اقتصاد سويسرا يعاني من العقوبات المفروضة على روسيا

06 مارس 2022
سويسرا لاعب مهم في تجارة النفط الروسي عبر شركاتها (Getty)
+ الخط -

أجبر الموقف المتشدد الذي اتّخذته الدولة المحايدة سويسرا حيال روسيا، اقتصادها لإعادة التكيّف مع العقوبات المفروضة على موسكو، ما أثار الذعر في سوق المواد الخام على وجه الخصوص.

وأعلنت سويسرا الاثنين الماضي، أنها ستنضم لعقوبات الاتحاد الأوروبي، لتتخلى برن بذلك عن تحفّظها التقليدي عبر إصدار أمر بتجميد أصول تابعة لشركات روسية وأفراد أدرجوا على قائمة التكتل السوداء.

وذهبت أبعد من ذلك الجمعة الماضية، فتبنت عقوبات أوروبية أكثر تشددا فرضت ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير، والتي تحظر تصدير سلع من شأنها تعزيز قدرات روسيا العسكرية، كما يحظر تصدير سلع معيّنة وخدمات في قطاع النفط وتكنولوجيا الطيران.

وأصرّت الحكومة في بيان على أن "تطبيق هذه العقوبات يتوافق مع حياد سويسرا".

سويسرا تلتزم العقوبات

وتمتثل شركات الدولة الثرية للعقوبات، لكنها شددت أيضا على أن الأموال الروسية لا تشكّل إلا جزءا من دورة رأس المال لديها، في مسعى لطمأنة المستثمرين.

وعلّقت شركة الخطوط السويسرية، التي تعد فرعا للوفتهانزا الألمانية، رحلاتها إلى موسكو وسان بطرسبرغ.

وأفادت مجموعة المنتجات الفاخرة "ريتشموند" المالكة لشركة "كارتييه" للمجوهرات، ووكالة "إيه دبليو بي" (AWP) المعنية بالمال والأعمال بأنها علّقت أنشطتها التجارية في روسيا.

وتوقفت شركة MSC (إم إس سي) العالمية للشحن البحري وشركة لوجستيات الشحن "كونه ناغل Kuehne Nagel" عن قبول طلبات روسية للشحن باستثناء الطعام والمعدات الطبية والإنسانية.

وأفادت مجموعة الضغط التجاري "إيكونوميسويس Economiesuisse " أن التداعيات المباشرة للعقوبات على التجارة الخارجية ستكون "محدودة".

وتعد روسيا في المرتبة 23 بين أكبر شركاء سويسرا التجاريين. وتصدّر سويسرا بشكل أساسي الأدوية والمنتجات الطبية والساعات والآلات إلى روسيا، بينما تستورد منها بشكل رئيسي الذهب والمعادن الثمينة والألمنيوم.

وعام 2021، وصلت الصادرات من سويسرا إلى روسيا إلى 3.2 مليارات فرنك سويسري (نحو 3.5 مليارات دولار)، فيما بلغت قيمة الواردات 270 مليون فرنك فقط، بحسب سلطات الجمارك.

لكن الدولة غير الساحلية تعد لاعبا مهما في تجارة المواد الخام، عبر شركات من بينها "غلينكور Glencore" و"ترافيغورا Trafigura" و"فيتول Vitol" و"غانفور Gunvor".

وأعرب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف غينادي غاتيلوف الجمعة، عن دهشته حيال العقوبات، نظرا إلى أن سويسرا لطالما "حاولت المحافظة على حياد من نوع ما".

وصرّح للصحافيين "نشعر بخيبة أمل كبيرة من ذلك، نظرا إلى أن علاقات جيّدة جدا تربطنا مع سويسرا.. وسيكون لانضمام سويسرا إلى هذه العقوبات غير القانونية.. تأثير سلبي من نوع ما".

وضع أزمة

وبحسب أرقام تداولتها الصحافة السويسرية، تتم تجارة 80 في المئة من النفط الروسي في سويسرا، رغم أن الأمينة العامة لـ"رابطة التجارة والشحن السويسرية" فلورانس شيرتش لم تتمكن من تأكيد الأرقام.

وقالت لوكالة "فرانس برس" إنه "يتم تقييم الكمية الدقيقة"، لكنها أكدت أن "القطاع يؤثر بشدة على الاقتصاد".

ومن ناحية التوظيف، تمثّل تجارة الطاقة والحبوب والمعادن حوالى 10 آلاف وظيفة مباشرة و35 ألف وظيفة غير مباشرة.

وأوضحت شيرتش أنه "منذ الاثنين، يعيش الجميع وضع خلية أزمة نوعا ما". ولفتت إلى أن بعض الشركات تحاول "تحديد مواقع شحناتها" التي انطلقت أو "إعادة البحارة الذين علقوا في البحر الأسود".

وأوضحت أن "العديد من الشركات فرضت رقابة على نفسها"، لأسباب من بينها أن عمليات الدفع باتت "معقّدة" الآن نظرا لحظر المصارف الروسية من منظومة "سوفيت" بينما تعيد المصارف السويسرية النظر في تمويلها التجاري.

كما تلّقت شركة "نورد ستريم 2" ومقرها سويسرا ضربة بعدما أوقفت ألمانيا إجراءات تشغيل أنبوب الغاز بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأحدث الأمر حالة ذعر في القطاع. وأعلنت شركة "غلينكور" العملاقة أنها ستعيد النظر في تعاملاتها التجارية في روسيا بينما ستعيد "ترافيغورا" النظر في حصّتها في "فوستوك أويل" -- مشروع "روسنفت" الرئيسي في سيبيريا.

مصارف وساعات وسياحة

تعد المصارف السويسرية وجهة رائجة في أوساط الروس الأثرياء الساعين لإخفاء أموالهم. وبحسب "مصرف التسويات الدولية"، وصلت التزامات المصارف السويسرية للزبائن الروس إلى 23 مليار دولار في الفصل الثالث من العام 2021.

وفي رد فعلها على العقوبات، أكدت رابطة المصرفيين السويسريين أن روسيا ليست "أولوية" كسوق، واستبعدت فروع "غازبروم بنك" و"سبيربنك" السويسرية من صفوفها.

وفي سوق الأسهم، هزّت مخاوف المستثمرين حيال قطاع السلع الفاخرة مجموعة "ريتشموند" و"سواتش" السويسرية العملاقة لصناعة الساعات.

وأفاد رئيس اتحاد قطاع الساعات السويسرية جان-دانيال باش أن روسيا لا تمثّل غير حوالى "واحد في المئة من صادراتنا".

لكن قد يؤثر تراجع الروبل على مبيعات الساعات فيما يهدد النزاع أيضا بتأخير عودة الزبائن الروس الذين "لم يزوروا سويسرا منذ بدء الوباء".

وفي 2019، قبل أزمة كوفيد-19، مثّل السياح الروس 1,7 في المئة فقط من الحجوزات الفندقية في سويسرا.

لكن الناطقة باسم هيئة "سياحة سويسرا" فيرونيك كانيل أكدت "يعد هؤلاء من الزبائن الأثرياء" إذ يفضّلون الفنادق من فئة الخمس نجوم. ولذا، يمكن أن "تتأثّر بشكل أكثر تحديدا" بعض الفنادق الكبرى التي تعتمد على الزبائن الروس المخلصين لها.

(فرانس برس)

المساهمون