اقتراض التونسيين من البنوك في أدنى مستوياته

19 ديسمبر 2023
الغلاء يدفع التونسيين إلى الاقتراض (الأناضول)
+ الخط -

تتباطأ قدرة التونسيين على الاقتراض رغم ارتفاع حاجيات الأسر إلى السيولة للاستجابة للمصاريف الحياتية حيث لم تتجاوز نسبة الزيادة في القروض البنكية التي حصل عليها المواطنون خلال عام واحد 3 بالمائة بحسب بيانات رسمية للبنك المركزي التونسي.

وكشفت بيانات أصدرها البنك أن قيمة زيادة قروض التونسيين خلال الفترة الممتدة ما بين سبتمبر/ أيلول 2022 وسبتمبر 2023 لم تتجاوز 0.7 مليار دينار فقط، أي ما يعادل 22 مليون دولار، ليبلغ 28.5 مليار دينار، مقابل 27.8 قبل سنة.

وتبرز أرقام البنك المركزي أن معدل الزيادة في قروض التونسيين خلال سنوات 2021 و2020 و2019 كان يزيد 1.2 مليار دينار سنويا قبل أن يهبط هذا العام إلى 0.7 مليار دينار، ما يجعل نمو القروض في أدنى مستوياته خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وتعيش الأسر التونسية وضعا ماليا صعبا نتيجة زيادة الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة، مقابل تراجع قدرتها على الاقتراض نتيجة شطط نسب الفائدة الموظفة على القروض وتآكل الدخول.

ويقول رئيس منظمة إرشاد المستهلك (مدنية) لطفي الرياحي إن الأرقام المفصح عنها من قبل البنك المركزي التونسي تكشف استيفاء الأسر التونسية قدرتها على النفاذ إلى القروض نتيجة التداين المفرط وضعف الإيرادات المالية، ما يؤدي إلى أزمة سيولة.

وأفاد الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن أغلب القروض التي يحصل عليها التونسيون خلال الفترة الأخيرة تخصص لسداد ديون قديمة، حيث تعمد البنوك إلى بحث حلول مع عملائها المتعثرين عبر جدولة الديون وتمديد فترة السداد مقابل فوائد جديدة.

وتابع "مرتبات التونسيين لم تعد تتحمل ديونا جديدة، وهو ما يفسر تباطؤ نسق الاقتراض، هي بالكاد تكفي لقضاء حاجياتهم المعيشية لمدة أسبوع".

وبحسب بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، يبلغ متوسط الرواتب الشهرية لنحو 670 ألف تونسي يعملون في القطاع الحكومي 1387 ديناراً (نحو 450 دولاراً) شهرياً، بينما يحتاج تحقيق العيش الكريم لأسرة تتكون من 4 أفراد، وفق دراسة أجرتها منظمة "إنترناسيونال ألارت تونس" في مارس/ آذار 2021، إلى ما لا يقل عن 2400 دينار.

وتسببت المصاعب الاقتصادية التي يعيش التونسيون على وقعها طيلة السنوات الأخيرة في لجوء الكثيرين إلى الاستدانة من البنوك عبر الحصول على قروض استهلاك متفاوتة القيمة لتسديد مصاريفهم اليومية وإيجاد سيولة مالية للعديد من النفقات.

قول رئيس منظمة إرشاد المستهلك (مدنية) لطفي الرياحي إن الأرقام المفصح عنها من قبل البنك المركزي التونسي تكشف استيفاء الأسر التونسية قدرتها على النفاذ إلى القروض


وفي آخر تقرير نشره المعهد التونسي للاستهلاك، فإن مصادر ديون الأسر التونسية متأتية أساسا من البنوك بنسبة 57%، كما تخصص الأسر الحاصلة على قروض مصرفية حوالي 43% من مداخيلها لدفع ديونها، وترتفع هذه النسبة إلى 60% في بعض الأحيان للعديد من العائلات.

ويقول الخبير المالي خالد النوري إن سعر الفائدة المشطة التي تصل إلى 14% تجعل من النفاذ إلى القروض أمرا شبه مستحيل بالنسبة للأسر ذات الدخل المتوسط والموظفين.

وأكد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المؤشرات التي كشف عنها البنك المركزي التونسي هي نتيجة مباشرة للارتفاع الكبير لمعدل نسبة الفائدة في السوق النقدية الذي زاد في الفترة المراوحة ما بين يناير/ كانون الثاني 2021 ويناير 2022 بنسة 28.6%.

جاء ذلك مدفوعا بالترفيع المتواصل الذي أجراه طيلة سنوات مجلس إدارة البنك المركزي في سعر الفائدة المديرية بحجة تقليص التضخم في إطار السياسة النقدية للبنك.

والشهر الحالي حددت وزارة المالية الحد الأدنى لمعدلات الفائدة الفعلية لقروض الاستهلاك 11.73%، بينما تبلغ نسبة الفائدة المشطة التي يسمح للبنوك بتطبيقها 14.07%.

المساهمون