اقتصاد الاحتلال.. الإفلاسات تتزايد والمستثمرون يهربون

13 سبتمبر 2024
تظاهرة مناهضة للعدوان على غزة أمام وول ستريت، 26 أكتوبر 2023 (بريان سميث/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تدهور الاقتصاد الإسرائيلي**: الحرب ضد غزة أدت إلى إفلاس 46 ألف شركة، توقف السياحة، انخفاض التصنيف الائتماني، وتراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60% في الربع الأول من 2023. الشركات الكبرى والبنوك تبتعد عن السندات الحكومية.

- **أزمة التكنولوجيا والشركات الناشئة**: الحرب تسببت في هجرة الأكاديميين وانخفاض الأبحاث المشتركة. 49% من شركات التكنولوجيا ألغت استثماراتها، و69% قلقة بشأن جمع الأموال، و40% تفكر في نقل أنشطتها.

- **هجرة الكفاءات**: ارتفع عدد المغادرين بنسبة 285% بعد عملية "طوفان الأقصى"، مما يهدد بتفريغ البلاد من الكفاءات. الحكومة بحاجة لإجراءات عاجلة لإنهاء الحرب، خفض الإنفاق، وزيادة الضرائب.

مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد غزة بلا هوادة، يواجه اقتصاد إسرائيل كارثة حقيقية وفق تقارير محلية. وقال كبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية، يوئيل نافيه، إن إسرائيل بحاجة إلى التحرك بقوة وبإجراءات فورية لصياغة ميزانية مسؤولة لعام 2025 لدرء خطر حدوث أزمة تلوح في الأفق، والتي يمكن أن تجر اقتصادها الذي مزقته الحرب إلى الركود وتعرض الأمن القومي للبلاد للخطر.

وفي ورقة سياسات تقييم لاقتصاد الإسرائيلي، كتبها نافيه، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في وزارة المالية أربع سنوات وحتى العام 2018، ووليف دراكر، النائب الأول السابق لكبير الاقتصاديين حتى عام 2022، حذرت الورقة من أنه إذا فشلت الحكومة في معالجة ميزانية العام المقبل بشكل مسؤول من خلال تنفيذ تخفيضات الإنفاق اللازمة، وزيادة الضرائب، والإصلاحات المعززة للنمو، فستواجه أزمة مالية خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. ونشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" مقتطفات من الورقة في التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري.

وحتى الآن تتحدث المؤشرات الاقتصادية في دولة الكيان عن كارثة اقتصادية كبرى تعيشها إسرائيل، حيث أفلست أكثر من 46 ألف شركة، وتوقفت السياحة، وانخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وتباع السندات الإسرائيلية بأسعار تقارب مستويات "السندات غير المرغوب فيها"، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60% في الربع الأول من عام 2023، ولا تظهر مؤشرات الاقتصاد أي احتمالات للتعافي. وتم تحويل غالبية الأموال المستثمرة في صناديق الاستثمار الإسرائيلية إلى استثمارات في الخارج، لأن الإسرائيليين لا يريدون أن تكون صناديق التقاعد وصناديق التأمين وأموالهم مستثمرة في إسرائيل مع عدم الثقة في مستقبل الكيان.

كما يلاحظ أن الشركات الكبرى والبنوك التي كانت تدعم إسرائيل بدأت تبتعد عن شراء السندات الحكومية الإسرائيلية وعن صناديق الاستثمار الرأسمالية، حيث تخلت شركة إنتل عن خطة استثمارية بقيمة 25 مليار دولار، وهو أكبر انتصار لحركة المقاطعة الداعمة لفلسطين، كما أن بنك باركليز البريطاني تخلى عن تسويق السندات الإسرائيلية وفق ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" منتصف أغسطس/آب الماضي. والبنك البريطاني، هو أحد سبعة مقرضين أجانب يساعدون الحكومة الإسرائيلية على بيع ديون جديدة، واستعد للتوقف عن إصدار الديون في جزء من محاولة لتهدئة الانتقادات بشأن علاقاته مع إسرائيل خلال الحرب في غزة.

وبالنسبة للشركات الناشئة، تعتمد سمعة إسرائيل على قطاع التكنولوجيا باعتبارها "دولة ناشئة" وفق التصنيفات الغربية، والذي يعتمد على الموظفين ذوي التعليم العالي. ولكنه يواجه أزمة هجرة الطبقة الأكاديمية، حيث أفاد أكاديميون إسرائيليون بأن الأبحاث المشتركة مع الجامعات في الخارج انخفضت بشكل حاد بسبب الحراك الطلابي العالمي، خاصة في أميركا وأوروبا، التي شهدت هبة طلابية داعمة لنضال الفلسطينيين ومعارضة للكيان وحرب الإبادة في قطاع غزة. ووفق تقرير نشرة "ستارت أب نيشن" في تل أبيب الصادرة مساء أمس، وهو تقرير يعرف اختصاراً بـ "أس أن بي"، ويتناول وضع الشركات الناشئة بالتركيز على قطاع التقنية، فإن الشركات الإسرائيلية تعاني من عدم اليقين المالي بسبب الحرب.

ووفق التقرير، أبلغت 49% من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية عن إلغاء استثماراتها بسبب الحرب، وأعربت 31% منها فقط عن ثقتها في أنها ستكون قادرة على جمع الأموال في العام المقبل. ويقول التقرير الذي نشرت صحيفة غلوبس العبرية مقتطفات منه أمس، أبدى المستثمرون في شركات الكيان حذراً بشأن وضع أموالهم في الشركات الإسرائيلية، حيث ذكر التقرير أن 48% من الشركات توقعت انخفاضًا في النشاط الاستثماري في العام المقبل.

وتنبع أهمية التقرير من أنه يجمع بين تحليل الاقتصاد الكلي للمؤشرات المالية مع رؤى من الدراسات الاستقصائية التي أجريت بين المديرين والمستثمرين في الصناعة الإسرائيلية، حيث يركز أحد الاستطلاعات على الشركاء وكبار المديرين في صناديق الاستثمار والشركات، ودراسة استقصائية أخرى تركز على المؤسسين والمديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا التي تتراوح بين الشركات الناشئة في المراحل المبكرة إلى الشركات الناضجة المتداولة في الأسواق المالية.

ووجد التقرير أن الوضع الأسوأ للشركات يتركز في شمال إسرائيل، حيث أعربت 69% من شركات التكنولوجيا في الشمال عن قلقها الكبير بشأن قدرتها على جمع الأموال في العام المقبل. كما قالت 40% من الشركات إنها تفكر في نقل أنشطتها، سواء كليًا أو جزئيًا، إلى مواقع أخرى. كما وجد التقرير انخفاض الثقة بشكل خاص في قدرة الحكومة على قيادة جهود التعافي في الاقتصاد الإسرائيلي. وأعرب أكثر من 80% من الشركات في جميع أنحاء إسرائيل عن شكوكهم حول هذه القدرة، بالإضافة إلى 74% من المستثمرين الذين أعربوا عن مخاوف مماثلة بشأن قدرة الحكومة الحالية على المساهمة في إنعاش المناخ الاستثماري.

وحول تداعيات هجرة الخبرات وذوي المهارات العالية في التقنية، قال دان بن دافيد، الخبير الاقتصادي الشهير، إن الاقتصاد الإسرائيلي متماسك بواسطة 300 ألف شخص يتشكلون من كبار الموظفين في الجامعات وشركات التكنولوجيا والمستشفيات. ويقول إنه بمجرد مغادرة جزء كبير من هؤلاء الأشخاص، "لن نصبح دولة من دول العالم الثالث فقط، ولكن لن نكون دولة تقنية ".

ووفق بيانات عبرية، ارتفع عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد بشكل دائم بنسبة 285% بعد عملية "طوفان الأقصى"، وفقاً للبيانات المنشورة في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل". وتشير تقارير القناة 12 الإخبارية، بناءً على بيانات مكتب الإحصاء المركزي (CBS)، إلى زيادة غير مسبوقة عدد المهاجرين من إسرائيل منذ أكتوبر 2023 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

لكن البيانات المتعلقة بالأعداد الفعلية للإسرائيليين الذين يغادرون البلاد مربكة ومتناقضة، في وقت يشوبه قدر كبير من عدم اليقين. وحتى الآن يعدّ قطاع شركات الأسلحة هو القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لم يبلغ عن انهيار مالي بسبب الحرب العدوانية على قطاع غزة. ويشير تقرير بنشرة "مندو ويس" التي تصدر في أميركا، في 19 يوليو الماضي، إلى أن قطاع التكنولوجيا يبحث عن الصفقات في الخارج، ولكنه لا يجدها.

وأبدت غوغل الداعمة للكيان اهتمامها بشراء شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية Wiz، التي أسسها ضباط المخابرات الإسرائيلية الذين يتوقون إلى بيع شركتهم حتى يتمكنوا من مغادرة إسرائيل، وفق "موندو ويس".
ويتوقع اقتصاديون إسرائيليون أن الحكومة الإسرائيلية في أمس الحاجة لإجراءات عاجلة للتعامل مع الأزمة، وإنهاء الحرب، وخفض الإنفاق العام، وزيادة الضرائب، واستعادة ثقة الجمهور في المؤسسات العامة في إسرائيل، وإصلاح علاقات إسرائيل الخارجية، خاصة مع الدول التي تعتمد عليها في التجارة مثل دول الاتحاد الأوروبي وتركيا وكولومبيا.

على مستوى الديون الإسرائيلية، قال تقرير لوزارة الخارجية الأميركية في 22 يوليو/ تموز الماضي، إن الحرب ألحقت أضراراً اقتصادية بالغة بإسرائيل، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20.7% بين أكتوبر وديسمبر 2023. وتتوقع الوزارة أن ينمو عجز الميزانية في عام 2024 بسبب النمو الاقتصادي الأقل من المتوقع والتكاليف غير المتوقعة للحرب ودعم الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بالقرب من غزة أو على طول الحدود اللبنانية.

المساهمون