ارتفاع أسعار السكر في تركيا يضر أصحاب دكاكين الحلويات

13 اغسطس 2022
الإقبال على الحلويات التي تشتهر بها تركيا تراجع بشكل كبير (محمد عاكف بارلاك/الأناضول)
+ الخط -

ارتفع سعر السكر في تركيا بشكل ملحوظ خلال الشهر الجاري، وهو الأمر الذي انعكس على أغلب السلع المرتبطة به، وذلك عقب نقص المعروض منه في الأسواق ورفع المصانع الخاصة سعر بضائعها المخزنة 6 مرات لتبيعها بأسعار باهظة، ما قد يدفع صانعي الحلوى إلى إغلاق منافذهم.

وصاحب هذه الزيادة قيام المديرية العامة لمصانع السكر، المملوكة للدولة والمنوط بها ضبط أسعار السكر، برفع سعر السكر في منافذ التعاونية الزراعية، التي تبيع المنتجات بأقل الأسعار، لتزيد بعض الأنواع منها بنحو 67% والبعض الآخر بنحو 37%.

وبلغ سعر كيلو السكر في السوق المحلية حوالي 25 ليرة، وارتفع سعر بيع المصنع كيسَ السكر الذي يزن 50 كيلوغراماً من 220-250 ليرة إلى 550 ليرة في مارس/آذار الماضي، ليرتفع مرة أخرى خلال الشهر الجاري 650-750 ليرة ويباع في الأسواق بحوالي 1350 ليرة، (الدولار = نحو 17.74 ليرة).

ويرجع البعض أسباب ارتفاع  السكر إلى خصصة 10 مصانع سكر كانت تابعة لـ(TÜRKŞEKER) الحكومية، من أصل 25 مصنعاً في عام 2018، لتتراجع حصة المؤسسة الحكومية فيما بعد من 65% بين الشركات المنتجة للسكر من البنجر إلى 45% في الوقت الحالي، ما أخرج سيطرة إنتاج السكر من بين أيدي الدولة.

وحالياً ينتج 33 مصنعاً في تركيا السكر من البنجر، بينها 15 مصنعاً تابعة للقطاع العام و12 للقطاع الخاص و6 للتعاونيات.

وفي محاولة من قبل الحكومة لمنع غلاء السكر، لو تفرض في مايو/أيار الماض ضرائب على وارادت 400 ألف طن من بنجر السكر، إلا أنه بالرغم من ذلك، ظلت أسعار السكر ترتفع حتى الشهر الجاري.

تضاؤل الإنتاج

وأرجع فكرت أكينيردم، أستاذ الزراعة في جامعة السلاجقة بمدينة قونية التركية، ارتفاع أسعار السكر إلى أن بنجر السكر لا يُنتج بالشكل الكافي محلياً، فضلاً عن زيادة الاعتماد على البنجر المستورد، مشيراً إلى أنه من الضروري عدم الاكتفاء بالبنجر مصدراً لصناعة السكر، بل يجب تنويع مصادره بالاتجاه إلى الفواكه، والجلوكوز، والفركتوز، واللاكتوز.

وأضاف أكينيردم، في مقال له بموقع PUSULAK، أن المورد الذي يعطي طن البنجر بـ500 ليرة والمصنع الذي يعطي السوق طن السكر بـ7 آلاف ليرة، في حين أنّه يكلف 5 آلاف ليرة، تسببا في كبح الإقبال على سوق السكر الذي كان يشهد نمواً قبل هذه الزيادة الكبيرة، رغم أزمة التضخم التي تشهدها السلع الغذائية.

وأوضح أستاذ الزراعة التركي أنّ تراجع نمو سوق السكر سينعكس على أداء الموردين والمصانع، وبالتالي هم أكبر الخاسرين، مشيراً إلى أن المستهلك أصبح يستقبل طن السكر في الوقت الحالي بين 15-20 ألف ليرة.

ونتجت عن تلك الزيادة في سعر السكر زيادة كبيرة في أسعار الحلويات المختلفة التي تشتهر بها تركيا، ما دفع إحسان إيسن، رئيس غرفة إزمير للحلويات والمعجنات، للقول إنّ صانعي الحلويات تضرروا بشدة من الارتفاعات المتتالية، فضلاً عن عدم قدرتهم على مواكبة ارتفاع تكاليف مدخلات الصناعة.

وحذر إيسن، في حديث لإحدى الصحف التركية، من أنه في حال استمر الأمر على هذا النحو، فإنّ أصحاب دكاكين الحلوى سيضطرون إلى إغلاق منافذهم بعد 6-7 أشهر، هرباً من الصعوبات التي فرضت عليهم بسبب زيادة التكاليف.

محاولات لتخفيف الأعباء

وتسير معدلات التضخم في تركيا باتجاه المنحى الصعودي لتصل، مع نهاية يونيو/حزيران الماضي، إلى 78.6% على أساس سنوي، و4.95% على أساس شهري، وفي ظل تلك الزيادة بالأسعار، سعت الحكومة إلى تخفيف الأعباء على المواطن، ولا سيما الطبقة الدنيا، من خلال رفع الحد الأدنى للمرة الثانية خلال العام الجاري إلى 5500 ليرة.

بدوره، قال علي أويغور، صاحب أحد محال الحلويات في مدينة إسنيورت، إنّ الإقبال على الحلويات تراجع بشكل كبير، لا سيما أنّ شريحة البقلاوة الواحدة أصبحت تكلف 17-18 ليرة، مشيراً إلى أنّ كيلو البقلاوة بالفستق يتراوح بين 250-300 ليرة، وكيلو البقلاوة بالجوز بـ250 ليرة، لذا "لم يعد هناك مشترٍ يقول أريد كيلو من البقلاوة على سبيل المثال".

ويروي أويغور، لـ"العربي الجديد"، أنّ كثيرين من صانعي الحلويات يسعون إلى تغيير بعض مكونات الحلويات للحفاظ على أسعار منتجاتهم من دون زيادة، مثل استبدال الجوز في البقلاوة بالفول السوداني. ويقول إنه ومن يعملون في محيطه في نفس الصناعة، باتوا يصنعون جميع الحلويات بأنفسهم من الألف إلى الياء، بدلاً من شراء بعض المكونات الجاهزة كالسابق.

وأصبح كيلو الكنافة بـ150-170 ليرة، بينما قطعة من التريليتشا، الكيك التركي المشهور، يبلغ سعرها 25-35 ليرة، وملفوف الفستق بـ270 ليرة للكيلو.

وتشير التركية أورجول بهار، وهي ربة منزل، إلى أنّ هذا العام كان مكلفاً للغاية بالنسبة لأسرتها بسبب ارتفاع أسعار أغلب السلع وليس الحلوى فقط، لافتة إلى أنها كانت تشتري نصف الكيلو من البقلاوة في مطلع العام الجاري في حدود 45-50 ليرة.

وأضافت بهار، لـ"العربي الجديد"، أنّ استغلال أيام العطلة لصنع الحلوى بدلاً من شرائها لمواجهة هذا الغلاء "أصبح غير مجدٍ"، بسبب زيادة أسعار السكر فضلاً عن باقي المكونات المستخدمة أيضاً في صناعة الحلوى. 

المساهمون