بعد سنوات من المطالبات المتكررة من قبل قطاعات اقتصادية وخاصة الصناعية منها، أعلنت الحكومة الأردنية عزمها إنشاء منصة إلكترونية للرقابة على السلع المستوردة من مناشئ مختلفة، والبدء في تطبيقها اعتبارا من بداية العام المقبل 2022.
وقد وافق مجلس الوزراء رسميا على تطبيق المنصة الإلكترونية الخاصة بتسجيل الواردات من الدول التي تطبق برامج مماثلة، بهدف تمكين القطاع الخاص من التعرف على الشروط الناظمة للبرنامج وإتاحة الوقت الكافي لإجراء عمليّة التَّسجيل على المنصّة.
كما يهدف القرار إلى تعزيز آليات مراقبة جودة المنتجات المستوردة، ورفع مستوى الأمان في المنتجات الواردة إلى السُّوق الأردنية.
وقال مسؤول حكومي في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن القرار سيطبق على السلع الموردة من البلدان التي لديها منصة إلكترونية أو إجراءات مماثلة وتطبقها على السلع الأردنية، وذلك من خلال مبدأ المعاملة بالمثل.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن القرار غير موجه لتطبيقه على السلع المستوردة من بلد معين، وإنما يشمل كافة البلدان دون استثناء، حيث إن مثل هذه المنصة الإلكترونية مطبقة في دول أخرى منها عربية وأجنبية.
وقال إنه ترك الوقت الكافي للقطاع الخاص، وخاصة التجاري للاطلاع على المنصة والتعرف عليها وكيفية التعامل معها قبل البدء بتطبيقها، لافتا إلى أن من حق الأردن اتخاذ خطوات مماثلة للتي تطبقها بلدان أخرى على السلع الأردنية المصدرة إلى أسواقها.
ورأى القطاع الصناعي الأردني أن هذه الخطوة إيجابية لجهة حماية الصناعة الأردنية ومعالجة الصعوبات التي تواجهها في بعض البلدان، رغم وجود اتفاقيات يفترض أن تسهم في تيسير حركة التجارة وعدم إعاقة الصادرات الأردنية إلى تلك الأسواق.
وطالبت قطاعات اقتصادية، وفي مقدمتها غرف الصناعة والتجارة، بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على السلع الموردة من عدة بلدان، من بينها مصر وسورية ودول خليجية وغيرها، كون حكومات تلك البلدان تعيق دخول السلع الأردنية إلى أسواقها في الوقت الذي تدخل سلعها الأردن بدون أي قيود.
وكانت الحكومة ألغت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا قبل حوالي 3 سنوات بسبب عدم التزام الجانب التركي بأحكام الاتفاقية، حيث شهد السوق الأردني إغراقا من قبل العديد من السلع، وأثرت كثيرا على المنتجات الأردنية في الوقت الذي لم تحقق فيه منتجات الأردن نفاذا متكافئا للسوق التركي بسبب تعقيد الإجراءات.
وقال مدير عام غرفة صناعة الأردن، نائل الحسامي، إن الصناعة الأردنية والعديد من القطاعات تأثرت كثيرا خلال السنوات الماضية بسبب عدم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، حيث تواجه المنتجات الأردنية صعوبة بالغة في دخول العديد من الأسواق، وخاصة العربية منها، بينما سلعها تغزو السوق الأردني وتستحوذ على نسبة كبيرة منه.
وأضاف الحسامي لـ"العربي الجديد" أن مصلحة الأردن الاقتصادية تقتضي تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ونأمل أن تشكل المنصة الإلكترونية للواردات التي ستطبق بداية العام المقبل خطوة نحو تطبيق المعاملة بالمثل لتذليل الصعوبات أمام الصادرات الأردنية.
وقال إن العجز التجاري للأردن يشهد ارتفاعا بسبب عدم قدرة المنتجات المحلية، رغم جودتها العالية من دخول العديد من الأسواق نتيجة للإعاقات التي تواجهها ولم تقم الحكومات المتعاقبة بإجراءات فاعلة لتذليل تلك الصعوبات.
وبلغت قيمة الصادرات الكلية للأردن خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي 4127.5 مليون دينار، بارتفاع نسبته 13.7% مقارنة بنفس الفترة من عام 2020 بحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة الحكومية الشهري حول التجارة الخارجية في الأردن (الدينار = 1.41 دولار).
وبلغت قيمة الصادرات الوطنية أي المنتجة محليا لتلك الفترة 3745.7 مليون دينار، بارتفاع نسبته 15.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، وبلغت قيمة المعاد تصديره 381.8 مليون دينار، بانخفاض نسبته 4.3% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.
وبلغت قيمة الوردات 9497.6 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، بارتفاع نسبته 21.3% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020.
وبلغ العجز في الميزان التجاري، والذي يمثل الفرق بين قيمة الوردات والصادرات الكلية، 5370.1 مليون دينار، مرتفعا بما نسبته 27.9% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020.
وفي تصريحات صحافية سابقة، قال رئيس غرفة صناعة الأردن، فتحي الجغبير، إن القرار سيسهم في دعم الصناعة الأردنية وزيادة تنافسيتها بالأسواق التصديرية وتوسيع حصتها محليا، ما يمكنها من زيادة أعمالها واستثماراتها ومنحها القدرة على توليد فرص العمل للأيدي العاملة الأردنية.
واشار إلى أن المعاملة بالمثل كانت من أبرز المطالب التي طرحها القطاع الصناعي منذ سنوات. لكن الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، قال لـ"العربي الجديد" إن هناك تقاطعات سياسية ربما تحد من القدرة على إعاقة دخول منتجات بعض البلدان إلى السوق الأردني، لذا يجب تكثيف الاتصالات لأجل إزالة أي معيقات تواجه المنتجات الأردنية، وتفعيل تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع البلدان الأخرى.