ارتفاع تكلفة قروض الإسكان في تركيا يهدد بتراجع القطاع بنسبة 30%

15 سبتمبر 2023
ارتفاع الفائدة في تركيا يلقي بظلاله على جميع قطاعات الاقتصاد (Getty)
+ الخط -

انعكست خطوات البنك المركزي التركي للتشديد النقدي خلال الأسابيع الماضية على القروض العقارية بشكل ملحوظ، إذ تجاوزت أسعار الفائدة متوسطها المرجح السنوي بنسبة 34%، بعد زيادة قدرها 10.1 نقاط مئوية، وصلت بها إلى أعلى معدل لها في السنوات الخمس الماضية.

ومنذ 23 يونيو/ حزيران الماضي، بدأت معدلات الفائدة على القروض السكنية في الارتفاع من 23.98%، حتى وصلت إلى 34.09%، متجاوزةً مستويات عام 2018، ما أثار حفيظة العاملين في القطاع، وسط مخاوف من تداعيات التغيرات في السوق المصرفية على قطاع العقارات.

ويقول متعاملون في القطاع السكني إن المستهلكين يجدون صعوبة في الوصول إلى الائتمان، مشيرين إلى أن هناك زيادة في عدد الراغبين بالحصول على قرض، ولكن لا يمكنهم ذلك. 

وانعكست التغيرات الأخيرة على حجم المبيعات، إذ أصبح الوصول إلى الائتمان عسيراً على شركات البناء والمستهلكين في القطاع، ما أدى إلى انخفاض مبيعات الرهن العقاري بشكل كبير.

وقال نائب رئيس جمعية الاستشاريين العقاريين الرياديين (TÜGEM) مصطفى حقان أوزيلماشيكلي، لصحيفة "TGRT" التركية، إن هناك انخفاضاً كبيراً في مبيعات الرهن العقاري، ما يعني استمرار تراجع قطاع الإسكان.

ويعاني قطاع العقارات التركي من تباطؤ ملحوظ، إذ انخفضت أعداد الوحدات السكنية المباعة في البلاد خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري بـ22.1% على أساس سنوي، بواقع 565 ألفاً و779 وحدة مباعة، مقابل 726 ألفاً و398 وحدة مباعة في الفترة نفسها من العام الماضي.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة Bahaş القابضة، عبد الصامت بهادير، إن البنوك أصبحت انتقائية للغاية عند تقديم القروض، مشيراً إلى أن بعض عملائها لا يمكنهم الحصول على قروض تزيد عن 300 ألف و500 ألف ليرة (11.1-18.5 ألف دولار).

وأشار بهادير، خلال حديثة لصحيفة "Dünya"، إلى أن معدلات الفائدة مرتفعة أيضاً "فمع معدلات الفائدة اليوم نجد أن الأقساط الشهرية تتراوح بين 60 و70 ألف ليرة".

ولم تقتصر تلك السلوكيات المصرفية على المشروعات السكنية التابعة للشركات الخاصة، بل شملت مشروع Yeni Evim الحكومي، الذي أطلقته وزارة المالية مطلع العام الجاري، بهدف زيادة أعداد مالكي الوحدات السكنية من الأتراك متوسطي الدخل.

وتتلخص آلية عمل مشروع Yeni Evim في تقديم البنوك الحكومية قروضاً للراغبين من الطبقة المتوسطة في تملك وحدة سكنية ما، بشروط ميسرة، حيث يجري سدادها على أقساط شهرية لمدة خمسة عشر عاماً، بفائدة تتراوح بين 0.69% إلى 0.99%. وتساهم وزارة المالية في سداد بعض أقساط الديون في السنوات الثلاثة الأولى من تاريخ القرض.

ويشترط هذا المشروع التمويلي الحكومي أن تكون الوحدة السكنية المشتراة ليست لإعادة بيع، وإنما يكون المقترض هو المالك الأول لها، وأن تتناسب قدرته الائتمانية مع قيمة الوحدة المشتراة، وأن لا يمتلك عقاراً آخر،  وأن لا تتجاوز قيمة القرض في جميع الولايات 3 ملايين ليرة، عدا إسطنبول يصل القرض فيها إلى 5 ملايين ليرة.

وقال يوسف داوود أغلو، أحد العاملين في مبيعات العقارات بشركة Emlak Konut بأحد فروع الشركة في إسطنبول، إن البنوك الحكومية العاملة على مشروع Yeni Evim عزفت عن إقراض الراغبين في شراء عقار من خلال المشروع الحكومي، عقب انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية مباشرة.

وأشار داوود أغلو، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن البنوك الحكومية وضعت عقبات عديدة أمام المقترضين، فضلاً عن تقليص قيمة القرض إلى مستوى لا يتجاوز مليوني ليرة، في وقت يتسارع فيه ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني، موضحاً أنه "عقب قرار البنك المركزي الأخير بخصوص الزيادة الثانية لمعدل الفائدة، ارتفعت أسعار الشقق بجميع فئاتها بمتوسط مليون ليرة". 

وفي مطلع يونيو/ حزيران الماضي بدأ البنك المركزي التركي الابتعاد عن سياساته التيسيرية التي استمرت لعامين، لينتقل إلى سياسات نقدية أكثر تشدداً، من خلال رفع معدل الفائدة ثلاث مرات متتالية، ليصل إلى 25% بدلاً من 8.5%، وسط توقعات بمزيد من التشديد خلال الفترة القادمة.

ورغم تراجع عمليات الشراء العقارية، وعزوف البنوك الحكومية عن تمويل القروض الإسكانية، وزيادة البنوك التجارية أسعار الفائدة على القروض العقارية، ما زالت عمليات البناء من قبل شركات المقاولات مستمرة بالوتيرة نفسها.

وأرجع أسامة الشريف، صاحب إحدى شركات المقاولات في إسطنبول، لـ"العربي الجديد"، استمرار شركات المقاولات في عمليات البناء، رغم التباطؤ الحاصل في عمليات الشراء، وتخوفات المقاولين من التضخم في أسعار مواد البناء، وسط توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار، في ظل ارتباط هؤلاء المقترضين بمشروعات حصلوا على الأموال اللازمة لها بالفعل.

وأكد ذلك محمد كوركان، الذي يعمل في متجر مواد البناء في مدينة إسنيورت بإسطنبول، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، حيث أوضح وجود زيادة بنسبة 5% إلى 10% في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار المدخلات، متوقعاً مزيداً من الارتفاع خلال الفترة القادمة.

وتراوح سعر الطوب بين 20 إلى 30 ليرة للطوبة الواحدة، وبلغ سعر كيس الإسمنت الذي يحوي 50 كيلو 125 ليرة، فيما بلغ سعر طن الحديد 19 إلى 20 ألف ليرة، وسعر لوح الخشب 1650 ليرة.

من جانبه، توقع الرئيس التنفيذي لشركة Bahaş القابضة، عبد الصامت بهادير، في ظل المعطيات التي يعيشها القطاع العقاري في تركيا، أن يتراجع القطاع 30% على الأقل في نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن العقبات التي فرضتها البنوك على الراغبين في شراء وحدات سكنية أدت إلى خفض حصة المرتهنين في المبيعات السكنية من 30% إلى 20%.

المساهمون