يسود في الشارع الأردني حالة من الاستياء بعد الكشف عن تقاضي مسؤولين كبار وذويهم، رواتب خيالية وغير مسبوقة في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الفقر والبطالة والانحدار الشديد في مستويات المعيشة وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين.
وفي أولى المواجهات بين مجلس النواب المنتخب في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي والحكومة برئاسة بشر الخصاونة، كشف عدد من النواب عن تجاوزات خطيرة بتقاضي مسؤولين وذويهم، رواتب شهرية مرتفعة جدا وغير معتادة في الجهاز الحكومي وتصل لبعضهم الى حوالي 38 ألف دولار شهريا، عدا عن الحوافز والامتيازات الأخرى.
وقد وجه النائب محمد الفايز، سؤالا نيابيا للحكومة استفسر فيه عن الرواتب والمؤهلات والمكآفات، وأي امتيازات أخرى ممنوحة لرئيس وأعضاء هيئة الطاقة الذرية الحكومية.
وطالب الفايز في سؤاله النيابي الذي وجهه لرئيس الوزراء، بتزويده بموازنة هيئة الطاقة الذرية ونفقاتها من تاريخ إنشائها والمشاريع المقدمة والفائدة منها وتكلفتها.
كما استفسر الفايز عن المنح الخارجية التي حصلت عليها الهيئة ومقدميها وقيمتها وطرق صرفها منذ تاريخ انشائها.
وفي الوقت الذي تداول فيه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، معلومات حول تقاضي رئيس الهيئة الوزير الأسبق خالد طوقان، رواتب وامتيازات خيالية تزيد عن 38 ألف دولار شهريا، إلا أن طوقان رفض الإفصاح عن راتبه أمام مجلس النواب. ولكن قال طوقان خلال لقاء تلفزيوني إن راتبه يصل لخمسة آلاف دينار (7 آلاف دولار) شاملا العلاوات والامتيازات وراتبه محدد من رئاسة الوزراء.
وبين طوقان أن مفوضي الهيئة هم حملة شهادة الدكتوراه من أرقى الجامعات الأميركية، وأن إجمالي رواتب المفوضين الخمسة لا يتجاوز 19 ألف دينار شهريا (27 ألف دولار).
وحول بدلات السفر بين طوقان أن كل موظفي الهيئة يسافرون على حساب مشاريع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وحول راتب الخبير الباكستاني أشار طوقان إلى خبرته الواصلة لخمسة وأربعين عاماً في الكيمياء النووية، ولا بديل له في الأردن والعالم العربي وأنه خبير في علوم متطورة ومتخصص، ويعمل في مشاريع وصفها بـ "ندرة الندرة".
وانتقد عمر العياصرة النائب البرلماني، موقف طوقان بسبب عدم كشفه عن رواتب هيئة الطاقة أمام مجلس النواب، وأن تجاهله للمجلس مرفوض كونه الأداة الرقابية على عمله وعمل جميع مؤسسات الحكومة.
وقال العياصرة في جلسة تشريعية إنه لا يليق بخالد طوقان أن يمتنع عن تقديم المعلومات حول سؤال النائب محمد عناد الفايز عن راتبه ثم يخرج على قناة فضائية ويعلن هذه الأرقام.
وفي سياق متصل وجه النائب ينال فريحات، سؤالا نيابيا للحكومة استفسر فيه عن راتب زيد فايز الطراونة نجل رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي السابق فايز الطراونة"، والذي جرى تعيينه مديرا لوحدة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في رئاسة الوزراء براتب يبلغ حوالي 5600 دولار شهريا.
كما تم تداول معلومات عن تعيينات لمقربين من مسؤولين في وزارات وشركات حكومية كبرى برواتب مرتفعة.
وفي موضوع مماثل كشف الخبير الاقتصادي والمستشار السابق في الحكومة محمد الرواشدة، عن راتب الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية، والذي يبلغ 320 ألف دينار في السنة أي ما يعادل 27 ألف دينار في الشهر، فيما يتقاضى مساعده 23 ألف دينار " الدينار يساوي 1.41 دولار.
وقال في تصريحات أول من أمس إن هناك مبالغ طائلة تتراوح بين 8 – 10 آلاف دينار تصرف للمستشارين في الشركة، مشيرا الى أن هذه المعلومات ليست سرا وانما مدرجة في التقرير السنوي والبيانات المالية للشركة.
وبحسب البيانات فان ذات الشركة خسرت حوالي 43 مليون دولار،
وبين الرواشدة أنه قبل سنوات قليلة كان راتب الرئيس التنفيدي لمصفاة البترول لا يتجاوز 6 آلاف دينار، واليوم يبلغ راتبه 27 ألف دينار شهريا ما يعد أمرا غير منطقى.
وحسب إحصائيات رسمية، زادت نسبة البطالة إلى 23.9% خلال الربع الثالث من العام الماضي بسبب تداعيات جائحة كورونا.
وقال الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، لـ"العربي الجديد" إن هناك اختلالات كبيرة في رواتب العديد من المسؤولين في الأردن، ومُبالغا فيها كثيرا وهي لا تناسب مع وضع الأردن الاقتصادي. وأضاف أن الخبرات متوفرة في الأردن في مختلف المجالات وبالإمكان الاستفادة منها.