استمع إلى الملخص
- **استعادة الأنظمة المصرفية وتسييل الرواتب**: أعلن مصرف ليبيا المركزي استعادة العمل بالأنظمة المصرفية بعد تعطيلها، وأكد تسييل رواتب أغسطس/آب لجميع الجهات العامة.
- **الأزمة النفطية والخسائر الاقتصادية**: تكبد قطاع النفط الليبي خسائر تجاوزت 120 مليون دولار نتيجة الإغلاق المفاجئ لعدة حقول، مما أدى إلى تراجع الإنتاج اليومي بشكل حاد.
أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير أنه وموظفين كباراً آخرين في البنك اضطروا إلى مغادرة البلاد لحماية أرواحهم من هجمات محتملة من قبل فصيل مسلح، وفقاً لما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز التي نقلت عنه اليوم الجمعة، قوله لها عبر الهاتف إن "المسلحين يهددون ويرهبون موظفي البنك ويختطفون أحياناً أطفالهم وأقاربهم لإجبارهم على الذهاب إلى العمل".
وأوضح أيضاً، وفقاً لتصريحات نقلتها رويترز، أن محاولات رئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد الدبيبة لاستبداله غير قانونية وتتعارض مع الاتفاقات التي تفاوضت عليها الأمم المتحدة بشأن السيطرة على البنك المركزي، في حين تهدد أزمة السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بمستوى جديد من عدم الاستقرار في البلاد، وهي منتج رئيسي للنفط ومنقسمة بين فصائل في الشرق والغرب تستمد الدعم من تركيا وروسيا.
يأتي ذلك بعدما دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في وقت سابق من الأسبوع إلى تعليق القرارات أحادية الجانب وإلغاء حالة القوة القاهرة بحقول النفط ووقف التصعيد واستخدام القوة، فضلاً عن حماية موظفي المصرف المركزي.
هذا وأعلن مصرف ليبيا المركزي في ساعة متأخرة أمس الخميس، استعادة العمل بكل الأنظمة المصرفية، بما في ذلك النظام المصرفي الرئيسي "أوراكل"، بعد توقف دام نتيجة لحجب الأنظمة وتعطيلها من قِبَل الإدارة السابقة. وقالت إدارة المصرف عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، الموثقة بالعلامة الزرقاء، إن الشبكة الرئيسية للمصرف عادت إلى العمل بشكل طبيعي، مما أتاح للإدارات المعنية استئناف أنشطتها المصرفية وإدارة الاحتياطيات المالية. كما استعادت الإدارة نظم الدفع المحلية والدولية مثل "Swift" و"RTGC" و"ACH" و"ECC"، بالإضافة إلى نظام أذونات الصرف المحلي.
وأكدت إدارة المصرف اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين الأنظمة المصرفية وحمايتها، وعبّرت عن تقديرها لجهود الموظفين والعاملين في كل مؤسسات الدولة في سبيل عودة العمل إلى طبيعته.
في سياق متصل، خاطب مصرف ليبيا المركزي المصارف التجارية بتسييل رواتب أغسطس/آب لجميع الجهات العامة والوزارات والقطاعات والمؤسسات الممولة من الخزانة العامة. وأوضح المصرف، في منشور عبر صفحته على "فيسبوك"، أنه خاطب المصارف التجارية لتسلُّم حوافظ الرواتب لشهر أغسطس 2024 وتسييلها إلى المستفيدين، على أن يتم الخصم من حسابات تلك الجهات بضمانة حسابات وزارة المالية بالمصرف المركزي.
وفي مؤتمر صحافي عقده عبد الفتاح عبد الغفار، نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي المكلف من المجلس الرئاسي، طمأن المواطنين والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية بشأن استقرار عمل المصرف، وذلك في ظل الجدل المصاحب لتغيير المحافظ وتكليف مجلس إدارة جديد. وأضاف عبد الغفار: "نطمئن المواطنين الليبيين أن الإشكال سيحل خلال اليومين المقبلين"، منتقداً تصرف الإدارة السابقة للمصرف وعدم تسليم مهامها بسلاسة للإدارة الجديدة.
وشدد عبد الغفار على ضرورة "أن يجرى الدمج الفعلي لمصرف ليبيا المركزي وفتح المقاصة، لأنه لا يمكن وضع حلول تلفيقية، ولا يوجد حل آخر غير فتح المقاصة"، في إشارة إلى حالة الانقسام التي شهدها المصرف بين إدارتي طرابلس وبنغازي خلال السنوات الماضية. وأسف عبد الغفار لحدوث خلاف مع الإدارة السابقة التي أقفلت المنظومات وعطلت رواتب المواطنين، وقال: "نحن اتخذنا إجراءات لتصحيح الأوضاع، وخلال اليومين المقبلين سيكون كل شيء تحت تصرفنا وتحت السيطرة". ووجه عبد الغفار كلمة إلى المحافظ المقال الصديق الكبير قائلاً: "سلم الأرقام السرية لكي نصرف رواتب الليبيين فقط، ولكي نحمي أصولنا واستثماراتنا في الخارج، وغير ذلك افعل ما شئت"، مؤكداً أن مجلس الإدارة الجديد للمصرف المركزي "أصبح الآن حقيقة واقعة".
في هذا السياق، دعا مجلس الأمن الدولي جميع القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية إلى "تهدئة التوترات، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو أي تدابير اقتصادية تهدف إلى ممارسة الضغط"، والتوصل إلى "حل توافقي" للأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي.
وحث أعضاء المجلس في بيان، الجهات الفاعلة والمؤسسات الليبية على "الامتناع بشكل عاجل عن أي إجراءات أحادية الجانب"، محذرين من أن هذه الإجراءات قد "تزيد التوترات وتقوض الثقة وتعزز الانقسامات المؤسسية والخلافات بين الليبيين".
وترعى بعثة الأمم المتحدة مفاوضات متعثرة منذ سنوات، لإيصال البلاد إلى انتخابات تحل أزمة نشأت قبل ثلاثة أعوام، وتمثلت في صراع بين حكومتين على السلطة. الحكومتان هما: حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد، والحكومة الثانية برئاسة أسامة حماد، كلفها مجلس النواب ومقرها بنغازي، وتدير كامل شرق البلاد ومدن الجنوب.
ويأمل الليبيون في حل الأزمة السياسية عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها، والتي تحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.
الإغلاق يسبّب خسائر فادحة لقطاع النفط الليبي
إلى ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، الخميس، أن قطاع النفط الليبي خسر خسائر فادحة خلال الأيام الثلاثة الماضية نتيجة الإغلاق المفاجئ لعدة حقول ومرافق نفطية رئيسية. وتشير البيانات الصادرة عن المؤسسة إلى أن متوسط الإنتاج اليومي للشركات الكبرى قد تراجع بحدّة، مما أدى إلى خسائر مالية تجاوزت 120 مليون دولار لدى بعض الحقول النفطية.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في بيان أوردته رويترز اليوم الجمعة، إن إغلاق حقول نفطية في الآونة الأخيرة تسبب في فقد 63% تقريباً من الإنتاج الكلي للنفط في البلاد.
وأظهرت التقارير أن متوسط الإنتاج اليومي لشركات النفط الكبرى مثل "الواحة" و"سرت" و"أكاكوس" شهد انخفاضاً كبيراً بعد إعلان الإغلاق. ففي حين كانت هذه الشركات تنتج قرابة 958979 برميلاً يومياً في 26 أغسطس، انخفض الإنتاج إلى 783422 برميلاً في 27 أغسطس، ثم تراجع أكثر إلى 591024 برميلاً في 28 أغسطس. ونتيجة لهذا الانخفاض المتسارع، فقدت ليبيا خلال هذه الفترة حوالي 1504733 برميلاً.
وتعتمد المؤسسة الوطنية للنفط في تقديراتها للخسائر المالية على متوسط سعر البرميل العالمي والذي قُدر بـ80 دولاراً. ووفقاً لهذه الحسابات، تعرَّض الاقتصاد الليبي لخسائر مالية تقدر بحوالي 120378640 دولاراً خلال الأيام الثلاثة للإغلاق، وهو مبلغ يعكس التأثير السلبي الكبير لهذا التوقف على الدخل الوطني.
وتشير البيانات إلى أن شركة "الواحة" كانت من بين الشركات الأكثر تضرراً، إذ انخفض إنتاجها اليومي من 265 ألف برميل إلى مستويات أقل بكثير بعد الإغلاق. كما تأثرت شركات أخرى مثل "أكاكوس" و"سرت" كثيراً، فشهدت هذه الشركات انخفاضات ملحوظة في إنتاجها اليومي، مما زاد من حجم الخسائر.
وتأتي هذه الخسائر في وقت حرج للاقتصاد الليبي الذي يعتمد كثيراً على إيرادات النفط. وتثير هذه التطورات مخاوف من تأثيرات طويلة المدى على الاقتصاد الوطني إذا استمر الإغلاق لفترة أطول. وقد تؤدي هذه الخسائر إلى تقليل القدرة على تمويل المشاريع الوطنية والاستثمارات الأساسية التي يحتاج إليها الاقتصاد الليبي لتعزيز الاستقرار والتنمية.