يتزايد القلق من تفاقم حجم الديون المتراكمة على الأردن، وسط دعوات للحد من الاقتراض ومعالجة مكامن الخلل في الاقتصاد للتخفيف من التأثيرات على المالية العامة.
وحذر رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب محمد السعودي في حديث مع "العربي الجديد" من استمرار ارتفاع مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي وتجاوزها حجم الناتج المحلي الإجمالي بكثير، ومخالفة أحكام قانون الدين العام الذي اشترط ألا يزيد الدين الحكومي على ما نسبته 60 في المائة من الناتج الإجمالي.
ووفقا لأحدث بيانات للبنك المركزي الأردني فقد ارتفع رصيد الدين العام للأردن بشقية الداخلي والخارجي في نهاية تشرين ثاني/ نوفمبر من العام الماضي بمقدار 2.32 مليار دينار ليصل الى 35.35 مليار دينار مشكلاً ما نسبته 110.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 33.03 مليار دينار في نهاية العام 2020، وبما نسبته 106.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الفترة.
وقال النائب السعودي إن مديونية البلاد بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة تستدعي التوقف عندها وبذل أقصى الجهود للحد منها، مشيراً إلى أن السلوك الحكومي حالياً يشير إلى التوجه نحو مزيد من الاقتراض هذا العام بحجة إطفاء بعض الديون وتسديد الأقساط والفوائد المترتبة عليها.
وأضاف أن الحكومة ووفق برنامجها المالي تتجه لاقتراض 6 مليارات دينار، ما يؤدي الى ارتفاع كبير في حجم المديونية العامة الداخلية والخارجية، ويعرض الوضع الاقتصادي للمزيد من المخاطر. (الدينار يساوي 1.41 دولار).
وقال إن على الحكومة التوقف عن سياسة الاقتراض سواء محلياً أو خارجياً، والعمل على إيجاد حلول ناجعة ومن ذلك تخفيض حجم الإنفاق الحكومي. ولفت إلى إمكانية تحقيق وفر بحوالي 700 مليون دينار عبر تقليص النفقات خاصة فيما يتعلق بالكلف التشغيلية ومتطلبات الإنفاق على المباني الحكومية والخدمات اللازمة لها.
وأَضاف النائب السعودي أن الحكومة ورغم أنها تسعى للاقتراض لسداد ديون وفوائد مستحقة، إلا أن ارتفاع حجم الدين العام يبعث على القلق ويتطلب تحسين الوضع الاقتصادي الذي يعاني من تحديات كثيرة، لافتاً إلى المشكلات التي لحقت بالأردن نتيجة للظروف الإقليمية الدولية وجائحة كورونا وتداعياتها.
وبحسب البنك المركزي فقد ارتفعت خدمة الدين العام الخارجي خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي بمقدار 27.2 مليون دينار بالمقارنة مع ذات الفترة من العام 2021 لتبلغ 1.75 مليار دينار، منها أقساط بقيمة 1.33 مليار دينار وفوائد بقيمة 412.5 مليون دينار .
وارتفع الرصيد القائم للدين الخارجي بمقدار 811.8 مليون دينار ليبلغ 14.91 مليار دينار و46.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي . وذلك بعد استثناء ديون صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي. كما ارتفع الرصيد القائم للدين الداخلي بمقدار 1.5 مليار دينار ليصل الى 20.44 مليار دينار مشكلاً ما نسبته 63.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي شاملا ديون الضمان الاجتماعي.
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن الدين العام تجاوز منذ سنوات الناتج المحلي الإجمالي وكذلك النسبة المحددة في قانون إدارة الدين العام، وذلك بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم تغطية الإيرادات العامة للنفقات التي ارتفعت نظراً لزيادة متطلبات الإنفاق على مجالات أساسية، حيث إن النفقات الجارية تشكل غالبية بنود الإنفاق.
وأضاف أن ما تقوم به الحكومة هو استبدال دين بدين آخر من خلال عملية الاقتراض إضافة الى توفير التمويل اللازم لبعض بنود الموازنة العامة الأساسية، مؤكدأ أن ما يترتب على ذلك هو ارتفاع في حجم الدين العام.
وأِشار الى الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الأردن والناتجة عن انعكاسات الظروف الإقليمية وارتفاع أسعار النفط الخام والمواد الأولية وتداعيات جائحة كورونا وأزمة اللاجئين السوريين.
ونفذت الحكومة العديد من البرامج لاحتواء تبعات أزمة كورونا والظروف الاقليمية بهدف مساعدة القطاعات الاقتصادية على مواجهة تلك التحديات وتمكينها من الاستمرار في عملها والتصدي للارتفاع الذي طرأ على الفقر والبطالة خلال السنوات الخمس الماضية.
وتتوقع الموازنة العامة للعام 2022 أن تبلغ نسبة النمو بنهاية العام الحالي 2.7 في المائة، والتضخم 2.5 في المائة، كما يتوقع أن يبلغ إجمالي الدين العام 38.8 مليار دينار (54.7 مليار دولار)، أو ما نسبته 114.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وينخفض إلى 30.8 مليار دينار (43.4 مليار دولار) أو 91 في المائة من الناتج عند استثناء دين المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وتوقع البنك الدولي، في تقرير عن أحدث المستجدات الاقتصادية نشره الخميس، ارتفاع التضخم في الأردن إلى ما نسبته 3.3 في المائة للعام الحالي، مقارنة بـ 1.3 في المائة للعام الماضي. ووفق التقرير، لا تزال البطالة مرتفعة بشكل مستمر، ولا سيما بين الشباب، في حين أن مشاركة القوى العاملة من بين أدنى المستويات على المستوى الإقليمي.