اقتصاد إسرائيل أمام أزمات غير مسبوقة بسبب الحرب.. إليك التفاصيل

24 يونيو 2024
حرب غزة دفعت أثرياء إسرائيل لإخراج أموالهم، تل أبيب 22 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اقتصاد إسرائيل يعاني من تحديات غير مسبوقة بسبب الحرب على غزة، مما أدى إلى هجرة الأثرياء وخروجها من تصنيفات هجرة الثروات لعام 2024، وفقًا لتقرير Henley & Partners.
- القيود الأمريكية المفروضة على تأشيرات رجال الأعمال الإسرائيليين والتحقيقات حول انتسابهم للجيش تعكس تأثير الحرب على العلاقات الدولية وتؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي.
- تواجه إسرائيل أزمات اقتصادية متعددة تشمل ارتفاع عجز الميزانية وأزمة السكن وارتفاع فوائد الديون، مع توقعات بتكلفة الحرب على غزة تصل إلى 67 مليار دولار حتى عام 2025.

لم يكن اقتصاد إسرائيل في أي وقت معرضاً لمجموعة المخاطر والأزمات غير تلك التقليدية، حتى مع دخول حروب إقليمية، إلا أن الحرب على غزة أوجدت أزمات اقتصادية غير تقليدية. ولأول مرة منذ عدة عقود، يغادر عدد أكبر من المهاجرين الأثرياء إسرائيل، مقارنة بالقادمين إليها، وفقا لتقرير هجرة الثروات الخاصة.

هجرة الثروات

التقرير الصادر، الأسبوع الماضي، ونشرته الأناضول اليوم، أظهر خروج إسرائيل من تصنيفات هجرة الثروات الخاصة لعام 2024 التي نشرتها شركة الاستشارات الاستثمارية Henley & Partners المتخصصة في الإقامة والجنسية الدولية. وفي كل عام، تسرد الشركة 20 دولة استوعبت أكبر عدد من الأثرياء؛ ففي العام الماضي، احتلت إسرائيل المرتبة الثانية عشرة مع 600 شخص ثري إضافي يعيشون في البلاد؛ بينما احتلت المرتبة الثامنة في عام 2022.

يقول تقرير هجرة الثروات: "في انقلاب للأحوال، يكشف التقرير أن إسرائيل خرجت من قائمة أكبر تدفقات الأموال لأول مرة في عام 2024.. ويمثل هذا تحولا كبيرا". وبالعودة إلى تاريخ التقرير المستمر منذ قرابة 50 عاما، احتلت إسرائيل المرتبة العاشرة بين أفضل الوجهات لمهاجري المليونيرات لعدة عقود، في مرتبة متوسطة.

ويعني ذلك، أن الحرب على غزة دفعت عددا أقل من المستثمرين الأثرياء الذين أبدوا اهتماما بالاستقرار في البلاد، لكن ما حصل أن شريحة واسعة من المستثمرين، نقلوا رؤوس أموالهم إلى أماكن أخرى أكثر أمانا. وتعرف شركة هنلي الشخص الثري، بأنه شخص لديه أصول سائلة تزيد عن مليون دولار. واحتلت دولة الإمارات المركز الأول في القائمة، حيث اجتذبت 6700 مهاجر من أصحاب الأموال خلال العام الماضي. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، حيث اجتذبت 3800 مهاجر.

قيود على التأشيرة الأميركية للإسرائيليين

كذلك، من الأزمات التي واجهت إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة، تقرير أوردت تفاصيله صحيفة يديعوت أحرونوت، أظهرت أن الولايات المتحدة -الحليف الأكبر لإسرائيل- قيدت دخول رجال الأعمال الإسرائيليين إلى أراضيها. وبحسب التقرير، فإن المقابلات التي تتم مع إسرائيليين للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، تظهر قيودا وأسئلة حساسة حول انتسابهم للجيش. 

ويعني ذلك، أن رجال الأعمال الإسرائيليين، أمام مخاطر تأثر أعمالهم في السوق الأميركية، والتي تعد الحديقة الخلفية في اقتصاد إسرائيل مهمة بالنسبة لهم. ونقلت الصحيفة عن رجال أعمال قولهم، إن المقابلات التي تجريها مكاتب الهجرة والقنصليات، تظهر أن الأسئلة وكأنها صادرة عن محكمة الجنايات الدولية، وليس عن قنصلية.

تقول الصحيفة: "يبدو أن السبب وراء ذلك هو الحرب على غزة حيث يتم التحقيق مع بعض الإسرائيليين المتقدمين بطلبات للإقامة، حول ما إذا كانوا قد خدموا في الجيش الإسرائيلي وطبيعة خدمتهم السابقة". وزادت: "بحسب تحقيق صحافي أجريناه، فإن الولايات المتحدة تسأل الإسرائيليين المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء عما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم حرب". وخلص التحقيق إلى أن "المتقدمين الإسرائيليين للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أصبحوا يخضعون حالياً لتحقيق معمق فيما يتعلق بخدمتهم في الجيش، بما في ذلك مهارات استخدام الأسلحة والمتفجرات".

قادة التكنولوجيا يفكّرون بالتدخل

بعد إحباطهم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يفكر بعض قادة الأعمال الإسرائيليين في دخول السياسة، بحسب مخرجات منتدى اقتصادي نقلت تفاصيله "بلومبيرغ". ودعا المنتدى الذي يضم أكبر 200 من قادة الأعمال في إسرائيل، الأسبوع الماضي، إلى إجراء انتخابات مبكرة "لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة". 

ووفق بيانات المشاركين في المنتدى، فإن نصف الشركات المدرجة في مؤشر بورصة تل أبيب TA-35 ممثلة فيه، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لأربعة أكبر البنوك (هبوعليم، ليئومي، ديسكونت، مزراحي). ومن بين الذين حضروا المناقشات والذين قيل إنهم يفكرون في دور سياسي من داخل عالم التكنولوجيا، كيمي بيريز من بيتانجو، نجل الرئيس السابق شمعون بيريز. كذلك، من بين الأسماء، الرئيسة التنفيذية لشركة بابايا غلوبال إينات جيز؛ وإزهار شاي، شريك في شركة رأس المال الاستثماري Disruptive AI؛ وهو وزير علوم سابق قُتل ابنه الجندي أيضا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ارتفاع عجز اقتصاد إسرائيل

وتشير تقديرات البنك المركزي إلى أن الحرب على غزة ستكلف إسرائيل نحو 67 مليار دولار حتى عام 2025، أو ما يقرب من 15% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي. وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 لأول مرة منذ ثماني سنوات، وفقًا لصندوق النقد الدولي، فيما الحكومة الإسرائيلية في طريقها إلى تسجيل أكبر عجز في ميزانيتها هذا القرن خلال 2024. 

إذ يواصل العجز المالي في إسرائيل الصعود بصورة مقلقة لصانعي السياسة النقدية في دولة الاحتلال، مطالبين بإجراءات تحول دون انزلاق العجز إلى مستويات لا يمكن التحكم بها عليها خلال العام المقبل، ما ينذر بمزيد من خفض التصنيف الائتماني من قبل المؤسسات العالمية.

وتضغط فاتورة الحرب المستمرة على قطاع غزة على الموازنة العامة، بينما لم تعد معدلات الاقتراض تكفي لتغطية هذه النفقات، وفق تأكيد محافظ البنك المركزي أمير يارون، الذي حذر من أن حالة عدم يقين اقتصاد إسرائيل في ضوء استمرار الحرب تزيد الأمور تعقيداً، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى تعديل كبير في موازنة عام 2025 أيضاً في ظل هذه الأوضاع.

ولفت يارو، وفق ما نقل موقع "واينت" الإسرائيلي، إلى أن بيانات العجز التي أفصحت عنها وزارة المالية أعلى بكثير من الرقم المعتمد في قانون الموازنة المعدلة للعام الجاري 2024، مضيفا: " يبدو من البيانات التي نشرها يوم الأحد المحاسب العام في وزارة المالية يالي روتنبرغ أن العجز ارتفع في مايو/أيار الماضي إلى معدل سنوي قدره 7.2%، مقارنة بعجز متوقع قدره 6.6% فقط والذي أقرته الحكومة والكنيست ضمن قانون الموازنة".

تعمّق أزمة السكن

رغم الحديث عن انحسار التضخم، تتعمّق أزمة السكن الإسرائيلية على وقع العدوان المستمر على قطاع غزة نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار العقارات. إذ يدفع كيان الاحتلال ثمناً اقتصادياً باهظاً لعدوانه المتواصل على الفلسطينيين منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يُترجم في أحد أوجهه بأزمة سكن يتخللها غلاء فاحش لأسعار العقارات لم تعد معه غالبية الناس قادرة على تمويله، وهو ما يثير تململاً كبيراً من سياسات حكومة بنيامين نتنياهو التي تؤدي إلى رفع أسعار المساكن مع تضاؤل العرض ووقوع الأزواج الشباب في ورطة كبيرة.

فقد أحدثت حرب غزة سابقة في اقتصاد إسرائيل حيث فشلت أسعار الفائدة المرتفعة في ردع مشتري المنازل ووقف ارتفاع أسعار المساكن التي قفزت بنسبة 4.5% منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفقاً لتقرير أوردته صحيفة "غلوبس" المتخصصة أخيراً.

وتفيد الأرقام الرسمية بارتفاع أسعار الشقق في الربع الأول من عام 2024، بمعدل سنوي قدره 12%، فيما تلاحظ الصحيفة علاقة واضحة بين اندلاع الحرب وهذا التطور الذي تراه "مقلقاً". ومع ذلك، فخلال الأشهر الثمانية التي سبقت هذه الزيادة، وتحديداً بين مارس/ آذار ونوفمبر/ تشرين الثاني 2023، كانت أسعار المساكن قد انخفضت 2.5% تقريباً. لكن بعد شهر واحد من اندلاع الحرب، حصل التحوّل وعاد السوق إلى مستويات 2021-2022، عندما ارتفعت أسعار المساكن بنسبة تخطت 10% سنوياً.

ارتفاع فوائد الديون

وارتفعت فوائد الديون الإسرائيلية بقيمة 162 مليون دولار سنوياً خلال العدوان على غزة بسبب الفشل في إدارة اقتصاد إسرائيل وفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي. ومنذ بداية عام 2024، ارتفع عائد السندات الحكومية الإسرائيلية لأجل 10 سنوات أكثر من نظيراتها في الخارج، ويرجع ذلك أساسًا إلى فشل الحكومة في مكافحة تكاليف المعيشة، وفق الموقع الإسرائيلي، الذي أكد أن الأضرار المتأتية على ذلك هي ارتفاع فوائد الديون الإسرائيلية بقيمة 3.8 ملايين شيكل (مليون دولار) مقابل كل مليار شيكل (269 مليون دولار) تجمعه الدولة.

يشرح الموقع الإسرائيلي أنه منذ بداية العام، كان هناك انخفاض حاد في أسعار السندات الحكومية الطويلة بالشيكل الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، كان الانخفاض في أسعار السندات الحكومية الطويلة للحكومتين الأميركية والألمانية أكثر اعتدالًا، ويعني ارتفاع العائد على تلك السندات جزءاً كبيراً من الانخفاض في أسعار السندات الإسرائيلية.

ويقول الموقع إنه "أكد فشل الحكومة الإسرائيلية في معالجة مشكلة غلاء المعيشة، أن إسرائيل غير قادرة على مواجهة موجة ارتفاع الأسعار، وأن محافظ البنك المركزي سيجد صعوبة في إجراء تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام. وهذا على النقيض من سعر الفائدة في الولايات المتحدة، والذي من المتوقع أن ينخفض ​​في النصف الثاني من العام".

ويتابع أن العائد المرتفع على السندات الحكومية، والذي يحدث خلال فترة العجز الضخم في الميزانية، له تأثير كبير على تكلفة رفع الديون. أي أن الفشل الحالي في معالجة تكاليف المعيشة سيؤدي إلى دفع فوائد مرتفعة على ديون الحكومة.

استثمارات الجامعات الأميركية

يستعد اقتصاد إسرائيل لجولة جديدة من الأزمات بعد اتفاق بعض الجامعات الأميركية الكبرى مع المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والرافضين للإبادة على مناقشة سحب الاستثمارات من دولة الاحتلال بعد الصيف.

وقد تم بالفعل تفكيك معظم مخيمات الاحتجاج المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأميركية خلال العطلة الصيفية. وفي بعض الحالات، لم يحدث ذلك إلا بعد محادثات مطولة بين الطلاب وإدارة الجامعة، تم فيها استيفاء بعض الشروط التي وضعها المحتجون. وفي جامعات مرموقة مثل هارفارد وجونز هوبكنز وبراون ومينيسوتا، تعهدت الإدارات بالاستماع إلى حجج الطلاب حول الاستثمارات في إسرائيل ومناقشة الأمر، وفق تقرير مفصل نشره موقع "غلوبس" الإسرائيلي.

ماذا سيحدث إذا تم سحب الاستثمارات بالفعل؟ وبحسب الخبراء الذين تحدث إليهم "غلوبس"، فإن ذلك قد تكون له عواقب وخيمة على اقتصاد إسرائيل وخاصة على صناعة التكنولوجيا. ويقولون، في الوقت نفسه، إنه لن يكون من السهل على الجامعات القيام بذلك.

تمتلك أفضل الجامعات الأميركية صناديق استثمارية كبيرة تبلغ قيمة كل منها مليارات الدولارات، والتي تستثمر أموال الموظفين والمتقاعدين بالإضافة إلى الأموال المتراكمة في الماضي بطريقة مماثلة لصناديق الأسهم الخاصة وصناديق التحوط الأميركية.

المساهمون