شهدت أسعار مبيعات العقارات في تركيا ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، خاصة في إسطنبول، وذلك تزامناً مع انخفاض قيمة الليرة التركية وارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى 19.89 في المائة، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورصدت دراسة أجراها مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في جامعة بهجة شهير بالتعاون مع موقع "sahibinden" وهو أحد مواقع مبيعات العقارات المحلية الشهيرة، مواصلة صعود الأسعار خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكشفت الدراسة عن تنامي أسعار المبيعات في تركيا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، حيث تمثلت الثلاث مقاطعات الرئيسية الأكثر ارتفاعاً في إسطنبول التي جاءت في الصدارة بنسبة 50.3 في المائة، تلتها أنقرة بنسبة 39.5 في المائة، ومن ثم أزمير بنسبة 34.6 في المائة.
وتناولت الدراسة بيانات تفصيلية عن معدلات زيادة أسعار المبيعات في أحياء إسطنبول، والتي أظهرت أن أعلى زيادة كانت في حي كاديكوي والتي بلغت 95.3 في المائة، بينما كانت أدنى زيادة في سعر البيع في الفاتح بنسبة 24.5 في المائة.
ولم تجزم الدراسة بأن ارتفاع أسعار المبيعات العقارية هو سبب زيادة أسعار الإيجارات، ولكنها رصدت ارتفاعاً في أسعار الإيجارات، حيث بلغ معدل الزيادة السنوية خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي في إسطنبول 70 في المائة، بينما في أنقرة 40.8 في المائة، وفي أزمير 46.1 في المائة.
ويرى أنيل أوزديمير، مدير المبيعات في شركة "يني ايفم"، أن ارتفاع الأسعار الحاصل الآن في إسطنبول مبالغ فيه، مضيفاً أن سبب هذا الارتفاع الكبير هو الإقبال الكبير للأجانب بعد جائحة كورونا على شراء العقارات، خاصة في إسطنبول.
وأشار أوزديمير، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن أكثر المناطق التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً داخل إسطنبول هي بيليكدوزو، وساري، ونيشانتاشي، وبيبيك، وبيشيكتاش.
وأوضح أن هذه الزيادة أسهمت في زيادة أرباحه، نظراً لأن الأجانب يشترون بالدولار أو بما يوازيه بالليرة، مشيراً إلى تراجع شراء الأتراك للعقارات نسبياً، وأن ارتفاع أسعار الإيجارات سببه زيادة أسعار المبيعات.
ووفق بيانات هيئة الإحصاء التركية، فقد حققت مبيعات العقارات للأجانب في تركيا نموًّا بنسبة 38 في المائة، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020، وبواقع 43 ألفا و372 عقاراً.
من جهته، قال سيرفت كراتاش، مقاول تركي، إن أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار مبيعات العقارات يعود إلى زيادة أسعار مواد البناء نتيجة ارتفاع الدولار، مشيراً إلى أن أبرز المناطق السكنية التي شهدت ارتفاعاً داخل إسطنبول هي اسنيورت، وبيليك دوزو، وباكر كوي وسيليفري.
وأضاف كراتاش، لـ"العربي الجديد"، أنه يحقق مكاسب كبيرة في العقار الواحد بسبب هذه الزيادة في الأسعار، لكن في المقابل تراجع حجم المبيعات بشكل إجمالي، وبالتالي أصبح الربح السنوي والشهري ليس بالكبير مقارنة بالأعوام السابقة.
وأرجع سبب ارتفاع الإيجارات إلى عدم وجود شقق للإيجار نتيجة امتلاء جميع الشقق المعروضة للإيجار، وبالتالي زادت أسعار الإيجارات بسبب قلة المعروض.
وتشير بعض التقديرات التي نقلتها بعض الصحف التركية إلى أن أسعار العقارات سترتفع، خاصة مع استمرار الطلب رغم ارتفاع الأسعار وانخفاض الليرة، بنسبة ما بين 15 إلى 45 في المائة، خلال الشهرين المقبلين. وذلك بنسب متفاوتة بين كل منطقة وأخرى، ووفقا لطبيعة كل منطقة وطبيعة مقاومتها للزلازل وعمر المبنى، بالإضافة إلى وجود ميول عند المشترين الجدد إلى البيوت ذات الشرفات والبلكونات، خاصة بعد وباء كورونا، وهو الأمر الذي أصبح ملازماً للمشاريع العقارية الجديدة على عكس المعتاد في البيت التركي.
وتجنباً لتلك الأسعار المرتفعة المتوقعة، تنصح الشركات العقارية زبائنها الراغبين في شراء عقارات بأسعار معقولة نسبياً، بالتوجه إلى الأحياء التالية: كوتشوك جكمجه، وبيليك دوزو، وكارتال، وبنديك، وتوزلا، وذلك بدلاً من المناطق المركزية ذات الأسعار العالية.
بدوره، يرى براء بادنجكي، المدير التنفيذي لشركة امتلاك العقارية، إحدى الشركات العربية العاملة في مجال العقارات بإسطنبول، أن ارتفاع أسعار العقارات يعود إلى ارتفاع الطلب وارتفاع تكاليف مواد البناء مثل الإسمنت والحديد. وأشار بادنجكي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن سعر العقارات بدأ في الارتفاع بشكل كبير في شهر يونيو/حزيران 2020، أي بعد انتهاء الإغلاق الأول لكورونا.