رغم بدء العد التنازلي لانتخابات مجلس النواب الأردني المقررة في العاشر من الشهر المقبل، إلا أن حجم الإنفاق على الحملات الانتخابية ما زال متواضعا، بخلاف المواسم الانتخابية السابقة، نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة وباء كورونا ومحاولة تقليص عدد الإصابات بالفيروس.
ومن بين القرارات الحكومية المقيدة للحملات الانتخابية منع إقامة المهرجانات والمقرات الانتخابية وتقديم الحلويات والأطعمة، على خلاف ما هو معتاد في هذه المناسبات، وعادة ما تعول العديد من القطاعات على هذه الفترة لتنشيط أعمالها، بخاصة الأسواق ومحلات الحلويات والمطاعم والخطاطين والنقل والخدمات الأخرى المساندة.
كما يشكل موسم الانتخابات فرصة للشباب العاطلين من العمل لتأمين فرص عمل مؤقتة لعدة أشهر من خلال العمل بالحملات الانتخابية للمرشحين.
وتفرض السلطات المختصة رقابة مكثفة على تحركات المرشحين والوقوف على مدى التزامهم بالقرارات الحكومية الصادرة، وخاصة المتعلقة بمواجهة وباء كورونا ومحاربة المال الأسود.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني، لـ"العربي الجديد"، إن أجواء الانتخابات قد تختلف هذه المرة عن السابق بسبب التحديات الناتجة عن أزمة كورونا والإجراءات المتخذة من قبل الحكومة للسيطرة على الوباء وتفادي وقوع إصابات كبيرة بين المواطنين.
وأضاف أن عمليات الإنفاق على الحملات الانتخابية محددة بموجب التشريعات، حيث يطلب من الكتل الانتخابية فتح حساب بنكي وإيداع مبالغ محددة فيها وبيان مصادر التمويل ومجالات إنفاقها حتى لا تحدث تجاوزات تؤثر على مجريات العملية الانتخابية.
وفي سياق متصل، قال إن الهيئة المستقلة تلقت العديد من البلاغات حول وجود تجاوزات باستخدام المال لغايات التأثير على مواقف الناخبين، وتتم إحالة الشكاوى التي تتبين صحتها بعد التدقيق فيها للقضاء، مشيرا إلى أنه تم حتى الآن تم التعامل مع حوالي 50 بلاغا وتحويل بعض المخالفين للقضاء.
وكان الملك عبد الله الثاني قد قرر حل مجلس النواب لانتهاء مدته الدستورية، كما وافق على استقالة الحكومة برئاسة عمر الرزاز تنفيذا لاستحقاقات الدستور وكلفها بتصريف الأعمال إلى حين اختيار رئيس جديد للوزراء وتشكيل الحكومة.
وقال عضو غرفة تجارة عمان علاء ديرانية، لـ"العربي الجديد": في مثل هذا الوقت الذي يسبق موعد الانتخاب عادة ما نشهد انتعاشا في الأسواق وزيادة في الطلب على العديد من السلع والخدمات، بخاصة المواد الغذائية والمشروبات الغازية والعصائر والحلويات والمطاعم وغيرها، إلا أن الوضع مختلف تماما هذا العام ولا توجد حركة تذكر في الأسواق، ما يؤثر على القطاع التجاري الذي ينتظر هذه المواسم لتعويض خسائره التي تعرض لها في السابق، ولا سيما هذا العام بسبب تداعيات الجائحة.
وأضاف أن الكثير من المواطنين يتطلعون إلى الانتخابات كفرصة لتنشيط الوضع الاقتصادي بشكل عام وتحريك السوق وارتفاع الإقبال على مراكز تقديم الخدمات، إلا أن هذا العام لن يكون الوضع عاديا ولن تحقق القطاعات ذات العلاقة أي عوائد تذكر، ولا سيما مع ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا.
وقدر ديرانية حجم الإنفاق على الحملات الانتخابية بعشرات الملايين من الدولارات، حيث يصل الإنفاق أحياناً إلى حوالي 700 ألف دولار للمرشح الواحد وربما يزيد.
وبين أن من القطاعات التي ستتضرر كثيرا هذا الموسم قطاع الخطاطين ومراكز الدعاية والإعلان والمطاعم والحلويات والخدمات المساندة.
ويرى عضو مجلس النواب السابق جمال قموه، المرشح للدورة الحالية، أن ارتفاع الإنفاق هو سمة ترافق الانتخابات، حيث يخصص معظم المرشحين، إن لم يكن جميعهم، مبالغ طائلة للإنفاق على حملاتهم الانتخابية، ومن ذلك إقامة المقرات الانتخابية وتقديم الضيافة بأشكال مختلفة وكذلك الحملات الدعائية التي تحتاج إلى خطاطين، والبعض يتجه للإعلان في وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقال النائب السابق لـ"العربي الجديد"، إن استمرار تسجيل إصابات بفيروس كورونا وبأعداد كبيرة خلال الفترة المقبلة من المؤكد سيؤدي إلى استمرار تمسك الحكومة بقرار منع إقامة المهرجان والاجتماعات والمقرات الانتخابية وأي تجمعات من هذه القبيل، ما يعني انخفاضا واضحا في حجم الإنفاق على الحملات الانتخابية هذا العام.
وقد تعرض الاقتصاد الأردني لانتكاسة هي الأكبر منذ سنوات طويلة بسبب التداعيات السلبية لأزمة كورونا والتي نتج عنها انخفاض الناتج.
كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 23%، ويتوقع أن تتجاوز 25% مع نهاية العام الحالي، فيما يرجح أن ترتفع نسبة الفقر في الأردن إلى أكثر من 27%، حيث فقد عشرات آلاف الأردنيين وظائفهم هذا العام وتراجعت القدرات الشرائية، وشهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة منذ سنوات.
الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد"، إن الإنفاق الاستهلاكي يرتفع قبيل موسم الانتخابات بعدة أضعاف، وتستفيد منه غالبية القطاعات والكثير من المواطنين الذين يجدون عملا لعدة أشهر من خلال العمل بالحملات الانتخابية للمرشحين.
وأشار إلى أن تفاعل الشارع مع الانتخابات حتى الآن يكاد لا يذكر بسبب ضعف الحملات الانتخابية ومخرجاتها والقيود الحكومية المفروضة عليها.
وقال إن على الجهات المختصة إعادة النظر بقرارات تقييد الحملات الانتخابية على أن يتم ضبطها بما لا يتسبب بأي انتشار لوباء كورونا، ما يعود بالفائدة على القطاعات التجارية والخدمية بشكل عام ويحرك السوق بعض الشيء.
وتعاني القطاعات الاقتصادية، بخاصة التجارية منها، من ارتفاع الخسائر بسبب تراجع القدرات الشرائية للمواطنين وقرارات إغلاقها المتكررة من قبل الحكومة تنفيذا للحظر الشامل الهادف للحد من انتشار الوباء.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض لـ"العربي الجديد"، إن الانتخابات النيابية توفر فرص عمل موسمية لعدد كبير من الشباب، وللأسف فإن عدد هذه الفرص، وإن كانت لعدة أشهر، سينخفض بشكل كبير هذا العام، وأشار إلى أن آلاف الشباب خسروا أعمالهم، وخاصة عمال المياومة، بسبب أزمة كورونا.