ارتفاع الأجور يزعج الفيدرالي الأميركي.. وباول يحذر من آلام في الطريق

27 اغسطس 2022
مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (Getty)
+ الخط -

جدد جيروم باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي تعهده بمحاربة التضخم الأعلى في البلاد منذ أكثر من أربعين عاماً، مشيراً إلى أنه لن يطمئن بشهر أو شهرين من تراجع الأسعار، ومحذراً من تسبب اضطراره ورفاقه في البنك للإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة لبعض الوقت في بعض الآلام للأميركيين، بسبب ما قد ينتج عن ذلك من تباطؤ الاقتصاد. 

وفي اجتماع البنوك المركزية السنوي في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية، الذي انتظره المستثمرون على أحر من الجمر، أشار باول إلى تسبب ارتفاع الأجور في الإبقاء على معدل التضخم بعيداً عن مستهدفه المقدر باثنين بالمائة، إلا أنه أكد استعداد البنك لاستخدام كافة الأدوات المتاحة له من أجل تحقيق الهبوط الآمن للاقتصاد. وقال باول إن معدلات الفائدة الحالية، على ارتفاعها النسبي مقارنة بالفترات السابقة، "مازالت في منطقة محايدة، لا تحفز ولا تقيد النشاط الاقتصادي". 

وعلى مدار الأيام العشرة الأخيرة، ومنذ نشر تفاصيل محضر اجتماع شهر يوليو / تموز للبنك الفيدرالي، تراجعت أسعار الأسهم الأميركية، باستثناءاتٍ محدودة، وشهدت أول خسارة أسبوعية في أكثر من شهر، وتبعتها خسارة أسبوعية ثانية بعد خطاب باول، لتظهر بوضوح توجس المستثمرين من الخطوات القادمة لبنكٍ فيدرالي وصفه الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان بالأقل مصداقية منذ فترة السبعينيات، وأكد أن ذلك "ليس جيداً للاقتصاد ولا للاستقرار المالي".  

نمو الأجور

وعلى الرغم من أن أحدث بيانات لأسعار المستهلكين والمنتجين قدمت إشارات جديدة تدعم فكرة تراجع التضخم الأميركي وتظهر انكماش الاقتصاد الأميركي في الربع الثاني أقل مما أعلن من قبل، إلا أن مؤشراً واحداً بقي على توهجه، وهو الخاص بمعدل نمو الأجور في سوق عمل تتميز بصلابةٍ غير مشهودة منذ ما يقرب من نصف قرن، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول الدور الذي تلعبه الأجور في الإبقاء على معدل تضخم بهذا الارتفاع، وعن الكيفية التي يمكن أن يتعامل بها البنك معه. 

وبينما حملت بيانات الوظائف الأخيرة جزءاً إيجابياً لما أظهرته من إمكانية تجنب الاقتصاد الدخول في ركود، يبقى السيناريو الأسوأ هو استمرار الدائرة المفرغة من ارتفاع الأجور والأسعار التي طالما حذر منها الاقتصاديون، وحملها البعض مسؤولية استمرار التضخم المرتفع، متجاوزاً توقعات البنك الفيدرالي عند بداية الأزمة. 

وقبل تقرير الوظائف الشهري الأخير، أظهر مؤشر تكلفة التوظيف، الذي يراقبه البنك الفيدرالي عن كثب، ارتفاعاً فصلياً بنسبة 1.3% تزامناً مع ارتفاع الأجور بنسبة 1.4%، وهو ما يبدو أنه أقلق مسؤولي البنك. وتقول كيم روبرت، المدير الإداري في شركة أكشن إيكونوميكس المختصة بتحليل الأسواق: "لقد أدركوا دوامة ارتفاع الأسعار والأجور التي تسببت في الارتفاعات المتتالية لمعدل التضخم، وهذا الأمر أثر عليهم، وهددهم، وأدى إلى توترهم، حتى مع بدء التضخم في السير في الاتجاه الصحيح".

أسعار الفائدة

ورفع البنك الفيدرالي معدلات الفائدة هذا العام بأسرع وتيرة منذ الثمانينيات، وأظهر محضر اجتماع السياسة النقدية الأخير أن المسؤولين رأوا الاقتصاد عرضة لخطرين متعارضين، الأمر الذي وضعهم في حيرة بخصوص كيفية وتوقيت البدء في إبطاء رفع الفائدة. 

وتعلق الخطر الأول، الذي رأوه أكثر إلحاحاً في التعامل معه، باحتمالية اضطرارهم لرفع معدلات الفائدة أكثر مما هو متوقع حالياً، إذا انتشرت ضغوط الأسعار على نطاق أوسع في الاقتصاد.

وعلى الجانب الآخر، أقر المسؤولون، للمرة الأولى، بأنهم قد يرفعون تكاليف الاقتراض أكثر من اللازم، وهو الخطر الآخر، مما يتسبب في ضعف اقتصادي لا مبرر له، فيما يعرفه الاقتصاديون بالركود، بسبب الفجوة الزمنية بين وقت ارتفاع تكاليف الاقتراض والوقت الذي ينعكس فيه ذلك على النشاط الاقتصادي، وهو ما يبدو أن البنك اعتبره الخطر المؤجل حتى الآن. 

وفي كلمته يوم الجمعة، أشار باول إلى أن خطوات البنك الفيدرالي لإبطاء معدل الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي والتوظيف ستؤدي إلى خفض التضخم، وأن هذا قد يجلب أيضًا بعض الألم للأسر والشركات، إلا أنه أكد أن "هذه هي التكاليف المؤسفة لخفض التضخم، والفشل في استعادة استقرار الأسعار سيعني ألمًا أكبر بكثير".

وفي لقاء مع محطة سي إن بي سي الإخبارية المعنية بالاقتصاد وأسواق المال، قالت جيفيري روتش، كبير الاقتصاديين لدى ال بي ال فاينانشيال لإدارة الاستثمارات إن "باول يؤكد في هذه اللحظة أن محاربة التضخم لها أولوية حالياً عن مساعدة الاقتصاد على النمو".

المساهمون