استقرار أرباح الشركات في بريطانيا رغم اتهامها بـ"الجشع"

01 يونيو 2023
أسعار السلع الغذائية وصلت هذا العام إلى أعلى مستوى منذ 1977 (Getty)
+ الخط -

أظهرت بيانات رسمية استقرار أرباح الشركات في بريطانيا خلال الربع الأخير من العام الماضي، رغم اتهامها من قبل مؤسسات بحثية ومدافعين عن حقوق المستهلك بـ"الجشع"، والذي انعكس على أسعار الأغذية التي لا تزال تواصل ارتفاعها رغم انخفاضها عالمياً وتراجع أسعار الطاقة التي لطالما قال المنتجون إنها سبب رئيسي في صعود التضخم.

وحققت الشركات الخاصة غير المالية معدل عائد صافٍ بنسبة 9.8% في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر/ كانون الأول 2022، دون تغيير عن الربع الثالث، وهو أقل من المعدل السائد قبل ظهور وباء كورونا، وفق أرقام مكتب الإحصاء الوطني، التي نشرتها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أمس الأربعاء.

وتدعم هذه البيانات وجهة نظر بنك إنكلترا بأن الشركات ليست مسؤولة عن رفع معدل التضخم، بينما كانت الحكومة قد وصفت مستويات الأسعار بأنها نتاج "تضخم الجشع" في أعقاب جائحة فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا وما خلفته من قفزات أسعار الطاقة والسلع الأساسية.

وعلى الرغم من أن الحكومة اقترحت فرض حدود قصوى على أسعار المواد الغذائية، التي أصبحت الآن المحرك الأكبر للتضخم، قال أندرو بايلي، محافظ بنك إنكلترا، الأسبوع الماضي، إنه لا يوجد دليل على التربح بين موردي المواد الغذائية أو تجار التجزئة أو غيرهم من المجموعات غير المالية وغير النفطية.

وقال بايلي لأعضاء البرلمان إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل رئيسي بسبب ارتفاع تكاليف المواد الخام وأسعار الطاقة، وجزئياً لأن منتجي المواد الغذائية وافقوا على شراء السلع بالأسعار المرتفعة التي وصلت إليها خلال الصيف الماضي، وأضاف أنه على الرغم من زيادة أرباح الشركات، إلا أن الاتجاه لم يكن نتيجة التربح.

كما قال جوناثان هاسكل، العضو أيضاً في لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا، في خطاب ألقاه، الخميس الماضي، إن "مساهمة أرباح الشركات المتزايدة في التضخم الأخير قليلة".

ورغم دفاع مسؤولي البنك المركزي عن الشركات في ما يخص عدم تسببها بشكل رئيسي في بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة كثيراً عن أهدافه رغم انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين في الأشهر الأخيرة، أشارت صحيفة "ذا غارديان" في تقرير لها إلى أن أسعار السلع الغذائية في بريطانيا أدارت ظهرها للمستويات المتراجعة عالمياً.

وتساءلت "لماذا لا تزال أسعار المواد الغذائية في المملكة المتحدة في ارتفاع شديد ومتى سيتوقف ذلك؟"، لافتة إلى أن أسعار الغاز الآن هي أقل مما كانت عليه قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، كما انخفضت أسعار الغذاء العالمية أيضاً بشكل حاد، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، وأوضحت أنه في إبريل/ نيسان الماضي، انخفض مؤشر المنظمة الغذائي بنسبة 19.7% عن الفترة نفسها من العام الماضي، 2022.

ووفق الصحيفة، يعطي عدم التطابق هذا مصداقية لفكرة "تضخم الجشع"، لافتة إلى أن الشركات تستخدم التضخم كذريعة لزيادة هوامش الربح، وهو ما علقت عليه شارون غراهام، الأمينة العامة لنقابة "يونايت" العمالية، بقولها إن المملكة المتحدة "في قبضة أزمة تربح".

وقد دعا الحزب الديمقراطي الليبرالي أخيراً سلطات المنافسة إلى فتح تحقيقات. وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن نواب في لجنة البيئة والغذاء والشؤون الريفية بالبرلمان عن التحقيق في "الإنصاف في أسعار الغذاء".

في المقابل، يدافع أصحاب الشركات عن أنفسهم بأن التعاقدات على توريد السلع جرت خلال فترات صعود الأسعار عالمياَ، كما أن" بعض السلاسل منحت الموظفين زيادات متعددة في الأجور في العام الماضي، أي أن فاتورة أجور الصناعة آخذة في الارتفاع".

وقال جيمس والتون، كبير الاقتصاديين في معهد IGD، المعني بأبحاث السوق، إن "الكثير من الأمور التي كانت تدفع التضخم في بداية العام الماضي، مثل أسعار الطاقة، تنخفض فعلياً، الأمر الذي يؤدي إلى خفض التضخم بشكل عام، ومع ذلك لم يكن هذا هو الحال في أسواق المواد الغذائية".

وأضاف أن "السبب في ذلك أن كلفة أساسيات الطعام نفسها، مثل فول الصويا والقهوة والقمح والشعير، تظل مرتفعة.. يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتغيير كلفة الطعام في الجزء العلوي من سلسلة التوريد لتنتقل إلينا كمستهلكين.. المنتجون وتجار التجزئة يشترون ويبيعون باستخدام عقود طويلة الأجل، ما يعني أن السعر لا يتم تعديله إلا عند انتهائه وإعادة التفاوض بشأنه".

وتُسجل بريطانيا معدل تضخم هو الأعلى في غرب أوروبا على الرغم من انخفاضه إلى ما دون 10% على أساس سنوي في إبريل/ نيسان الماضي، مسجلا 8.7%، وفق بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة في الأسبوع الماضي، مقابل 10.1% في مارس/ آذار، و10.4% في فبراير/ شباط. وتظهر بيانات الأشهر الأخيرة تراجعاً متتالياً عن أعلى مستوى للتضخم في 41 عاماً الذي سجله في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عند 11.1%.

ورغم تباطؤ معدل التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المواد الغذائية لا يزال مرتفعاً كثيراً على أساس سنوي وينخفض ببطء شديد، إذ قدره مكتب الإحصاء الوطني بنسبة 19.1% في مارس/ آذار، حيث سجل أكبر زيادة منذ أغسطس/ آب 1977.

المساهمون