استثمارات بحوالي 41 مليار دينار.

ورغم التحديات التي تحدثت عنها الحكومة لدى إعلانها عن تفاصيل موازنة الدولة للعام المقبل، إلا أنها بدت متفائلة بتحقيق نتائج اقتصادية جيدة، وذلك بزيادة نسبة النمو وتخفيض الدين العام وزيادة الإيرادات المحلية وتسريع مسارَي الإصلاح الإداري والاقتصادي من خلال رصد مخصصات في بنود منفصلة لكل منهما.

وقدرت الحكومة حجم موازنة العام المقبل بحوالي 11.4 مليار دينار "إجمالي الإنفاق"، بعجز مالي سينخفض قبل المنح إلى 2.664 مليار دينار، في حين أنه سينخفض بعد المنح إلى 1.826 مليار دينار، ليتراجع من 3.4 إلى 2.9 بالمئة في 2023، وفقا لما أعلنه وزير المالية محمد العسعس. (الدينار يساوي 1.41 دولار).

وجددت الحكومة تأكيداتها عدم زيادة أو فرض أي ضرائب جديدة خلال العام المقبل، وخاصة مع تحسن الحاصلات الضريبية بما نسبته 6.6% لهذا العام، وزيادة المنح الخارجية لتصل إلى 802 مليون دينار لعام 2023 أو ما نسبته 0.8 بالمئة عن عام 2022.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن الحكومة أٌقرت موازنة حذرة للعام المقبل، ولم تبالغ كما يبدو في تقديراتها، وخاصة في ما يتعلق بالإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية، ولذلك أبقت الإنفاق الرأسمالي على حجمه الذي كان عليه للعام الحالي.

وأضاف أن الموازنة أيضا أفردت وبشكل واضح بنودا للإنفاق على المسارات الإصلاحية التي ستُطبّق، وخاصة الإدارية والاقتصادية منها، وبحدود ما يسمح به الوضع المالي للحكومة، ولعل المراد بذلك تأكيد جدية الإصلاحات وتسريعها لا سيما أن مجلس الوزراء مطالب بتقديم تقارير عن إنجازاته أولا بأول.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وأكد عايش أن زيادة مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي ضرورية لمساعدة الشرائح الفقيرة ومنخفضة الدخل على مواجهة أعباء ارتفاع الأسعار ونسب الفقر والبطالة، إلى جانب الاستمرار في الدعم المالي المقدم لمادتي القمح والشعير، وذلك للمحافظة على أسعار الخبز في ضوء قرار مجلس الوزراء تثبيت أسعارها.

وأوضح أن التقديرات المتفائلة الواردة في الموازنة قريبة من التحقق، وربما تتجاوز بعض بنود الإيرادات المحددة والمستهدفة، لا سيما عائدات ضريبتي المبيعات والدخل، نتيجة لإجراءات محاربة التهرب الضريبي وتحسن أداء بعض القطاعات.

وزير المالية الأردني محمد العسعس أشار، في سياق إعلانه عن تفاصيل الموازنة، قبل أيام، إلى أن معدل التضخم سيصل، خلال العام المقبل، إلى 3.8%، وأن هذه النسبة من أحسن النسب عالميا، والعديد من الدول نسب التضخم لديها مستويات أعلى بكثير من هذه النسبة.

من جانبه، قال عضو مجلس النواب الأردني النائب موسى هنطش لـ"العربي الجديد": المهم أن تفي الحكومة بالتزاماتها بعدم زيادة أو فرض ضرائب جديدة خلال العام المقبل، وضرورة دراسة إمكانية إلغاء، وعلى الأقل تخفيض، الضرائب المفروضة على سلع غذائية نتيجة لارتفاع أسعارها، حيث يعاني المواطنون من ظروف مالية ومعيشية صعبة، تفاقمت في العامين الأخيرين بسبب جائحة كورونا وتداعياتها وما نتج عنها من ارتفاع للفقر والبطالة.

وأكد أهمية زيادة مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي وبرامج التدريب والتشغيل الوطني، للحد من البطالة التي لا تزال مرتفعة وبلغت 22.6% للربع الثاني من العام الحالي.

وأوضح أن الإنفاق الرأسمالي مهم لتنشيط بيئة الأعمال وتحريك مختلف القطاعات وتوفير فرص العمل، ويفترض أن تُنفّذ المشاريع المدرجة في الموازنة بسرعة من دون تأخير، مع إمكانية زيادة مخصصات هذا البند في ظل التأكيد على الاستمرار بسياسة ضبط الإنفاق الجاري وتخفيضها قدر المستطاع.

الحكومة قدرت الإيرادات العامة بحوالي 9.6 مليارات دينار، بارتفاع نسبته 7.4 بالمئة عن عام 2022، حيث سترتفع الإيرادات المحلية بنسبة 10.4 بالمئة لتصل إلى 8.8 مليارات دينار، وارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 11.7 بالمئة وصولا إلى 6.6 مليارات دينار من دون رفع العبء الضريبي على المواطن.

كما قدرت النفقات الجارية بـ9.6 مليارات دينار، في حين ستبقى النفقات الرأسمالية عند مستواها تقريبا عند مستوى 1.593 مليار وإجمالي النفقات هي 11.432 مليار بارتفاع نسبته 8.3 بالمئة.

واستحوذت رواتب القطاع العام والجهاز العسكري على قرابة 64 بالمئة من مجمل النفقات العامة، في حين كانت فوائد الدين العام 16 بالمئة، والتي ارتفعت نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض من المؤسسات العالمية جراء رفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة والظروف الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا.

وأكدت الحكومة التزامها باستمرار العمل لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وقدرته على جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتحسين البيئة الاستثمارية والاستمرار في مأسسة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

المساهمون