اقطعوا النفط والغاز فوراً يتوقف العدوان على غزة

03 نوفمبر 2023
لن يتحمل العالم موجة تضخم جديدة يشعلها قطع مصادر الطاقة الأساسية عنه (Getty)
+ الخط -

إذا كان الحكام العرب صادقين في مساندة القضية الفلسطينية ورافضين حقا العدوان الإسرائيلي الإجرامي على غزة، فعليهم فورا وقف صادرات النفط والغاز، وقطع تدفق الطاقة بلا تردد عن أسواق العالم، ومعها وقف واردات سلع ومنتجات الدول الداعمة للاحتلال.

هنا تتوقف الحرب على غزة فورا ويتوقف جيش الاحتلال عن ارتكاب المزيد من المجازر بحق أطفال ونساء وعجائز قطاع غزة، لأن العالم ليس في حمل اندلاع موجة تضخم جديدة ناتجة هذه المرة عن حدوث قفزات في أسعار النفط والغاز والمنتجات البترولية من بنزين وسولار، وليس في مقدوره تحمل أسعار نفط تتجاوز 100 دولار، وربما أكثر وفق تحذيرات صادرة عن البنك الدولي، والذي حذر يوم الأربعاء من أن "أسعار النفط قد ترتفع إلى أكثر من 157 دولارا للبرميل إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط.

ومن الممكن أن تؤدي الحرب طويلة الأمد في المنطقة إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة والأغذية، بعد عام واحد فقط من ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا".

السيناريو سبق وأن تمت تجربته وأثبت نجاحاً منقطع النظير، ولنا في العام 1973 عبرة

طبعاً، القرار ليس سهلا من وجهة نظر تلك الحكومات والأنظمة، لأنه سيجري الحديث وقتها عن ضرورة مراعاة المصالح الاقتصادية العليا للدول، وعن احترام الصفقات والتعاقدات والالتزامات التصديرية، وعن مخاطر قطع صادرات النفط على أسواق الصرف وإيرادات الدولة، لكن حماية الأمن القومي العربي ودعم القضية الفلسطينية تفوق تلك الاعتبارات.

كما أن ، ففي ذلك العام تم استخدام النفط سلاحا سياسيا ضد الاحتلال الإسرائيلي والدعم الغربي القوي له في مواجهة مصر وسورية ولبنان، وتم فرض حظر نفطي عربي على الغرب لأول مرة.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول، قرر الزعماء العرب حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل، بهدف بلورة سياسة عربية موحدة إزاء القضايا القومية المشتركة الكبرى، والضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

وفرض سلاح النفط نفسه وبقوة في المفاوضات الجارية بعد انتهاء حرب أكتوبر. وكتبت يوم 15 أكتوبر الماضي مقالا تحت عنوان "ماذا لو قطع العرب صادرات النفط والغاز؟"، قلت فيه إن العرب إذا ما أرادوا أن يضعوا حدا لحرب دولة الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية على غزة، فلا بد من قطع صادرات النفط والغاز. وعددت وقتها أهمية تلك الخطوة، خاصة مع قوة العرب في سوق النفط العالمية من حيث الإنتاج والتصدير والاحتياطيات المؤكدة.

إلا أنه ومنذ ذلك الوقت لم تظهر مواقف جادة تشير إلى أن العرب والدول الإسلامية المصدرة للنفط ماضية في استخدام هذا السلاح الفاعل، كل ما رشح هو موقفان خجولان، الأول صادر من ليبيا حيث هددت الدول الغربية الداعمة لحرب إسرائيل على غزة بإيقاف صادرات النفط والغاز الليبي إلى أسواقها حتى وقف العدوان على القطاع، وطالب مجلسا النواب والدولة الليبيان بوقف تصدير النفط الليبي إلى الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي، وطرد سفراء هذه الدول من ليبيا.

الفرصة متاحة أمام العرب لإعادة كتابة التاريخ بل وصناعته بقرار واحد وهو قطع النفط والغاز عن أسواق العالم

وقال الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بلحق في بيان الأربعاء: "نطالب الحكومة بوقف صادرات النفط والغاز إلى الدول الداعمة لإسرائيل في حال لم تتوقف المجازر الإسرائيلية". والثاني صادر عن إيران، فقد دعا المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى وقف صادرات النفط والغذاء إلى دولة الاحتلال، قائلا: "ما يجب على الحكومات الإسلامية أن تصر عليه هو ضرورة وقف قصف غزة فوراً وإغلاق طرق تصدير النفط والسلع للكيان الصهيوني".

وسبق أن طالب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت في السعودية، قبل أسبوعين، بـ"فرض حظر فوري وكامل على النظام الصهيوني من قبل الدول الإسلامية، وتطبيق حظر نفطي على النظام".

لكن على أرض الواقع لا نجد خطوات ملموسة في ملف قطع الغاز والنفط عن الغرب، ما يعني استمرار التواطؤ على غزة وترك شعبها للإسرائيليين، كل ما نجده هو خروج هؤلاء القادة بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، منها المطالبة بوقف الحرب وفتح المعابر لوصول المساعدات، والتأكيد على أن دولة الاحتلال تخطت الخط الأحمر. إنما أن تأخذ هذه القيادات خطوات عملية وتقطع تصدير النفط والغاز، فهذا لن يحدث حتى الآن.

الفرصة متاحة أمام العرب لإعادة كتابة التاريخ بل وصناعته بقرار واحد وهو قطع النفط والغاز عن أسواق العالم، هنا تدخل دول العالم في أزمة كبيرة خاصة ونحن على أبواب الشتاء، وأوروبا وغيرها من دول العالم بحاجة شديدة إلى كميات كبيرة من مشتقات الطاقة، فهل يفعلها الحكام العرب، ليس من باب إرضاء الرأي العام الغاضب والشعوب المحتقنة، فهذا أمر لا يعنيهم، ولكن من باب تبييض صفحاتهم في التاريخ.

المساهمون