تشهد معظم مناطق سورية خلال الأيام الأخيرة منخفضا جويا مصحوبا مع أمطار وموجة من الهواء البارد زادت من معاناة المواطنين في ظل عودة أزمة المحروقات ومشتقات النفط مرة أخرى وخاصة بعد قرار من النظام بتخفيض مخصصات المازوت لكل المحافظات الخاضعة لسيطرته.
ويكفي المرور على بعد مئات الأمتار من محطات الوقود لملاحظة الطوابير الطويلة للسيارات والمارة في انتظار الحصول على كمية من المازوت أو البنزين أو الغاز.
ويمر المواطن في مناطق سيطرة النظام بأزمات يومية يأتي على رأسها الحصول على المحروقات في فصل الشتاء. وتلك المحروقات نقصها يؤدي إلى أزمات عديدة على رأسها نقص الخبز الذي يُستخدم المازوت بشكل رئيسي في إنتاجه، كما يؤدي شحّه إلى معاناة المواطن من البرد والجوع معا. وفي المقابل تزدهر السوق السوداء التي تعتمد على البيع بشكل سري وخارج مراكز التوزيع الرئيسية والتي تكون مرتبطة بضباط وعناصر من قوات النظام.
على إحدى محطات الوقود في مدينة حماة وسط البلاد يقف المواطن وليد الحموي، الذي طال انتظاره قرابة عشرين ساعة ليحصل على عشرين لترا من المازوت "الديزل"، وهي كمية حصل عليها بعد مراوغة. وكان من الممكن ألا يحصل على نصفها، إلا أنه أعطى العامل في المحطة مزيدا من المال كرشوة لتعبئة هذه الكمية في السيارة التي هي مصدر رزقه اليومي.
يقول الحموي إنه مجبر على التصرف هكذا لأنه لو لم يفعل لكان عليه الذهاب لشراء الوقود من السوق السوداء والتي وصل فيها سعر الليتر الواحد إلى 1100 ليرة (الدولار = نحو 2900 ليرة) للمازوت في حين أن سعره في محطات الوقود 180 ليرة فقط.
ومع انعدام فرصة الحصول على المازوت من محطات الوقود وعدم توزيع النظام مخصصات المازوت على كثير من العائلات في حماة وريفها يلجأ المواطنون إلى الشراء من السوق السوداء ودفع مبالغ مالية كبيرة مقابل كميات صغيرة، وذلك يدر الأموال على مليشيات النظام.
ويقول مواطن آخر يفضل عدم ذكر اسمه أن السوق السوداء تزدهر وتمتلئ معها جيوب المتنفذين في النظام لأن المواطن العادي الذي يجرؤ على البيع سيكون مصيره الاعتقال، مضيفا أن سعر ليتر البنزين في السوق السوداء يصل أحيانا إلى 1800 ليرة أي خمسة أضعاف السعر في محطات الوقود.
وتسبب أزمة المحروقات أزمة كبيرة على مستوى خدمة النقل الداخلي في حماة وبقية المدن، سواء الخدمة العامة منها أو الخاصة، حيث إن فقدان مادتي البنزين والمازوت يعني توقف وسائل النقل عن العمل، وشراء المادة من السوق السوداء يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل كثيرا.
ويواصل النظام السوري تذرعه بالعقوبات الأميركية والأعطال في مصافي الوقود فضلا عن الهجمات في البادية على قواته ويضعها سببا لأزمة المحروقات المستمرة في مناطقه منذ سنوات. ويأتي نقص الوقود في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وسط انهيار العملة وتضخم هائل ومصاعب متفاقمة على السوريين المتضررين من سنوات الحرب.
ونقلت وسائل إعلام تابعة للنظام عن رئيس الوزراء، حسين عرنوس، مؤخراً، قوله إنّ الوضع زاد سوءاً بعد اعتراض سبع ناقلات نفط "بهجمات إرهابية" في عرض البحر وهي في طريقها إلى سورية، وتأخير اثنتين منها أكثر من شهر في البحر الأحمر. وقال عرنوس إنّ بلاده تنتج الآن 20 ألف برميل يومياً فقط مع خسارة نحو 400 ألف برميل يومياً من حقول النفط في شمال شرق البلاد الخاضع حالياً لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية. وأكد رئيس الوزراء إنّ سورية أصبحت تعتمد على واردات النفط واستخدمت قدراً كبيراً من العملة الصعبة لشراء المنتجات البترولية.