استغلال فلاحي سورية... النظام يخفض سعر شراء القمح المحلي

18 ابريل 2020
موسم القمح لن يزيد عن مليوني طن(سامر الدومي/فرانس برس)
+ الخط -
يصف المزارع السوري فائز حسن تسعير نظام بشار الأسد و"الإدارة الذاتية" لسعر كيلو القمح بـ"المبكر والاستغلالي". يبرر توصيفه بأن السعر الجديد ورغم ارتفاعه بنحو 40 ليرة عن سعر الموسم السابق، إلا أنه لا يغطي تكاليف الزراعة، نتيجة غلاء مستلزمات الإنتاج بأكثر من 60% بين عامي 2019 و2020.

يؤكد حسن، وهو من ريف إدلب، أن ارتفاع أسعار الأسمدة تعدت 200% وأسعار المحروقات أكثر من 50% "في المقابل حدد نظام الأسد سعر كيلو القمح بـ200 ليرة و25 ليرة مكافأة، لتقتدي "الإدارة الذاتية" التي تسيطر على أهم مواقع سورية الإنتاجية في شمال شرق سورية، وتسعّر كيلو القمح بـ225 ليرة.

ويضيف المزارع السوري في حديث مع "العربي الجديد": "قبل الثورة، كان سعر كيلو القمح بنحو 25 ليرة حين كان سعر الدولار 48 ليرة أي أن سعر الكيلو كان تقريباً نصف دولار وكانت تكاليف الإنتاج زهيدة. اليوم سعر الدولار بالسوق نحو 1300 ليرة فيما تم تسعير القمح بـ225 ليرة، بما يوازي 17 سنتاً للكيلو، والتكاليف أصبحت باهظة جداً، ألا يعتبر ذلك استغلالاً؟".

خزان سورية الغذائي

وحددت ما تسمى "الإدارة الذاتية" لمدن شمالي وشرقي سورية "الرقة، الحسكة ودير الزور" سعر شراء محصول القمح للموسم الزراعي لعام 2020 بـ225 ليرة سورية للكيلو الواحد.

وقالت "الإدارة" على صفحتها على "فيسبوك"، إن التسعير جاء بعد اجتماع مشترك بين ممثلين من المجلس التنفيذي وهيئة الاقتصاد والزراعة والهيئة المالية واتحاد الفلاحين التابعين لها، بعد أن حددت آلية عمل المزارعين في ظل حظر التجول المفروض منذ نحو شهر.

وشرحت الإدارة الذاتية، خلال تعميم قبل أيام، أنها سهّلت حركة المزارعين والأيدي العاملة معهم أثناء فترة الحظر، للتنقل من مكان عملهم بالمزارع وإليها، على ألا يزيد عدد العمال بأي مركبة زراعية عن عشرة عمال، مشددة على ضرورة الالتزام بمبدأ التباعد أثناء نقل العمال.

ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين أن سعر كيلو القمح بمناطق سيطرة "التنظيمات الكردية" جاء مماثلاً للسعر الذي حدده نظام الأسد، وهو أقل من سعر العام الماضي إذا أخذنا تراجع سعر الصرف بالحسبان.

ويبيّن حسين ل"العربي الجديد" أن محافظات شمال شرق سورية، هي خزان سورية المائي والغذائي والنفطي، ولكن المزارعين فيها محكومون بسياسة الأمر الواقع، إذ لا يمكنهم البيع إلا للإدارة الذاتية المسيطرة، وإلا ربما يتم حرق مواسمهم كما حدث العام الماضي.

وحول توقعاته لغلة الموسم الحالي ومدى كفاية حاجات سورية، يضيف الاقتصادي السوري، أنه ربما من المبكر تقدير كمية الإنتاج، لكن الموسم المطري كان جيداً، وربما يزيد إنتاج القمح بعموم سورية عن مليوني طن، ولكن هذه الكمية أقل من استهلاك سورية الذي تقدر بنحو 2.5 مليون طن سنوياً.

مناطق سيطرة الأسد

وقدرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بحكومة الأسد المساحات المزروعة بالقمح لهذا العام بنحو 1.3 مليون هكتار، منها 582 ألف هكتار مروي و771 ألف هكتار بعلي.. في حين بلغت المساحات المزروعة بمحصول الشعير 1.5 مليون هكتار منها 60 ألف هكتار مروي، وما تبقى بعلي، وفقاً لمدير الإنتاج الزراعي بالوزارة عبد المعين قضماني.

ويرى قضماني خلال تصريحات لوكالة "سانا" الحكومية، أن السعر الجديد للقمح الذي حدده مجلس الوزراء أخيراً بنحو 225 ليرة للكيلو الواحد جيد وتشجيعي، ومبني على دراسة التكاليف التي قامت بها لجنة دراسة التكاليف مؤخراً، حيث يعطي هذا السعر هامش ربح بنحو 45% نسبة إلى كلفة الإنتاج. ويلفت إلى أن الدراسة حددت تكلفة سعر الكيلو بـ 155 ليرة، والسعر المحدد يشجع الفلاحين على تسليم محصولهم لمراكز مؤسسة الحبوب ويحقق عائداً اقتصادياً مقبولاً لهم.

إلا أن الاقتصادي محمود حسين يؤكد أن سعر كيلوغرام القمح أقل من كلفة إنتاجه. ويضيف حسين من المفترض أن يتم تسعير القمح وفق تبدلات سعر صرف الليرة وتكاليف الإنتاج، ففي عام 2018 سعّر نظام الأسد كيلو القمح ب175 ليرة ورفعه العام الماضي إلى 185 ليرة ليصل هذا العام إلى 225 ليرة، ولكن السؤال، ما هي نسبة تراجع سعر الليرة قياساً إلى الدولار.

ويتابع المتحدث، لم يزد سعر الدولار خلال استلام موسم القمح العام الماضي (شهر أيلول/ سبتمبر) عن 700 ليرة، في حين أن الدولار اليوم على عتبة 1300 ليرة والتوقعات مفتوحة لمزيد من تهاوي الليرة، بواقع ما يعانيه النظام بعد شلل الاقتصاد وتفشي فيروس كورونا. وبالتالي في عملية حسابية بسيطة يتبين أنه تم خفض سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين بنسبة 35% بين العامين الماضي والحالي.

وفيما يتعلق بكميات القمح التي يمكن لنظام الأسد أن يشتريها من الفلاحين، يضيف الاقتصادي السوري، أتوقع ألا تزيد عن 400 ألف طن، لأن مناطق الإنتاج الرئيسية، في شمال شرق وشمال غرب سورية، خارجة عن سيطرته، ولكن يمكن أن يشتري كميات من مناطق "سيطرة الأكراد" كما كل عام، ليصل الإنتاج بحوزته إلى نحو 800 ألف طن بالحد الأقصى.

قمح المعارضة

من جهته، يقول مدير مؤسسة الحبوب في الحكومة المؤقتة المعارضة، حسان محمد لـ"العربي الجديد" إنه من المبكر تحديد سعر كيلو القمح لهذا الموسم، لأن تكاليف الإنتاج يصعب تقديرها مسبقاً لأسباب متعددة، واصفاً التسعير في مناطق سيطرة الأسد والتنظيمات الكردية ب"التسابق لاستغلال الفلاحين واحتكار السوق"، مؤكداً أنه لا يوجد قطاع خاص يمكن أن ينافس بالأسعار، وخاصة مع التسليم الإلزامي للمحاصيل في مناطق "الإدارة الذاتية".

وحول توقعاته لسعر كيلو القمح في مناطق المعارضة لهذا العام، يضيف محمد: "نحن نسعر بالدولار، ففي الموسم السابق كان سعر طن القمح 275 دولاراً، وذلك بعد دراسة التكاليف وإضافة 30% هامش ربح للمزارعين، ومن المتوقع أن يتأرجح سعر الطن هذا العام، بين 225 و240 دولاراً للطن الواحد، إضافة إلى منح المزارع 10 أكياس خيش مجانية عن كل طن يسلمه.

ويكشف مدير مؤسسة الحبوب المعارضة أن التسعير يتم بعد اجتماع بين "المجالس المحلية، مجالس المحافظات، ووزارة الزراعة بالحكومة المؤقتة ومؤسسة الحبوب"، وتصدر بعد ذاك وزارة المالية بالحكومة المعارضة السعر، ولكن "لم نزل نعاني قلة السيولة ما يعني عدم القدرة على استلام كامل المحصول".


ويختم محمد ل"العربي الجديد" أنه من المتوقع أن يزيد موسم القمح عن مليوني طن هذا العام في كل مناطق سورية، رغم أن مساحات كبيرة لم تتم زراعتها نتيجة ظروف الحرب.
المساهمون