أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، قراراً بتعيين محافظ البنك المركزي طارق عامر مستشاراً له "تكريماً لجهوده خلال فترة توليه مسؤولية البنك"، وذلك إثر تقدم الأخير باعتذار عن الاستمرار في منصبه، وقبول رئيس الجمهورية استقالته.
وشهدت السندات الحكومية المصرية عمليات بيع في أسواق الدين الدولية اليوم الأربعاء بعد أن استقال المحافظ بشكل غير متوقع، وراوحت الانخفاضات بين 0.6 و1.7 سنت للدولار، وشهدت العديد من السندات طويلة الأجل في البلاد التحركات الكبرى.
وأدت المخاوف بشأن مستويات ديون مصر إلى انخفاض بعض سنداتها إلى أقل من نصف قيمتها الاسمية في يوليو/ تموز، على الرغم من أنها ارتفعت نوعا ما هذا الشهر مع تحسن الإقبال العالمي على الأصول ذات المخاطر العالية.
وقبل أربعة أيام فقط، أصدر نائب محافظ البنك المركزي جمال نجم بياناً مطولاً، ينفي فيه صحة ما تردد بشأن تقدم عامر باستقالته من منصبه، قائلاً في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، إن "محافظ البنك مستمر في منصبه حتى انتهاء مدته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".
وأضاف أن "مثل هذه الشائعات الملفقة تؤثر سلباً على البنك المركزي، والبنوك المصرية، وهي مدفوعة بأغراض ومصالح وأطماع من يقف وراء ترويجها، لا سيما مع الدور الكبير للبنك المركزي في حماية نحو 9 تريليونات جنيه تمثل ودائع المواطنين".
وتابع أن "عامر ساهم على مدار 19 عاماً في قيادة عملية الإصلاح في القطاع المصرفي، ما أدى إلى استعادة ملاءة البنوك المالية، وأداء هذه البنوك دوراً هاماً في عملية التنمية، فضلاً عن مساهمته في وضع قواعد الحوكمة الدولية من خلال إعادة هيكلة جميع البنوك، بما فيها البنك المركزي المصري".
وزاد نجم أن "البنك المركزي -تحت قيادة عامر- نجح في بناء احتياطي نقدي أجنبي قوي ساهم في زيادة الثقة في الاقتصاد المصري"، مستطرداً: "الحديث عن وجود إخفاق خلال الفترة الأخيرة هو غير واقعي، لأن فجوة النقد الأجنبي انخفضت من 3.9 مليارات دولار في شهر فبراير/ شباط الماضي إلى 400 مليون دولار في يوليو/ تموز 2022، بفضل قرارات البنك المركزي بشأن تنظيم عمليات الاستيراد"، على حد قوله.
وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري تراجع احتياطي النقد الأجنبي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، بنحو 7.8 مليارات دولار، ليصل إلى 33.14 مليار دولار في نهاية يوليو/ تموز، مقابل 40.93 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 19%.
ويأتي تراجع الاحتياطي النقدي في وقت تواجه مصر ضغوطاً مالية متزايدة مع ارتفاع أعباء الديون، والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وتراكمات جائحة فيروس كورونا.
وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وافق مجلس النواب المصري بأغلبية أعضائه، في جلسة طارئة، على قرار السيسي بتجديد الثقة في محافظ البنك المركزي لمدة أربع سنوات، تنتهي في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وعامر هو صاحب القرار الاقتصادي الأخطر في تاريخ مصر، وهو تحرير سوق الصرف في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، الذي أدى إلى فقدان العملة المحلية (الجنيه) أكثر من 50% من قيمتها، وارتفاع معدلات الفقر إلى نسب غير مسبوقة، تنفيذاً لسياسات متفق عليها سلفاً مع صندوق النقد الدولي، لحصول بلاده على قرض من الصندوق (آنذاك) بقيمة 12 مليار دولار.
يذكر أن عضو مجلس النواب السابق محمد فؤاد قد قدم مذكرة رسمية إلى هيئة الرقابة الإدارية، تطالب بفتح التحقيق في وقائع تورط وزيرة الاستثمار السابقة وزوجة عامر داليا خورشيد، في استغلال منصب زوجها في تسهيل أعمالها، والضغط على البنوك لعدم الحجز على الشركة المصرية للهيدروكربون.
وكشف فؤاد أن الشركة المملوكة لخورشيد تحت اسم "مسار" لها تعاملات كبيرة مع "المصرية للهيدروكربون"، وحصلت منها على عمولات مالية ضخمة، مقابل استغلال منصب زوجها في الضغط على رؤساء عدد من البنوك لمنعها من الحجز على الشركة، بسبب عجزها عن سداد ديون تقدر بنحو 450 مليون دولار.