أكد وزير التجارة والصناعة القطري، الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، أنّ القطاع المالي القطري تمكّن من تجاوز العديد من الأزمات الإقليمية والعالمية، موضحاً أنّ القطاع إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد، نظراً لجودته وحجم أصوله المحلية، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد القطري حقق نسبة نمو بنحو 4% خلال العام 2022.
وفي كلمة افتتح فيها مؤتمر الدوحة التاسع للمال الإسلامي، اليوم الثلاثاء، والذي يعقد تحت شعار "التمويل الإسلامي وتحديات الويب 3"، تطرّق وزير التجارة إلى تحقيق دولة قطر فائضاً فعلياً في الموازنة بلغ 89 مليار ريال (24.4 مليار دولار)، في عام 2022، وباحتلالها المركز الخامس كأكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم.
ولفت إلى أنّ قطاع التكنولوجيا المالية الإسلامية، "أحد أهم القطاعات التي حققت توسعاً هاماً في قطر خلال السنوات الماضية، حيث تصنف الدوحة ضمن أفضل عشر عواصم لهذا القطاع في دول منظمة التعاون الإسلامي".
ولفت إلى أنّ قيمة الاستثمارات التي وجهتها كبرى الاقتصادات العالمية لقطاع التكنولوجيا المالية تجاوزت 164 مليار دولار في 2022، وذلك في ضوء تنافس الشركات المتخصصة في هذا المجال على اعتماد أفضل البرامج الرقمية وأكثرها تطوراً.
وضرب وزير التجارة القطري مثالاً على ذلك بتكنولوجيا "ميتافيرس" و"التي من المتوقع أن تحدث ثورة هائلة بالنظر للحلول التي تقدمها، وتشمل تطبيقات الجيل الثالث من الويب، أو ما يعرف بالإنترنت اللامركزي وتقنيات سلاسل الكتل، والتي تعد إحدى أهم الأدوات المستخدمة في تكنولوجيا المحافظ المالية".
بدوره، قال رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر خالد السليطي إنّ توقيت المؤتمر "يتزامن مع مشهد متداخل يعاني من اختلالات اقتصادية واضطرابات جيوسياسية تحاول معها السلطات والمنظمات المركزية ضبط تداعياتها وفق تصورات وأفكار اقتصادية تقليدية تتطلب مزيداً من الابتكار والتحديث".
وأضاف أنّ "ثورة التكنولوجيا المالية وتطوراتها تنافس هذه الأنظمة الاقتصادية بين الفينة والأخرى، لتلفت نظرها نحو نظام بيئي جديد للاقتصاد يتم التسويق له كبديل لحل معضلات الاقتصاد التقليدي".
وناقش المشاركون في المؤتمر أربعة محاور رئيسية: التمويل الإسلامي في عالم "ميتافيرس"، والتكنولوجيا التنظيمية والإشرافية في التمويل الإسلامي، والتمويل العابر للحدود وتأثيره على التمويل الإسلامي، بالإضافة إلى الاستدامة في التمويل الرقمي.
ضوابط شرعية
وفي الجلسة الأولى، قدم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي محاضرة بعنوان "المعايير والضوابط الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية في تكنولوجيا الميتافيرس".
وأشار إلى "المخاطر الخاصة بالمؤسسات المالية الإسلامية من خلال استخدام تقنية الميتافيرس في أغراض إجرامية مالية، مثل التلاعب بالسوق، والاختراقات والهجمات الإلكترونية، وانتهاك خصوصيات المؤسسات المالية وغسيل الأموال، والتحويلات غير القانونية، والتجسس على هذه المؤسسات، وسرقة أسرارها، أو بعضها، أو على حسابات وأموال العملاء، حيث لا يستعبد الخبراء أن يؤدي ذلك إلى انهيار المراقبة، ونمو الشبكات الإجرامية".
ولعلاج أو تخفيف هذه المخاطر، اقترح القره داغي "تعاون الحكومات في وضع قوانين وإجراءات ولوائح تنظيمية وأخلاقية وتقنية لضبط هذه التقنية ضبطاً محكماً قدر الإمكان، وتخصيص المؤسسات المالية الإسلامية جزءاً من أرباحها لمراكز البحث المتخصصة للاستفادة من هذه التقنيات مع التقليل من مخاطرها وآثارها السلبية".
وحول مدى إمكانية استفادة المؤسسات المالية الإسلامية من "ميتافيرس"، يقول القره داغي، لـ"العربي الجديد"، إنه "يمكن للمؤسسات المالية الإسلامية استخدام تقنية الميتافيرس والاستفادة منها في مجالات الاستثمار في هذه التقنية، إذ من المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات إلى تريليون ونصف تريليون دولار".
ونشرت "بلومبيرغ إنتليجنس" في عام 2021 تقريراً يؤكد أنّ تكنولوجيا "ميتافيرس" لها آفاق اقتصادية هائلة، ويتوقع أن تصل إلى 800 مليار دولار بحلول منتصف هذا العقد، أي عام 2025، وإلى 2.5 تريليون بحلول عام 2030، فيمكن للمؤسسات المالية الإسلامية أن تستثمر فيها بضوابط شرعية وبعقود شرعية.
ويرى الأمين العام لاتحاء العلماء المسلمين أنه "يمكن للمؤسسات الإسلامية القيام بالإعلانات والتسويق عبر تقنية الميتافيرس بمساعدة المسوقين الافتراضيين، وذلك لتسويق المنتجات التمويلية والاستثمارية والصكوك والخدمات والمنتجات الاقتصادية، كما يمكن عقد صفقات البيع والإجارة ونحوهما من عقود المعاوضات المالية".
بدوره، يرى الخبير المصرفي قاسم محمد قاسم، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "العمل المالي والمصرفي الإسلامي وجد ليبقى، لكن عليه أن يكون شديد الحساسية، ويواصل إجراء التطوير دون كلل، واللحاق بالتطورات الفنية والمهنية والعلمية".
وتابع أنّ "على القائمين على الأعمال المالية الإسلامية أن يكونوا على مستوى التحديات"، مضيفاً: "آن الأوان لتقف المؤسسات المالية الإسلامية على قدم المساواة مع المؤسسات التقليدية العالمية والإقليمية والمحلية، حتى تحصل على حصتها من السوق".
ويتنوع القطاع المالي الإسلامي في قطر ضمن أربعة قطاعات رئيسة، تشمل المصارف الإسلامية، وشركات التأمين التكافلي، وشركات التمويل الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية، بالإضافة إلى منتجات التمويل الإسلامي المتمثلة بالصكوك وصناديق الاستثمار والمؤشرات الإسلامية.
وهذه المؤسسات العاملة في هذه القطاعات المالية تخضع للإشراف المباشر من قبل مصرف قطر المركزي، بالإضافة لوجود بعض المؤسسات المالية التي تمارس أنشطة التمويل الإسلامي تحت مظلة مركز قطر للمال.
وتحتل قطر المرتبة الخامسة في قائمة أكبر أسواق التمويل الإسلامي عالمياً، بأصول تتجاوز 172 مليار دولار، ونمو بلغ 20% في نهاية 2021.