جاءت أزمة أسعار الوقود في السوق اليمنية، لتضيف مزيداً من الأعباء على المواطنين، وتتسبب في زيادات متتالية في أسعار عدد من السلع التي يدخل الوقود في إنتاجها.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت أسعار مادة البنزين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بشكل غير مسبوق، ومعها باتت معيشة المواطنين صعبة.
ووصل سعر صفيحة البنزين سعة 20 لتراً إلى 22 ألف ريال ما يعادل 18 دولاراً، وقبل أن يعلن مسؤول في الحكومة الشرعية بعدن خفض سعر الصفيحة بنحو 15% إلى 18600 ريال، ولكنها ما زالت أعلى بكثير من سعرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول رئيس تحرير موقع "24 بوست" اليمني علي محسن الحسني: "لم يعد بمقدورنا العيش وسط هذا الكم الهائل من الأزمات، فكلما حاولنا التكيف مكرهين مع أزمة معينة حتى تليها أخرى".
وأضاف محسن أنّ "ارتفاع أسعار الوقود بهذا الشكل الكبير وبنسبة فاقت 100% خلال الأشهر القليلة الماضية، وانعكاسه على أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، ضاعف سوء الحياة المعيشية لملايين اليمنين".
وتابع: "عادة ما يقترن سعر الوقود بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، فكلما ارتفع سعر البنزين، ارتفعت أسعار السلع بشكل مباشر وارتفعت معها أجور المواصلات، ما ضاعف معاناة الناس".
وأوضح أنّ "أسباب التدهور الكارثي في الجانب الاقتصادي، تعود إلى الممارسات الخاطئة وفشل التعاطي مع الملف الاقتصادي في العديد من النواحي، كتبديد الموارد وعدم ترشيد النفقات وتجميد عمل المؤسسات والوحدات الاقتصادية".
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وصل سعر الدولار الأميركي إلى 1700 ريال يمني، نزولاً من 215 ريالاً للدولار مطلع 2015.
وفي اليوم التالي، تحسّن سعر الصرف مع إعلان تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي، حيث أكدت مصادر مصرفية، أنّ "الدولار يصرف بمتوسط 1280 ريالاً".
أسعار عالمية
الخبير الاقتصادي يوسف سعيد أحمد، أرجع ارتفاع أسعار الوقود خصوصاً في المحافظات المحررة، إلى "التأثر بارتفاع الأسعار العالمية للنفط، على اعتبار أنّ اليمن يضطر إلى استيراد النفط ومشتقاته من الخارج".
وبيّن أحمد، أنّ "ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة المحلية، ساهم في الارتفاع غير المسبوق لأسعار الوقود، فضلًا عن غياب المنافسة في عملية استيراد النفط وغياب الرقابة على الأسعار".
وأردف: "هذا الارتفاع كانت له انعكاساته السلبية على بيع البضائع والسلع والأسماك والخضار والفواكه، وغير ذلك، ومعها باتت القدرة الشرائية عند غالبية السكان معدومة".
واعتبر أحمد، أنّ "معالجة هذه المعضلة تتطلب تدخلاً حكومياً عاجلاً يتمثل في قيام (البنك المركزي اليمني)، بدعم استيراد النفط من خلال توفير الدولار بسعر تفضيلي، بعيداً عن أسعار السوق".
ودعا إلى ضمان المنافسة في عملية استيراد النفط ومنع احتكاره، وتفعيل دور الأجهزة الحكومية في الرقابة على الأسعار، ومن ثم توفير الظروف البيئية والأمنية الملائمة لعودة شركات النفط وضمان عملية تصديره.
وتمثل عائدات النفط 30% من الناتج المحلي الإجمالي، و70% من موارد الموازنة العامة للدولة، وكانت تشكّل أيضاً 90% من قيمة الصادرات التي توقفت بسبب الحرب.
أما الطالبة في قسم الإعلام بجامعة عدن بشرى حاجب، فقد قالت إنّ "المصائب لا تأتي فرادى، حيث إنّ تأثير ارتفاع البنزين لم يقتصر على غلاء المعيشة والزيادة الجنونية في الأسعار، بل إنه تسبب لنا نحن الطلاب بمعاناة كبيرة".
وأضافت أنّ "الارتفاع الكبير في أسعار البنزين، ضاعف معاناتنا، لدرجة أصبحنا فيها غير قادرين على الالتزام والذهاب إلى الكليات، نتيجة الارتفاع الكبير في أجور المواصلات".
وتابعت: "أمر مؤسف ومؤلم أن يتوقف مئات الطلبة والطالبات عن مواصلة دراستهم، وضياع سنوات دراستهم، بسبب عدم قدرة مئات الأسر على توفير قيمة المواصلات، فضلاً عن التزامات الجامعة الأخرى".
ويعاني اليمن، منذ نحو 7 سنوات، حرباً بين القوات الموالية للحكومة وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وهذه الحرب أودت بحياة أكثر من 233 ألفاً، وبات 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم قرابة 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، بحسب الأمم المتحدة.
(الأناضول)