يهدد الحفر العشوائي للآبار المنتشر في معظم مناطق اليمن الموارد المائية بالاستنزاف، في بلاد تعاني من شحة المياه وقلة هطول الأمطار وسقوطها في غير مواسمها، وما ينتج عنها من فيضانات وسيول تسبب أضراراً بالغة في الأراضي الزراعية.
وتتركز عمليات الحفر العشوائي للآبار في المناطق التي تنتشر فيها زراعة نبتة "القات" التي تتطلب كميات هائلة من المياه، وهو ما يعتبر في طليعة أسباب استنزاف المياه في اليمن.
وتكشف بيانات حديثة اطلعت عليها "العربي الجديد" عن اعتماد المساحة المحصولية الزراعية في اليمن على مياه الآبار بنسبة 38 في المائة تليها المياه الناتجة عن الأمطار بنسبة 10 في المائة وحوالي 2 في المائة من السدود ونحو 1 في المائة من المياه المنقولة بالشاحنات.
وقال الخبير الزراعي أيمن الشرماني إن توسع زراعة نبتة "القات" ساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة الحفر العشوائي لآبار المياه والتي تحولت إلى مشاريع استثمارية، الأمر الذي يتسبب في تسريع استهلاك المياه الجوفية ومضاعفة معاناة اليمن المزمنة في شحة المياه.
وأوضح، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن العائدات المجزية من نبتة "القات" خلال السنوات القليلة الماضية واتجاه المزارعين إلى اقتلاع المحاصيل الزراعية الأخرى وإحلال القات بدلاً عنها، أدت إلى توسع دائرة العمل في استثمار "القات" وتكوّن فئة تجارية خلال سنوات الحرب الراهنة تقوم باستغلال هذه النبتة التي تحظى باهتمام وإقبال في اليمن.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الجهات الحكومية المختصة عجزها عن مكافحة ظاهرة الحفر العشوائي للمياه الجوفية في ظل انتشار أكثر من 480 جهازاً يعمل في حفر الآبار الارتوازية للمياه بشكل عشوائي، يستمر القات في استنزاف المياه الجوفية بنسبة تصل إلى نحو من 75 في المائة من المياه المستهلكة في اليمن.
وأكد المزارع علي المجربي، مالك أراضٍ زراعية في محافظة عمران شمال العاصمة اليمنية صنعاء، لـ"العربي الجديد"، أن زراعة المحاصيل بالخضروات والفاكهة أصبحت مكلفة للغاية مقابل عائدات لا تغطي نصف ما يتم إنفاقه على مستلزمات الإنتاج الزراعي والأسمدة والوقود.
ويتفق معه المزارع في محافظة ذمار الزراعية أنيس مهدي الذي رأى في حديثه مع "العربي الجديد" أن الكثير من المزارعين اضطروا إلى التحول لزراعة "القات" بسبب عائداته السريعة والمجزية رغم ما تتطلّبه عملية زراعته من جهد شاق وكميات من المبيدات والأسمدة ومياه ضخمة لريه بشكل يومي.
وبحسب تقارير رسمية، يعد اليمن من أفقر دول العالم في الموارد المائية، ويقع في أسفل سلم الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي، حيث يتراوح المتوسط السنوي لكمية الأمطار بين 250- 400 ملم والتي من المتوقع انخفاضها بنسبة كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتشير أحدث بيانات متاحة اطلعت عليها "العربي الجديد" إلى أن حجم مخزون اليمن من المياه الجوفية يصل إلى نحو 10 بلايين متر مكعب في حوض المسيلة، 205 بلايين متر مكعب في حوض تهامة وتتوزع البقية من الاحتياطي الجوفي على بقية المناطق.
فيما تصل كمية السحب من المياه الاحتياطية 1.5 بليون متر مكعب سنوياً. وتؤكد تقارير وأبحاث زراعية أن هذا الحجم من المياه المستخرجة يفوق معدل التغذية الجوفية بمقدار 900 مليون متر مكعب؛ مما سبب حصول انخفاض متزايد في منسوب المياه الجوفية.